مخاوف أمنية تشل برنامجا أميركيا لقبول اللاجئين العراقيين

22 ألفا ينتظرون التأشيرة في العراق و3800 في الأردن

TT

شلت مخاوف أمنية متزايدة في الولايات المتحدة عملية هجرة عشرات الآلاف من العراقيين الذين عملوا لصالح الحكومة الأميركية أو في الشركات الأميركية في العراق ويحدوهم الأمل في الانتقال للولايات المتحدة، بحسب مسؤولين أميركيين ومدافعين عن حقوق اللاجئين.

وقد منح برنامج خاص يهدف إلى منح 25.000 تأشيرة سفر لعراقيين عملوا لحساب الحكومة الأميركية، 7.000 تأشيرة فقط منذ بدئه في 2008، حسبما أشار مسؤولون هذا الأسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، من المنتظر أن يمنح برنامج قبول اللاجئين الأميركي، وهو برنامج عالمي يمنح تأشيرات للعراقيين، نحو 6.000 تأشيرة هذا العام، نزولا عن 18.000 تأشيرة في العام الماضي.

وفي توضيح لحالة البطء في إجراءات منح التأشيرات التي يعاني منها نحو 30.000 عراقي، ذكر مدافعون عن حقوق اللاجئين أنه تم منح 50 عراقيا فقط تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة عبر هذه البرامج في أبريل (نيسان) الماضي، مقارنة بآلاف في الأشهر السابقة. ولم يشكك مسؤولون بالسفارة الأميركية في بغداد تم الاتصال بهم هذا الأسبوع في صحة هذه الأرقام، كما لم يقدموا أرقاما أحدث منها.

وقال مسؤولون أميركيون إنه لا توجد خطط لإيقاف عمل أي من البرنامجين، إلا أن المدافعين عن حقوق اللاجئين يشكون من أن الحكومة الأميركية تخلف الوعود التي قطعتها على نفسها أمام هؤلاء الذين خاطروا بحياتهم أثناء الحرب الأميركية في العراق. كما ذكروا أيضا أن الهجمات الانتقامية على العراقيين الذين عملوا لحساب الجيش الأميركي أو كمقاولين ربما تزداد مع انسحاب القوات الأميركية من العراق. وقال كيرك جونسون مؤسس «مشروع القائمة»، الذي يتابع أوضاع العراقيين الذين عملوا لحساب كيانات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، إن البرامج «فاشلة بكل المقاييس». وأضاف: «ثمة العديد من الأماكن المفتوحة غير المستغلة سنويا والتي ما زالت على حالتها بسبب التعقيدات».

وعلى الرغم من أن كثيرا من المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية أعلنوا أن توجيه الاهتمام المستمر لتلك البرامج وتوفر عدد محدود من الموظفين والتسهيلات الآمنة الخاصة بإجراء المقابلات الشخصية عوامل من شأنها أن تؤدي لتأخير منح تأشيرات السفر للعراقيين، إلا أنهم ألقوا بالقدر الأكبر من اللوم على إجراءات تدقيق التأشيرات التي تم سنها في الأشهر الأخيرة من قبل وزارة الأمن الداخلي. وينتهج القائمون على الفحص الآن إجراءات أكثر شمولا تشمل التقصي عن خلفية المتقدمين لطلب تأشيرة سفر والبحث فيما إذا كانت لهم سوابق إجرامية، وإخضاعهم لفحص بدني، بالإضافة إلى فحص معتمد على قواعد بيانات عدة، وفقا لمسؤولين بوزارة الأمن الداخلي على اطلاع بالبرنامج. كما أشار مسؤولون إلى أن هناك إجراءات فحص جديدة «قبل المغادرة» يخضع لها اللاجئون العراقيون قبل وقت قصير من الموعد المحدد لإقلاع طائرتهم إلى الولايات المتحدة، والتي تلتقط معلومات ربما يثبت معها عدم أحقية اللاجئ في الحصول على تأشيرة، وذلك عقب إجراء فحص أولي. وقد أجبرت نتائج بعض إجراءات فحص «ما قبل المغادرة» المسؤولين على إلغاء سفر عدد من العراقيين قبل إقلاع الطائرة متجهة إلى الولايات المتحدة، وفقا لمدافعين عن حقوق اللاجئين ومسؤولين بالسفارة الأميركية.

وقال إريك شوارتز، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة في مقابلة أجريت معه: «ثمة العديد من المشكلات التي تحتاج لحل قبل أن يسمح بقبول سفر أي عراقي إلى الولايات المتحدة ومنحه تأشيرة». وأضاف: «بسبب المشكلات الإضافية التي تظهر على السطح، فإن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت».

وحث شوارتز منتقدي التأخيرات في قبول سفر اللاجئين العراقيين للولايات المتحدة ومنحهم التأشيرات على التحلي بالصبر. وقال: «يجب أن يؤيد المدافعون عن حقوق اللاجئين أيضا اتخاذ إجراءات أمنية مسؤولة».

وفي مايو (أيار) الماضي، أثار مشرعون وخبراء أمنيون تساؤلات جديدة حول إجراءات تأمين التأشيرات، بعد أن تم إلقاء القبض على عراقيين اثنين في ولاية كنتاكي الأميركية بتهم التورط في أعمال إرهابية. واتهم الرجلان، اللذان كانا قد منحا تأشيرتي سفر إلى الولايات المتحدة بموجب برنامج قبول اللاجئين الأميركي، بإرسال مبالغ نقدية ومتفجرات وقنابل إلى العراق لاستخدامها في أعمال إرهابية تستهدف الأميركيين هناك.

واختلف مسؤولون بالإدارة الأميركية في بغداد وواشنطن ومعاونون بالكونغرس ومدافعون عن حقوق اللاجئين حول احتمالات وجود ارتباط مباشر بين القبض على العراقيين في مايو (أيار) وتباطؤ إجراءات منح التأشيرات للعراقيين، غير أن بعضهم أشار إلى أن تطور إجراءات الفحص أسهم في القبض على المتهمين. ومن المقرر أن تعقد لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية التابعة لمجلس الشيوخ جلسة استماع يوم الأربعاء للنظر في أمور متعلقة بتأمين التأشيرات. وعلى الرغم من أنه كان من المزمع عقد جلسة الاستماع قبل إلقاء القبض على المتهمين، فإن معاوني الكونغرس أوضحوا أن المشرعين يحتمل أن يشيروا إليهما بوصفهما من الأمثلة على المخاطر الأمنية المحتملة.

وينتظر نحو 22.000 شخص على الأقل في العراق أن يتم قبول سفرهم إلى الولايات المتحدة من قبل برنامج قبول اللاجئين، بحسب ما ذكره مسؤولون في السفارة الأميركية. وينتظر نحو 3.800 عراقي مقيم في الأردن إجراء مقابلات أمنية نهائية معهم، كما أعرب 8.500 عراقي مقيمين في سوريا عن رغبتهم في السفر إلى الولايات المتحدة. إلا أن الحكومة السورية تحتجز التأشيرات لمسؤولين بوزارة الأمن الداخلي تحتاجهم لإجراء مقابلات هناك، مثلما ذكر مسؤولون أميركيون.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»