مجموعة الاتصال الدولية: «خارطة طريق» للإطاحة بالقذافي

وزير الخارجية الإيطالي لـ«الشرق الأوسط»: قطعنا اتصالاتنا السرية مع القذافي * العقيد يصف الاعترافات بـ«التافهة»

صورة جماعية للأعضاء المشاركين في مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا التي عقدت اجتماعها الرابع في إسطنبول أمس (أ.ب)
TT

اعترفت مجموعة الاتصال الدولية من أجل ليبيا بالمجلس الانتقالي الليبي «ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الليبي»، وقررت حصر المفاوضات حول رحيل القذافي بموفد الأمم المتحدة عبد الإله الخطيب الذي سيفوض ببحث «تفاصيل» مغادرة القذافي الحكم، كما أكد وزير الخارجية الإيطالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر الذي استضافته إسطنبول، مشيرا إلى أن إيطاليا «قطعت بالفعل كل قنوات الاتصال الخاصة التي كانت موجودة مع القذافي»، مشددا على أنه «لا تفاوض بعد الآن على موضوع بقاء القذافي في السلطة بعد الاعترافات الدولية المتوالية بالمجلس الانتقالي الليبي ممثلا وحيدا لليبيا واحدة»، مشددا على أن «العملية العسكرية لن تتوقف ضد القذافي حتى رحيله، وأنها ستتزامن مع العملية السياسية التي ستقودها الأمم المتحدة حتى تنجح إحداهما أو كلتاهما في الوصول إلى الغاية المنشودة وهي رحيل القذافي ووحدة الأراضي الليبية».

وقد أعلنت الولايات المتحدة، أمس، اعترافها بالمجلس الانتقالي، بينما قالت مصادر في الوفد الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «إن واشنطن تأسف لغياب الصين وروسيا عن الاجتماع على الرغم من دعوتهما لحضوره»، مشيرة إلى أنها تعمل على «إقناعهما بالانخراط في عمل المجموعة الدولية من منطلق الحرص على أن ينال الشعب الليبي حقوقه المشروعة». وقال المصدر: «إن روسيا شاركت بالفعل في القرارات الدولية التي اتخذت في مجلس الأمن ومهدت للعملية العسكرية، وإنها مقتنعة مثلنا بضرورة رحيل القذافي، وإذا كانت لديها ملاحظات فنحن مستعدون لمناقشتها»، موضحة أن الاتصالات الأميركية مستمرة مع المبعوث الروسي الخاص لليبيا ميخائيل مارغيلوف، مشيرة إلى أن هذا الملف كان موضع بحث في أكثر من اتصال بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف.

وتمهد خطوة الاعتراف الأميركي بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا كحكومة شرعية للبلاد للإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية المجمدة. وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع أيضا على خارطة طريق تقضي بتخلي العقيد الليبي معمر القذافي عن السلطة وتضع خططا لانتقال ليبيا إلى الديمقراطية تحت لواء المجلس الوطني الانتقالي. وقالت كلينتون في تصريحات جرى إعدادها سلفا: «ستعترف الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي كسلطة شرعية حاكمة لليبيا وسنتعامل معه على هذا الأساس إلى أن يجري تنصيب سلطة مؤقتة».

كانت قد انطلقت في إسطنبول، أمس، أعمال الاجتماع الرابع لمجموعة الاتصال حول ليبيا برئاسة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وبمشاركة أكثر من 27 دولة ومؤسسة دولية و12 وزير خارجية من بينهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن وممثلو جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وفي بداية الاجتماع ألقى وزير الخارجية التركي كلمة أكد فيها أهمية بذل المزيد من الجهد في هذا الاجتماع لإنهاء الأزمة الحالية في ليبيا والبدء بإعمارها. وقال: «علينا مواصلة الضغط على النظام في طرابلس بالتوافق مع قراري مجلس الأمن الدولي لإطلاق عملية انتقالية بهدف ضمان إطار سياسي جديد موثوق، ويتجاوب مع مطالب الشعب الليبي المشروعة». وشدد على أن الليبيين بحاجة لأموال قبل قدوم شهر رمضان، وقال إن على أعضاء مجموعة الاتصال حول ليبيا الإفراج، على الأقل، عن جزء من الأصول الليبية المجمدة فيها من أجل تأمين مساعدة بقيمة 3 ملايين دولار لتأمين الاحتياجات التي طلبها المجلس الانتقالي الليبي، معلنا أن بلاده فتحت خط ائتمان بقيمة 200 مليون دولار، مشددا على ضرورة تأمين هذه المبالغ قبل شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال صرف الأموال الليبية المجمدة في بعض الدول، معتبرا أن على الجهود الدولية أن تنسق مع المجلس الانتقالي الليبي المعارض.

وجدد أوغلو الدعم القوي لمبعوث أمين عام الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عبد الإله الخطيب، وقال: «إنه سيقود الجهود لوضع أسس العملية الانتقالية.. وإن دعم مجموعة الاتصال للخطيب سيقويه بعمله هناك».

ثم ألقى وزير الخارجية الإماراتي كلمة شدد فيها على «ضرورة توحيد جهود المجموعة الدولية للمحافظة على التقدم الحاصل في الاجتماعات السابقة، بما يسهل أعمال الاجتماع المقبل». وقال: «يأتي التزامنا بالمشاركة في الجهود الدولية المبذولة تجاه الشعب الليبي الذي يمثل التزاما صادقا من المجتمع الدولي في التعاطي مع الأزمة الليبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن لتأمين حماية الشعب الليبي مع الحفاظ على أمانيهم وطموحاتهم الشرعية في الحرية والعيش الكريم، وذلك من خلال استمرارنا في الالتزام بتطبيق قراري مجلس الأمن 1970 و1973 اللذين يترتب عليهما المواصلة في تقديم الدعم الإنساني للشعب الليبي الشقيق»، مشيرا إلى أن الاعترافات المتتالية من المجموعة الدولية ومن بينها دولة الإمارات بالمجلس الوطني الانتقالي تعتبر من أهم الإنجازات التي حققتها المجموعة، معلنا نية الإمارات افتتاح مكتب تمثيلي مؤقت في بنغازي.

وأكد أن استمرار وجود نظام القذافي في السلطة يؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا، داعيا إلى ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على النظام لمغادرة السلطة فورا.. وقال: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تشدد على الدور الذي يجب أن تلعبه الأطراف الدولية الآن، وهو التحضير الفعال والتنسيق لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في ليبيا».

من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أن الموفد الدولي عبد الإله الخطيب سيخول صلاحية طرح شروط على معمر القذافي لاعتزال الحكم في إطار صفقة تشمل أيضا وقفا لإطلاق النار. بينما أوضح وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أنه سيتم تكثيف النشاط العسكري ضد النظام الليبي طالما استمرت مهمة المبعوث الأممي. أما وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه فقد أعلن عن الاتفاق على خارطة طريق يتنحى بموجبها العقيد الليبي معمر القذافي عن الحكم ويتخلى عن جميع المسؤوليات العسكرية كما تدعو إلى وقف إطلاق النار، وقال جوبيه إن العمليات العسكرية ستستمر خلال شهر رمضان ما لم يتم الاتفاق على هدنة.

في نهاية الاجتماع عقد الوزيران التركي والإماراتي مؤتمرا صحافيا مشتركا، قال فيه داود أوغلو إن اجتماع مجموعة الاتصال حول ليبيا الذي عقد في إسطنبول «طرح موضوع مرحلة ما بعد نهاية النظام الحالي في ليبيا وتحقيق الاستقرار في هذا البلد وهذا يعود للشعب الليبي». وقال: «يجب أن يكون هناك حل طارئ للأزمة الليبية، لتعود ليبيا وتحتل دورها بعد ذلك»، مؤكدا أن «الاجتماع كان مفصلا أساسيا في الأزمة وسيؤدي إلى السلم الذي نسعى إليه جميعا»، وشدد على «وجوب تغطية احتياجات المجتمع الليبي»، وقال: «لذلك نحن في تركيا سنقدم مليوني دولار كمنحة، وقطر تعهدت بمبلغ مماثل، وما فعلناه سيكون مثالا للدول الأخرى، فلا بد من تقديم المساعدات وتأسيس صندوق مالي قبل شهر رمضان (في أغسطس - آب المقبل)، وسوف تسعى جميع مؤسساتنا لتلبية احتياجات المجتمع الليبي».

بينما أعلن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن «الاجتماع حقق خطوة في دعم الشعب الليبي، من خلال قبول المجتمع الدولي بالمجلس الانتقالي»، مؤكدا «الالتزام بإخراج المجتمع الليبي من أزمته»، وتساءل: «لماذا نحن هنا؟ لأن القذافي قرر أن يفني شعبه واستخدم الطائرات والمدفعية ضد شعبه، وجلب مرتزقة لقتال أبناء شعبه»، وقال: «كفى ما عاناه الشعب الليبي من ظلم، ولا بد من إعطاء الليبيين فرصة لبناء بلدهم».

إلى ذلك، رفض القذافي اعتراف الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية بالمجلس الانتقالي، كممثل شرعي لحكومة بلاده.

وفي رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي، خاطب القذافي عشرات الآلاف من المؤيدين في بلدة زليتن، الذين تجمعوا في مظاهرة نقلها التلفزيون، ودعا القذافي مؤيديه إلى أن يدوسوا على هذه الاعترافات بأقدامهم وقال إنها تافهة. وأضاف: «قراراتهم.. محاضر اجتماعاتهم.. اعترافاتهم.. تصريحاتهم.. كلها الآن تحت أقدامكم.. دوسوا عليها».