قادة أكراد يحذرون من إثارة النظام للنعرات الطائفية والقبلية.. بعد مصادمات في الحسكة

قيادي كردي: الشبيحة تهجموا على بعض المحال التجارية الكردية في الحسكة

صورتان مأخوذتان من موقع أغاريت لمظاهرات مناوئة للنظام في الحسكة
TT

شهدت المدن الكردية السورية أول من أمس مصادمات بين موالين للنظام ومناهضين له، على خلفية مقاطعة الأحزاب الكردية للمؤتمر التشاوري الذي عقد في دمشق برعاية نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وإعلان مقاطعتهم لمؤتمر الإنقاذ المزمع عقده في غضون اليومين المقبلين.

وجاء ذلك في وقت حذر فيه قيادي كردي بارز «العرب والمسيحيين في المناطق الكردية من الانجرار إلى مخططات النظام السوري بإثارة النعرات الطائفية والقبلية»، مؤكدا أن «النظام آيل للسقوط وعلى المكونات السورية أن تتحلى بمسؤولياتها الوطنية في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد».

وقال القيادي في المكتب السياسي لحزب اليكيتي الكردي المعارض، عبد الباقي يوسف، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن مظاهرات «احتجاجية سلمية وقعت أول من أمس بمدينة الحسكة، مركز إدارة المناطق الكردية بسوريا، تدخلت القوات الأمنية للتصدي لها، وقام النظام بدفع عناصر من إحدى العشائر العربية، وهي عشيرة الجحيش، للتهجم على بعض المحلات التجارية الكردية في المدينة». وأَضاف: «توجهت هذه العناصر إلى بعض الأحياء الكردية هناك وهاجمت محلات تجارية، وحاولت اقتحام منازل المواطنين بهدف سلبها ونهبها».

ورأى يوسف أن هذه الأحداث تذكر «بالهجمات التي شهدتها المدينة عام 2004 حينما شنت عناصر موالية للنظام، هجمات على بعض الأحياء الكردية وقتلت العديد من الشباب الكرد بالمدينة». وقال إنه «بينما كان الشباب الكرد ينفذون اعتصاما أمام مديرية المنطقة في القامشلي مرددين شعارات وطنية وهتافات تدعو إلى إجراء التغيير وإطلاق سراح النشطاء السياسيين والمعتقلين، هاجمت مجموعة من الشبيحة هؤلاء المعتصمين.. وحدثت اشتباكات بالأيدي بين هؤلاء الشبيحة الذين رفعوا شعارات موالية للنظام وبين الشباب الكردي».

واعتبر القيادي الكردي أن هناك «تحولا خطيرا في سياسات النظام، وخاصة في المناطق الكردية»، وقال: «النظام يحاول استخدام آخر أوراقه من خلال إثارة النعرات الطائفية بين مكونات الشعب السوري، وعليه ندعو الإخوة المسيحيين إلى التنبه لذلك المخطط الرهيب، كما ندعو جميع مكونات الشعب السوري بعدم الانجرار لتلك المحاولات وخاصة ضد إخوانهم الكرد الذين عاشوا معهم منذ تشكيل الدولة السورية بوئام وأخوة وسلام». ولفت القيادي الكردي إلى أن «عناصر الأجهزة الأمنية بالمناطق الكردية تحاول الحصول على (رشوات) من عوائل الشباب الكردي مقابل عدم رفع أسمائهم في تقاريرهم الأمنية، حيث قام في مدينة رأس العين، أحد مساعدي الأمن العسكري المعروفين في المنطقة شعبيا باسم أبو رندة، بفرض إتاوات على عوائل عدد من الشباب الكردي مقابل عدم إدراج أسمائهم بقوائم المطلوبين أمنيا واعتقالهم».

في غضون ذلك، أكد مصدر كردي أنه «على الرغم مما صدر من وعود عن النظام السوري حول التخلي عن النهج القديم في التعامل مع المواطنين والتوجه نحو الإصلاح، تستمر السلطات السورية في ممارسة أساليبها المعهودة ومنها ما يتعلق بقرارات منع السفر». وقال إنه «بعد أيام قليلة من تطمينات نائب رئيس الجمهورية الذي أعلن عن صدور قرار واضح من القيادة يقضي بعدم وضع عقبات غير قانونية في وجه سفر أو عودة أي مواطن سوري إلى وطنه متى شاء، تم يوم أمس (أول من أمس)، وبتوجيه من الأجهزة الأمنية، منع سفر السياسي الكردي عبد الحميد درويش سكرتير الحزب التقدمي الديمقراطي الذي كان ينوي السفر إلى العاصمة الروسية موسكو بقصد المعالجة».

وقال ممثل الحزب في إقليم كردستان العراق علي شمدين في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»: «إننا إذ نعبر عن استنكارنا لاستمرار السلطات في مثل هذه الممارسات التي تتنافى مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، فإننا سنواصل بذل كل جهد ممكن من أجل أن تتجاوز بلادنا هذه الحالة، وندعو جميع المخلصين للتكاتف والتعاون من أجل تحقيق أهداف الشعب السوري في المطالبة بحقه في الحرية والكرامة وبناء الدولة المدنية التي تحترم حقوق الإنسان، وتحرص على تأمين حقوق جميع مواطنيها».

إلى ذلك، أعلن مصدر موثوق في جبهة الأحزاب الكردية الـ11 الفاعلة داخل الساحة السورية عن مقاطعتها لمؤتمر «إنقاذ وطني» يفترض أن يعقد في غضون منتصف الشهر الحالي في دمشق، بعد أن قاطعت تلك الأحزاب ومعها المعارضة السورية عامة المؤتمر التشاوري الذي عقد قبل يومين برعاية نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. وحول نتائج ذلك المؤتمر أكد السياسي الكردي فؤاد عليكو، الموجود حاليا داخل سوريا، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن البلاغ الصادر عن المؤتمر التشاوري «كانت فيه بعض النقاط الإيجابية، ولكن بصورة عامة لاحظنا من خلال ما دار من نقاشات داخل المؤتمر أن النظام ما زال يستخدم أسلوب المناورة».

وبسؤاله أن المؤتمر أقر إجراء تعديل على المادة الثامنة التي تنهي هيمنة حزب البعث على السلطة والمجتمع، قال عليكو: «لم ترد أية إشارة في البيان الختامي حول تلك المادة، جرت هناك نقاشات حولها وكانت نقاشات قيمة، وكان (المعارض) الطيب تيزيني قد أشار بصراحة ووضوح إلى ضرورة معالجة هذا الموضوع وإنهاء تلك الهيمنة، ولكننا في المحصلة نحكم وفق ما صدر عن البيان الختامي الذي خلا من أي إشارة إلى إنهاء الهيمنة البعثية على السلطة والمجتمع».

ودعا القيادي الكردي إلى عقد مؤتمرات بديلة عن المؤتمرات التي يدعو إليها النظام السوري، وقال: «بتصوري يجب أن تكون هناك مؤتمرات تمهيدية بين الكتل السياسية للتشاور والاتفاق على الخطوط العامة، ومن ثم الدعوة لعقد مؤتمر وطني شامل يضم جميع الأطياف السياسية ومكونات الشعب السوري بما فيها الأحزاب الكردية وأطراف إعلان دمشق والإخوان المسلمين وهؤلاء أصبحوا اليوم أطرافا مهمة في المعادلة السياسية بالبلاد لا يمكن تجاوزهم مطلقا».