كاميرون يبحث عن شكل جديد للعلاقة بين السياسيين والإعلام

رئيس الوزراء البريطاني: انتهى زمن جلسات «الرأس للرأس»

ديفيد كاميرون («رويترز)
TT

عكست تغطية الصحف البريطانية مدى أهمية ووقع خبر تخلي مردوخ عن صفقة «بي سكاي بي» على الرأي العام والسياسيين في بريطانيا، وتعاملت الصحف البريطانية الصادرة أمس الخميس مع أنباء فشل روبرت مردوخ في إحكام قبضته على كامل أسهم مؤسسة «بي سكاي بي» بشكل موسع نقدا وتحليلا وتغطية، تماما كما تعاملت الأحد الماضي مع خبر قرار إغلاق صحيفته «نيوز أوف ذي وورلد» على خلفية تورطها في فضيحة التنصت على الهواتف في بريطانيا.

وكانت الأحزاب الثلاثة الكبرى، وهي «المحافظون» و«الليبراليون» و«العمال»، قد اتفقت وفي خطوة غير مسبوقة على دعم دعوة شركة «نيوز كورب» التي يمتلكها مردوخ للتخلي عن الاندماج باعتبار ذلك «يصب في الصالح العام».

وتحدثت صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز» أمس عن الإحراج الكبير الذي يتعرض له رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خاصة تعيينه لآندي كولسن في السابق كمستشار إعلامي له، وهو المتورط في قضية التنصت. ونقلت الصحيفة مواقف كاميرون التي أبداها خلال جلسة حوارية حول القضية في البرلمان والتي دامت مدتها تسعين دقيقة. وقد أوضح كاميرون خلال إجاباته أن المطلوب الآن ليس أن يغلق السياسيون على أنفسهم وينعزلوا عن العالم، بل يجب أن تبنى علاقة يمكن للسياسيين من خلالها أن يحاولوا ويقنعوا وسائل الإعلام بأنهم يحاولون فعل ما هو صحيح. وبين أنه من الواجب شرح السياسات المتبعة وما يتم القيام به من أجل البلاد. لكنه أشار إلى أن ما سماه بجلسات «الرأس للرأس» أي الانفرادية في الغرف العلوية لمبنى «داونينغ ستريت» قد انتهت. وكان كاميرون قد عقد اجتماعات لم يرد الإفصاح عن مضمونها السنة الماضية، ومنها الاجتماع الذي عقده مع روبرت مردوخ، حسب الصحيفة.

والى جانب قرار أمس الذي تحدثت عنه الـ«فاينانشيال تايمز» كانت الصحف البريطانية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن إعلان كاميرون إطلاق تحقيق آخر حول أخلاقيات مهنة الصحافة وثقافتها، واعترافه بقلة كفاءة اللجنة المسؤولة عن مراقبة الإعلام. وكان كاميرون قد بين أنهم بحاجة «لإعادة نظر كاملة في نظام العمل».

صحيفة «الإندبندنت» تحدثت في صفحتها الأولى عن احتمال أن تسقط الفضيحة الخطط التوسعية الإعلامية لمردوخ في بريطانيا، مدعمة هذا الرأي بتخلي مردوخ عن شراء «بي سكاي بي». كما تحدثت الصحيفة عن إمكانية بيع صحف المجموعة الموجودة في بريطانيا على أثر التراجع الذي شهدته بعد فضيحة التنصت. ونقلت عن «وول ستريت» الأميركية أن المجموعة تتحسس الوضع للتعرف على إمكانية وجود من يشتري الصحف الثلاث «الصن» و«تايمز» و«صنداي تايمز». واعتبرت الصحيفة أن الأزمة أصبحت أكبر بعد مغادرة المسؤول القانوني في «الصن» و«نيوز أوف ذي وورلد» توم كروني، والذي كان قد عمل مع المؤسسة لمدة 26 عاما.

وحسب «الإندبندنت» أيضا فإن كروني كان قد نصح مردوخ وابنه ومسؤولي المجموعة في أوروبا وآسيا في السابق بتسوية سرية مالية لضحايا التنصت. وفي أقواله أمام النواب قال إنه لم يكن لديه علم في السابق بأن قضية التنصت هي أوسع من عمل مراسل واحد ومحقق خاص.

صحيفة «الغارديان» خصصت أمس كامل صفحتها الأولى للخبر. وتحت عنوان «دعونا نلغ كل شيء» نشرت الصحيفة تحقيقا جاء فيه أن مردوخ تنازل عن صفقة «بي سكاي بي» بعد الصرخة التي أحدثتها فضيحة التنصت على الهواتف، وكاميرون يقول إن على الملياردير أن يدلي بشهادته أمام لجنة للتحقيق في الفضيحة.

ومن أهم النقاط التي عرضتها صحيفة «الغارديان» أيضا قول رئيس الوزراء البريطاني إنه ينبغي منع كل من لعب دورا في تلك الفضيحة من أن يكون حاضرا بحال من الأحوال على ساحة الصحافة البريطانية في المستقبل، وذلك «بضرورة عدم السماح لأي متورط في قضايا إعلامية سواء كانت صغيرة أو كبيرة وسواء كان تورطه بشكل مباشر أو غير مباشر، بإدارة مؤسسة إعلامية.. فليس من الضروري محاسبة المتورطين فحسب، بل يجب عدم السماح لهم بأي دور في إدارة مؤسسة إعلامية في البلاد». كما عرضت الصحيفة قراره بضرورة تسجيل المقابلات الصحافية والاجتماعات التي تتم بين الوزراء والمستشارين.

وفي الصفحة الأولى أيضا نقلت بعض المواقف عن جون بريسكوت الذي بين سعادته بسير القضية، وشايس كاري رئيس «نيوز كوربوريشن» الذي بين أنه كان يعتقد أن ضم «بي سكاي بي» لإمبراطورية مردوخ فيه مصلحة مشتركة، لكن تبين أنه في الوضع الحالي «من الصعب تحقيق هذا».

كما عرضت «الغارديان» في مقال داخلي لمراسلها السياسي نيكولاس وات تحدث فيه عن رئيس الوزراء السابق غوردن براون الذي وجه اتهاما قويا حسب الصحيفة للسير غاس أودونيل الذي أوقف خططه في الماضي لفتح تحقيق حول قضية التنصت ونقلت الصحيفة قول براون الغاضب «أنا نادم بعمق لعدم قدرتي على رفض النصيحة وفتح تحقيق قضائي».

صحيفة «الديلي تلغراف» اختارت أن تحتل صورة براون الغاضب وموقفه صفحتها الأولى في عددها الصادر أمس، واستهلت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى غياب رئيس الوزراء البريطاني السابق لعام بأكمله تقريبا عن مجلس العموم، لكنه أمس (في إشارة للأربعاء) وبما وصفته بـ«ظهور نادر»، كسر براون صمته بموقف شديد الحدة والغضب تجاه صحف مردوخ وأعمالها. وتكلم براون بحدة ضد مؤسس الإمبراطورية الإعلامية وأعوانه متهما إياهم بالقيام بإجرام منظم، كما وصف كاميرون والمحافظين بأنهم متعاونون مع مردوخ.

وفي الصحيفة نفسها، اعتبر الصحافي روبرت وينيت أن موقف براون يعتبر انتقاما لنفسه بعدما أفسدت صحيفة «الصن» البريطانية والمملوكة لمردوخ المؤتمر النهائي لحزب العمال منذ سنتين. وفي صفحاتها الداخلية نشرت الصحيفة أيضا مقالا حول قضية مردوخ تحت عنوان «كاميرون يعد بجلب كل المتورطين في القضية وحتى هو شخصيا». ونفت أمس صحيفة «الصن» البريطانية والمملوكة أيضا للإمبراطورية الإعلامية لمردوخ اتهامات رئيس الوزراء السابق غوردن براون لها بحصولها على تقارير طبية خاصة بعائلته. واختارت الصحيفة الشهيرة عنوان «براون مخطئ» ليكون في صدر عددها. وقال براون أول من أمس الأربعاء إن فريق الصحيفة استخدم «أساليب ملتوية» للحصول على تفاصيل الحالة الصحية لابنه فريز عام 2006.

صحيفة «لوموند» الفرنسية وفي عددها الصادر أمس ركزت على تهرب روبرت مردوخ وابنه من الوقوف للاستجواب أمام لجنة التحقيق الإعلامي التي تنظر في القضية.