عصام العريان: ضغوط الأميركيين لإبقاء المجلس العسكري لن تفلح ورغبتهم في الاتصال بنا إقرار بالأمر الواقع

نائب رئيس حزب الإخوان لـ «الشرق الأوسط»: يجب أن يشارك أدباء وفنانون وكتاب ورجال ونساء ومسلمون ومسيحيون في كتابة الدستور

عصام العريان (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

طالب الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، المجلس العسكري (الحاكم) بالإفصاح عن الضغوط الخارجية لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه في مصر، مؤكدا أن هذه الضغوط فاشلة مدللا على ذلك بإعلان الإدارة الأميركية رغبتها في استئناف الاتصالات بالجماعة، وهو ما اعتبره «استسلاما للأمر الواقع».

وهاجم العريان في حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة بعض القيادات الليبرالية والقوى الثورية، قائلا إن «بعض الثوار ما زالوا يفكرون بعقلية حسني مبارك الرئيس المصري السابق، فهم أزاحوا مبارك ويرغبون في أن يكونوا مبارك».

وأبدى العريان دهشته من إلحاح الدبلوماسيين الغربيين الذين توافدوا إلى مقر حزب الحرية والعدالة على قضايا حقوق الأقليات والمرأة، وقال إنه «من الغريب أن الموضوعات الجوهرية كالديمقراطية والحياة السياسية والوضع الاقتصادي كانت تمر سريعا، نحن نقول لهم إن حقوق الأقليات والمرأة محفوظة بحماية المجتمع المصري، والشريعة الإسلامية نفسها».

ورفض العريان مطالبات القوى السياسية بوضع بإعلان دستوري جديد، مشيرا إلى أن حزب الحرية والعدالة ضد فرض الالتزام بالقوة من أعلى، وقال إنه «من الغريب جدا أن من يقولون بالديمقراطية ويتخوفون على الدولة المدنية من القوى الظلامية هم من ينادون ببقاء المجلس العسكري في الحكم.. هم من يريدون أن يفرضوا على الشعب إرادة دون تفويض.. يرغبون في أن يكونوا في الوزارة دون تفويض»، وإلى نص الحوار..

* تهيمن مشاورات الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري لتشكيل حكومة جديدة على الواقع السياسي الراهن.. هل طلب شرف من حزب الحرية والعدالة المشاركة في حكومة ائتلاف؟

- لا لم يطلب الدكتور شرف أن نشارك في الحكومة، طلب أسماء وترشيحات، وعندما رشحنا لم نرشح أحدا من الإخوان، والدكتور شرف يستعين بكل الائتلافات والأحزاب لتقديم مقترحات بأسماء لتولي الحقائب الوزارية، وأعتقد أن الكل بادر.. ونحن كحزب ليس لنا مطمع الآن في الوزارة، ونسعى لكي تمر البلاد بهذه المرحلة الانتقالية برجال يستطيعون تحمل أعباء الشهور القادمة، ونعتقد أن الحكومة القادمة ستشكل وفق معايير ديمقراطية وغالبا ستكون وزارة تكنوقراط، أما الوزارة التي ستعقب إجراء الانتخابات «البرلمانية» فستكون وزارة ائتلاف أو وزارة وحدة وطنية، لأن أعباء المرحلة تقتضي ذلك.

* هل لنا أن نعرف أسماء الوزراء الذين اقترحهم حزب الحرية والعدالة؟

- حقيقة لا.. لأن قائمة طويلة عرضت علينا من فروعنا في المحافظات وحملت أسماء بعضها لا يصلح.. لكننا أمام تغيير وزراي سيشمل نصف الوزارة تقريبا.. نحو 13 وزيرا، هناك وزارات مهمة وخطيرة وهذه محل اهتمام، وهناك وزارات أقل أهمية، واعتقد أنه لا يوجد صراع على المناصب فالجميع يهرب من المسؤولية.

* بالمناسبة.. حين خاطبكم رئيس الوزراء هل خاطب الجماعة أم حزب الجماعة؟

- خاطب الاثنين في الحقيقية.. حتى الآن يحدث توجه للمؤسستين، الجماعة، والحرية والعدالة كحزب سياسي، وأيضا كجزء من التحالف الديمقراطي (تحالف يضم نحو 26 فصيلا سياسيا على رأسهم حزب الإخوان وحزب الوفد الليبرالي) الذي نسعى لأن يلعب دورا رئيسيا في خريطة الحياة السياسية في الخمس أو العشر سنوات المقبلة.

* لكن القوى السياسية التي دعت لاعتصام ميدان التحرير وعدد من المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية اجتمعوا بهدف وضع تصور لحكومة إنقاذ وطني.. هل أنت ضد هذا الطرح؟

- شكل الحكومة يحدده المهام المطلوبة منها.. ومهمة هذه الحكومة الإعداد للانتخابات القادمة. وهي تشترك في هذه المهمة مع المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد، والمهمة الثانية هي علاج المشكلات الملحة.. على رأس هذه القضايا رعاية أسر الشهداء والمصابين، وضبط الانفلات الأمني، وإدارة عجلة الاقتصاد حتى لا تحدث أي انهيارات اقتصادية، سواء في البورصة أو مواقع العمل والإنتاج.. الحكومة السياسية تأتي في إطار انتخابات لعلاج مشكلات تراكمت على مدار سنوات ولا تأتي لعلاج مشكلات عاجلة.

* البعض قد يرى أن الإخوان لا يرغبون في المشاركة في الحكومة في هذه اللحظة الدقيقة لكي لا ينعكس هذا سلبا على فرصهم في الانتخابات البرلمانية.. كيف ترى الأمر؟

- كحزب لم نتخلَ عن دورنا على الإطلاق.. لكننا نُصر على الجدول الزمني الموضوع في الإعلان الدستوري المبني على الاستفتاء.. ونرى أن أي حكومة الآن يجب أن تكون حكومة مؤقتة.. فتولي السياسيين لحكومة مؤقتة أمر غير مجدٍ، لأن السياسي يأتي برؤية ويحتاج إلى الوقت لتنفيذها، ثم يحكم عليه الشارع، لكننا أمام حكومة ستستمر من أربعة إلى خمسة أشهر.

* لا نتحدث هنا عن حكومة حزب وإنما حكومة ائتلاف وطني تعبر المرحلة الانتقالية وتسعى لتحقيق التوافق على القضايا الرئيسية.

- هذا اختلاف في وجهات النظر نتيجة اختلاف رؤية من يتقدمون بالاقتراحات، ونحن كحزب نرى أن الجدول الزمني الموضوع (المنصوص عليه بالإعلان الدستوري) كفيل بإخراج البلاد من أزمتها السياسية، الآخرون يرون أنه من الممكن بقاء الوضع على ما هو عليه، ويتهموننا بأننا من نريد السلطة، بينما الواضح من إصرارهم على حكومة سياسية أنهم يسعون أن يكونوا في الحكومة وهذا يدل على الخلفية التي يتحدثون من خلالها، وحين يتحدثون أيضا عن «الدستور أولا» (قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية وهو ما يخالف الإعلان الدستوري) ومجلس رئاسي مدني، يريدون أن يكونوا في المجلس الرئاسي.. أي يريدون أن يتسلموا السلطة دون تفويض من الشعب.. وهذا خطير جدا ومعناه الانقلاب على الديمقراطية والإبقاء على نظام حسني مبارك (الرئيس المصري السابق) بصورة أخرى. بعض الثوار يفكرون بالعقلية المباركية (نسبة لمبارك)، أزاحوا مبارك ويرغبون في أن يكونوا هم مبارك، وهذا ما يرفضه الشعب المصري لأنه يرغب في تغيير النظام.

* في تقديرك أين يكمن الخلل في إدارة المرحلة الانتقالية؟ وفي أداء حكومة الدكتور عصام شرف؟

- الخلل في البطء.

* فقط؟

- أعتقد أن هذا هو أكثر ما أزعج المصريين.. والشعار المرفوع أنه تباطؤ يصل لحد التواطؤ.. أنا لا أسميه تباطؤا لأن في هذا حكم على النيات.. لكن البطء هو السمة.

* هذا التشخيص ربما يتجاهل ملاحظات القوى السياسية الأخرى على أداء حكومة شرف.. مثلا إصدار القوانين دون العودة للقوى السياسية؟

- من كان وراء هذا الأمر.. كان وراءه نائب رئيس الوزراء (الدكتور يحيى الجمل) الفقيه القانوني الدستوري.. وهذا ما أثار غضبا شديدا جدا تجاه نائب رئيس الوزراء، مما اضطره لتقديم استقالته قبل أن يحدث التعديل الوزاري.. وهذه مشكلة كل الثورات، إنهم يستعينون بمستشارين قانونيين أول ما يفعلونه هو أن يزينوا لهم الإمساك بالسلطة والحفاظ عليها، هذه أجواء ما بعد ثورة 23 يوليو 1952.. وقد قرأت في الصحف نقلا عن مقربين من الدكتور الجمل أنني السبب في استقالته وهذا كلام غير صحيح.

* لكن البعض قرأ بالفعل قبول استقالة نائب رئيس الوزراء على أنه ترضية لجماعة الإخوان المسلمين التي لم ترض عن أدائه وانسحبت من الحوار الذي تولاه.. هل هذا صحيح؟

- لا.. كان هذا إرضاء للميدان (ميدان التحرير).. لم نطالب كإخوان بإقالته (الجمل).

* لكنكم وقفتم ضده..

- نعم اعترضنا، لكننا لم نطالب بإقالته.. من طالب بإقالته الميدان والهتافات كانت ضده.

* المثير للانتباه هو أن الدكتور يحيى الجمل تقدم باستقالته دون انتظار التعديل الوزاري..

- المشكلة هي هل يكون القانون في خدمة السياسة أم أن السياسة هي التي توجه القانون.. نحن أمام معضلة قديمة في مصر فمع الأسف الشديد، القانونيون دائما يكرسون سلطة من يملك السلطة.

* وكيف قرأت بيان المجلس العسكري الذي أشار إلى نية المجلس إصدار إعلان دستوري جديد يشمل ضمانات دستورية وضوابط لاختيار الجمعية التأسيسية؟

- أعتقد أن مصر ليست في حاجة لإعلان دستوري جديد، نحن في توافق مع القوى السياسية في التحالف الديمقراطي، وقد سعينا لإنجاز وثيقة ضمانات التحالف وتصور لقانون مجلس الشعب وما زلنا مصممين عليه وبدأنا في اجتماع للاتفاق على وضع معايير لتكوين الجمعية التأسيسية (التي ستتولى وضع الدستور الجديد.. وتنتخب من البرلمان) التي يجب أن تضم أعضاء من خارج البرلمان.. يجب أن تمثل الجمعية أطياف المجتمع كله، أدباء وفنانين وكتابا، رجالا ونساء ومسلمين ومسيحيين، ولا يجوز أن يحتكر القانونيون وضع الدستور.

* وما وجه الاعتراض على قرار المجلس العسكري إذا كنتم تتفقون على ضرورة وضع هذه الضوابط؟

- الاعتراض أنه لا سيادة فوق سيادة الشعب.. الشعب عبر ممثليه هو صاحب السيادة ولا يجوز أن تقيد حريته بأي قيد.. والقوى السياسية حينما تقرر أن تلزم نفسها بضوابط فإذا حازت الأغلبية تلتزم بها، لكن أن تأتيها هذه الضوابط من قوة أعلى فهذا شيء لا يجوز.

* وكيف يترجم هذا الاعتراض على أرض الواقع؟

- يترجم على الأرض بأن نقول للمجلس العسكري وللمصريين إن الهدف واحد لكن الطريق إليه يجب أن يكون ديمقراطيا.. لأننا غيرنا نظاما ديكتاتوريا ولا نريد أن نستبدل به «نظاما ديكتاتوريا آخر». ومن الغريب جدا أن من يقولون بالديمقراطية ويتخوفون على الدولة المدنية من القوى الظلامية هم من ينادون ببقاء المجلس العسكري في الحكم.. هم من يريدون أن يفرضوا على الشعب إرادة دون تفويض.. يرغبون في أن يكونوا في الوزارة دون تفويض.

* لكن كيف يتبلور هذا الرفض؟

- برسالة واضحة وبالضغط.. طبعا بالضغط.. نحن لا نريد أن نلجأ إلى الشارع، فالشارع الآن في حيرة.. هل هناك من يشك في أن التحالف الديمقراطي أو حتى الإخوان بمفردهم يستطيعون أن يحشدوا ملايين في الشارع؟! بالطبع نستطيع.. لكن أن يحدث هذا الصراع في الشارع معناه أن تفقد الثورة المصرية أهم ما فيها. إن الشعب كله توحد خلف هدف واضح.. ولا أعتقد أن المجلس سيصدر إعلانا دستوريا جديدا لأنه كان واضحا أن هذا الإعلان يجب أن يجد توافقا من جميع القوى السياسية وهذا غير متحقق.

* بحكم الدور الإقليمي لمصر يتصور البعض أن هناك دورا للقوى العالمية والإقليمية في الشأن الداخلي المصري.. ما مدى تأثير هذا الدور الخارجي في تقديرك؟

- هناك انزعاج عالمي من أن تكون مصر حرة مستقلة ديمقراطية لأنها في هذه الحالة سوف تستعيد دورها في قيادة المنطقة، بمعني أنها قادرة على الإشعاع الديمقراطي في المنطقة كما كانت في الخمسينيات والستينيات، وستكون قادرة على بناء اقتصاد قوي، يعالج مشكلات التبعية، وبالتالي ستكون متحررة من أسر المعونات الدولية والإقليمية. وعندئذ ستتولى الملفات العالقة وعلى رأسها الملف الفلسطيني، وبالتالي تقطع الطريق على من يتصورون أنهم قادرون على حل الملف أو تثبيت الوضع.

* ما سميته «الانزعاج العالمي» كيف تجلى داخل المشهد الراهن في مصر؟

- أعتقد أن هناك ضغوطا، وقد طالبت المجلس العسكري أن يفصح عما إذا كان هناك ضغوط تمارس لكي يبقى في الحكم أم لا.. وطبعا المجلس العسكري يقول أنا في فترة انتقالية وسأترك الحكم للمدنيين فلماذا أضع نفسي في مواجهة قوى إقليمية ودولية.. هو في هذا له تقديره، لكن عندما تتولى سلطة منتخبة البلاد سيكون عليها أن تفصح أمام البرلمان المنتخب.

* هل تخشون كحزب أن تنجح هذه الضغوط قبل الوصول لمرحلة تسليم السلطة؟

- لن تفلح هذه الضغوط.. هناك إشارات واضحة، والمراقبون مع الأسف لم ينجحوا في قراءة تلك الإشارات أو أنهم يرونها على نحو مجتزأ.. والإشارات التي تأتي من الولايات المتحدة الأميركية أو من أوروبا تقول إنهم مع الأمر الواقع الذي فرض نفسه في مصر.. هم مدركون أن نظاما قد انتهى وأن هناك بداية جديدة وأمرا واقعا، ونحن نقول لهم باستمرار أثبتوا أنكم مع الديمقراطية، أعلنوا بوضوح أنكم ستقبلون بنتائج اختيار الشعب المصري، هذا هو المحك. لكن لاحظ أن القوى الإقليمية لم تصدق بعد ما حدث، لكنهم في النهاية إخواننا عربا أو مسلمين، القوة الوحيدة التي صدقت ودعمت هي تركيا.

* هل القرار الأميركي باستئناف الحوار مع الإخوان المسلمين جزء من هذه الإشارات التي تحدثت عنها؟

- هذا إقرار بالأمر الواقع. وهو دليل واضح على ما نقول.. طبعا البعض بحث عن صفقات لا صلة لها بالواقع ونسوا أن علامة هذا الأمر الوحيدة هي الإقرار بالأمر الواقع، وأن الأميركان أدركوا أن ضغوطهم لم تفلح في استمرار الأوضاع الحالية أو عودة الأوضاع القديمة.

* لكن بعض القوى الليبرالية واليسارية أقلقتهم التصريحات الأميركية؟

- وما الذي يقلقهم إذا كان الأميركان عبر سفارتهم وسفيرتهم التقوا بالثوار جميعا وذهبوا إلى الأحزاب وكل هؤلاء يهرعون إلى السفارة الأميركية، بينما لم نلتقِ حتى الآن بأي مسؤول من السفارة، لم يطرقوا بابنا حتى الآن.

* لكن التصريح الأميركي وشواهد أخرى جعلت البعض يتحدث عن تنسيق بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري.. إلى أي حد يعكس هذا الأمر الواقع؟

- هذا شعور كاذب.. الناس دائما تبحث عن مؤامرة، من داخل النظام نفسه، حين أرادت وزارة الداخلية تفسير الثورة قالت إنها صنيعة الإخوان، قالوا ذلك يوم 28، الإخوان شاركوا في الثورة كمواطنين وليسوا كهيئة ولا كجماعة، ولم نرفع شعارا ولا هتافا خاصا.

* لكن الإخوان متهمون اليوم بالمهادنة.

- الاتهامات موجودة وستظل موجودة، ولكن هذا نتيجة الخصومة السياسية أو الفكرية وتؤدي لسيل اتهامات غير مبررة.

* الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع (اليساري) حذر بشكل واضح الإخوان من التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، وقال إن تحالفاتكم دائما ما انتهت بكارثة.. ما تعليقك؟

- نسي الدكتور رفعت أنه يبني تحليله كله على وجود تحالف مع أميركا، وهذا لم يحدث إطلاقا.. ونحن حينما تحالفنا مع (جمال) عبد الناصر (الرئيس المصري الأسبق)، اختلفنا على عودة الحياة النيابية وحين يكتب التاريخ الصحيح سيعلم الجميع أن اختلاف (حسن) الهضيبي (المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين) مع مجلس قيادة الثورة بقيادة عبد الناصر كان حول عودة الحياة النيابية، ودفعنا ثمنا لهذا. (أنور) السادات (الرئيس المصري الأسبق) لم يتحالف معنا، أخرجنا من السجون في إطار رؤية كان يتبناها، وفي النهاية ألقى بنا إلى السجون، ومبارك سار على خطى سلفه، والتقى بالجميع حتى اليسار ولم يلتقِ بالإخوان. والدكتور رفعت السعيد أسدى خدمة جليلة للإخوان عندما دمر قطاعا من اليسار المصري، لأنه الخصم الحقيقي كما قال نجيب محفوظ، «سينتهي كل شيء ولن يبقى إلا الإخوان والشيوعيون»، وهذا حقيقي. نقول له إنه أفسد على مصر تيارا وطنيا حقيقيا، هو اليسار الوطني الذي نحترمه، وهو (السعيد) لم يدمر اليسار لصالح الإخوان إنما لصالح النظام السابق.. لكننا استفدنا.

* استقبل حزب الحرية والعدالة خلال الفترة الماضية العديد من السفراء الغربيين.. ما التساؤلات الملحة التي حملها ممثلو الدبلوماسية الغربية؟

- من الغريب أن الموضوعات الجوهرية كالديمقراطية والحياة السياسية والوضع الاقتصادي كانت تمر سريعا، لكن هناك إصرار غريب جدا لدى الأوروبيين على الاهتمام بأمرين، حقوق الأقليات وحقوق المرأة. ونحن نقول لهم إن حقوق الأقليات والمرأة محفوظة بحماية المجتمع المصري، والشريعة الإسلامية نفسها، وإنكم حينما تتخوفون من الشريعة تنتقصون من تلك الحقوق.

* لكن الغرب لم يخترع مسألة رفضكم تولي المرأة والقبطي منصب الرئاسة.

- هذا كان خيارا فقهيا في زمن، الآن نحن كحزب الحرية والعدالة مع حق الجميع في أن يترشح.

* هذا موقف ملتبس لأنكم تقولون نقبل أن يترشح قبطي أو امرأة للمنصب لكننا لن نرشحهما.

- إذا كان الحزب الديمقراطي الأميركي بعد مائتي سنة لم يرشح امرأة حتى اليوم، هذا في أميركا، أيضا فرنسا حتى اليوم لم يتول منصب الرئاسة فيها امرأة، فلماذا يحتج الأميركان أو الأوروبيون علينا إذا كانت ثقافة مجتمعاتهم لم تسمح بذلك، وما زالت، وسنرى في الانتخابات القادمة كيف سيكون تمثيل المرأة في حزب الحرية والعدالة وسنرى باقي الأحزاب الليبرالية ما ستفعل، هذا هو المحك.

* البعض يرى أن المناخ الديمقراطي يضر بتماسك الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وقد رأينا شواهد على ذلك بخروج عدد من القيادات والكوادر، ما تعليقك؟

- لم يخرج أحد من الحزب، وعدد لي الأسماء التي خرجت من الجماعة؛ لن يتجاوزوا عشرة أسماء.

* لكن ثقل القيادات التي خرجت.

- لا توجد أوزان في الجماعة.. الإخوان جميعهم متساوون بداية من المرشد وحتى أصغر أخ بيننا. من يعطي هذه الأوزان هو الإعلام.

* لكن قيادة مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي يعد المؤسس الثاني للإخوان.

- نحترم الدكتور عبد المنعم وهو محل تقدير لكن لا يوجد شيء اسمه التأسيس الثاني للجماعة، هذه ألقاب إعلامية.

* قيادات الحرية والعدالة تتحدث الآن عن خشيتها مما سموه «التمويل الخارجي المشبوه».. ما هي المعلومات التي لديك في هذا الشأن؟

- المعلومات قادمة من الكونغرس الأميركي، وحين ذهبت السفيرة الجديدة تقدم أوراق اعتمادها قالت إننا ننفق لدعم اتجاهات معينة من التي تتبنى الرؤية الليبرالية، ولا أعتقد أن هناك إنفاقا آخر، لكن من أين هذا؟ غير معروف حتى الآن. هناك إنفاق ضخم.. ونحن كحزب نعاني لأننا ننفق من جيوبنا (أموالنا الخاصة)، ونحن نذهب لبعض المؤتمرات فنرى البذخ.. هذا كله كلام مسجل، وهناك مراكز حقوقية تعلن ذلك، لكن الخطورة في أن بعضهم لا يعلن، وأن التمويل يذهب لأحزاب، كيف يمكن أن يصل حزب للسلطة وهو ممول من الخارج.. صحيح أننا لا نخشى التمويل الأجنبي في المرحلة الحالية لأننا نعلم أن هذه الملايين تذهب إلى جيوب من يطبعون الكتب ويقيمون الندوات، لذلك تأثيرها محدود لكن خطورتها أنها تفسد النخبة.