اليمن: العنف يشتد في تعز ويحصد 10 أشخاص بينهم مسؤول أمني

ناطق باسم شباب الثورة لـ«الشرق الأوسط»: الأمن يقتل المدنيين.. والمسيرات ستتواصل حتى تحقيق أهداف الثورة

مؤيدون للرئيس اليمني علي عبد الله صالح يقفون أمام صورته (يسار) وصورة نائبه منصور هادي (يمين) في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

اشتدت حدة المواجهات في محافظة تعز اليمنية بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين المؤيدين للثورة؛ حيث سقط أمس قتلى وجرحى، في وقت تواصلت فيه الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام والأخرى المؤيدة له. وسقط 7 قتلى في قصف لقوات الحرس الجمهوري على بعض أحياء مدينة تعز، وأسفر القصف عن تدمير عدد من المنازل، كما قتل مدير أمن مديرية «شرعب الرونة» واثنان من مرافقيه في كمين نصبه له مسلحون مجهولون، وذكرت مصادر محلية أن منزل العميد الركن صادق المخلافي، أحد الضباط المؤيدين للثورة، تعرض للقصف، وأن نجله قُتل في الحادث. وأفاد عمر عبد السلام الحميري، أحد شباب الثورة في تعز، بأن «منزل العميد الركن صادق علي فرحان المخلافي قد تم قصفه من قبل القوات الموالية للرئيس اليمني، مما أسفر عن استشهاد نجل القائد العسكري من الفرقة الأولى مدرع المؤيدة للثورة»، وأكد الحميري أن «6 آخرين قُتلوا في ساحة الحرية وغيرها من المناطق في المحافظة إثر إطلاق نار على الساحة، وأن ما لا يقل عن 30 من المعتصمين قد أصيبوا بجروح مختلفة، وأن المصابين قد تم نقلهم إلى بعض المستشفيات الخاصة في حي الروضة الذي يتعرض للقصف اليومي نظرا لوجود منزل الزعيم القبلي الشيخ حمود المخلافي المؤيد للثورة مع عدد من المسلحين القبليين في هذا الحي». وأضاف الحميري: «إن أغلب القتلى هم من المدنيين، وإن اثنين منهم من الأطفال، وإن قوى الأمن في المحافظة تتحمل كامل المسؤولية في قتل الأطفال والمدنيين». وأضاف الحميري أنه «يتم الإعداد لمسيرة كبيرة ستتجه إلى مقر النيابة للمطالبة بالتوجيه باعتقال مدير أمن تعز، عبد الله قيران، الذي يتهم بقتل مدنيين في المحافظة». وقد أكدت مصادر قبلية وشهود عيان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن، أمس الجمعة، أن قوات الحرس الجمهوري قصفت بشكل عشوائي الأحياء الشمالية لمدينة تعز جنوب صنعاء، وذلك في أعقاب ساعات من الاشتباكات العنيفة مع مسلحين قبليين معارضين. وذكر شهود عيان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، في لندن، أن قصفا متقطعا طال، صباح أمس، حي الروضة جوار مدرسة زيد الموشكي وحي عصيفرة، كما تم استهداف عدد من القرى القريبة من مدينة تعز حيث يتسلل المسلحون القبليون المؤيدون للثورة من هذه القرى إلى داخل المدينة لمواجهة قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي. وفي شمال البلاد، واصلت قوات الحرس الجمهوري قصف قرى قبائل أرحب المؤيدة للثورة، وأشارت المعلومات إلى سقوط قتيل واحد، على الأقل، إضافة إلى تدمير عدد من المزارع، وقد حملت قبائل المنطقة قائد اللواء العسكري 62 المرابط في المنطقة، المسؤولية الكاملة عن حوادث القتل والاعتقال وتخريب الأراضي الزراعية.

تأتي هذه التطورات الأمنية، في وقت تستمر فيه الاحتجاجات في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة بما يسمى «الحسم الثوري» وبتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد ولرفض «الوصاية الخارجية على الثورة اليمنية»؛ حيث خرج، أمس، مئات الآلاف للتظاهر في «جمعة الدولة المدنية»، في صنعاء وصعدة وحجة وتعز والحديدة وغيرها من المحافظات، وأكدوا ضرورة تلبية مطالب الثورة وضمنها إنشاء دولة مدنية في اليمن.

في المقابل، احتشد الآلاف من أنصار الرئيس علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء فيما أطلق عليها «جمعة الامتنان والعرفان لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وللشعب السعودي»، وذلك إزاء مواقف المملكة مع اليمن وقيامها بعلاج الرئيس علي عبد الله صالح وكبار رجال الدولة اليمنية من الإصابات التي لحقت بهم في حادث التفجير الذي تعرضوا له في 3 يونيو (حزيران) الماضي، الذي قُتل فيه 10 من الحرس الشخصي لصالح وأحد المسؤولين اليمنيين عندما وقع الانفجار في «جامع النهدين» داخل القصر الرئاسي بصنعاء.

وعقب الظهور الإعلامي للرئيس علي عبد الله صالح، الأسبوع الماضي، تحدثت مصادر في صنعاء عن أنه سيعود إلى البلاد غدا الأحد، بالتزامن مع ذكرى مرور 33 عاما على توليه مقاليد الحكم فيما كان يعرف بـ«الجمهورية العربية اليمنية» أو «الشطر الشمالي» من اليمن.

كان مستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي ومحاربة الإرهاب، جون برينان، قد أبلغ المعارضة اليمنية في تكتل «اللقاء المشترك»، خلال زيارته لصنعاء الأسبوع الماضي، أن الرئيس صالح مصمم على العودة إلى اليمن ومتمسك بالبقاء في منصبه حتى نهاية ولايته الرئاسية في 2013.

وعلى الرغم من الزخم الذي حظيت به الثورة أو الاحتجاجات في اليمن، فإنها انعكست بصورة سلبية على حياة المواطنين؛ فاليمنيون يعيشون من دون كهرباء، تقريبا، إضافة إلى انعدام البنزين وجميع المشتقات النفطية من الأسواق، الأمر الذي أصاب الحياة بالشلل وانعكس على المواطنين في صورة موجة غلاء غير مسبوقة، لمختلف أنواع السلع والخدمات.

وفي العاصمة صنعاء، وعلى الرغم من المواجهات التي دارت مؤخرا بين قوات صالح ومسلحي زعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر، التي توقفت في ضوء هدنة، فإن الحياة لم ترجع إلى طبيعتها، وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه الكثيرون أنه ستتم إزالة مظاهر التوتر، فإن أجواء المواجهات ما زالت تخيم على سكان صنعاء؛ حيث لوحظ توسع القوات العسكرية الموالية للرئيس صالح في قطع الطرقات في كثير من المناطق والأحياء التي تسيطر عليها، كما لوحظت زيادة في حفر الخنادق وبناء المتاريس، سواء من قبل قوات صالح أو مسلحي الشيخ الأحمر وكذا من قبل القوات العسكرية المؤيدة للثورة، هذا عوضا عن انتشار مسلحين مدنيين في معظم الأحياء.