أفراد من أسرة قاتل شقيق كرزاي: كان متعاونا مع الأميركيين

آراء متضاربة.. عميل نائم لطالبان أم انضم لصفوف الحركة مؤخرا؟

الرئيس حميد كرزاي يتلقى التعازي من طوائف الشعب الأفغاني في مقتل شقيقه أحمد والي كرزاي داخل القصر الجمهوري أمس (رويترز)
TT

ظل الرجل الذي قتل الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني حميد كرزاي حليفا للولايات المتحدة لسنوات أثناء حربها ضد حركة طالبان.

والتقى القاتل، ويدعى ساردار محمد، الذي كان قائد شرطة، في مناسبات عدة مسؤولين عسكريين أميركيين وبريطانيين وتبادل معلومات استخباراتية مع أميركيين، كما لعب دورا في الاعتقالات الأفغانية لعشرات من مقاتلي حركة طالبان، وفقا لثلاثة من أقاربه أجريت مقابلات معهم يوم الخميس في منزله بالقرب من قندهار.

وما زالت الأسباب وراء التحول المفاجئ المثير الذي قلب القائد البالغ من العمر 35 عاما ضد أحمد والي كرزاي، الذي ربما يعد أقوى الزعماء المحليين وأكثرهم تأثيرا في جنوب أفغانستان، غير مفهومة. لكن أحد إخوة كرزاي ومسؤولا أفغانيا رفيع المستوى ذكرا أنهما على اقتناع بأن حركة طالبان كسبت ولاء ساردار محمد بصورة ما في الأشهر الأخيرة وجندته وأقنعته بتنفيذ عملية اغتيال لحساب الحركة.

وذكر المسؤول أن المحققين يحاولون التحقق مما إذا كان محمد عمل كعميل نائم لحركة طالبان منذ فترة طويلة أم أنه انضم لصفوف الحركة مؤخرا فحسب. وأحال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي (الناتو) جميع التساؤلات المتعلقة بمقتل كرزاي إلى السلطات الأفغانية.

وقال محمود كرزاي، أحد إخوة الرئيس، إن الأسرة قد علمت منذ عملية الاغتيال أن ساردار محمد زار مدينة كويتا الباكستانية في غضون الثلاثة أشهر الماضية لمقابلة عناصر من حركة طالبان. كما كان سلوكه غريبا في الأسابيع الأخيرة، ولم يكن يحظى بقسط كاف من النوم، وكان يتنقل من منزل لآخر ليلا، وكان يتصرف مع رجاله بطريقة مريبة مشكوك فيها، ويطلب معرفة من يحادثونهم عبر الهاتف.

«على حين غرة، تغير تماما»، هكذا تحدث محمود كرزاي خلال مقابلة أجريت معه يوم الخميس. وأضاف: «هذا هو أسلوب عمل حركة طالبان».

وذكر المسؤول الأفغاني رفيع المستوى، الذي تمت مقابلته على انفراد، أنه قد سمع عن زيارة محمد إلى مدينة كويتا، لكنه لم يستطع التأكد من مدى صحة هذه المعلومات. وقال إن محمد قد التحق بمدرسة باكستانية في شبابه قبل عودته إلى أفغانستان. وقال المسؤول رفيع المستوى، إن «حركة طالبان والقوات التي تقف وراءها تضطلع بالمسؤولية عن عملية الاغتيال، وإذا ثبتت مسؤولية حركة طالبان، فسيكون هذا مثالا آخر على قدرة المتمردين على الوصول إلى أصعب الأهداف المحاطة بأشد إجراءات الحراسة. وفي يوم الخميس، أخفى رجل قنبلة في عمامته وقتل أربعة أشخاص في مجلس تأبين أحمد والي كرزاي».

وفي منزل محمد الفسيح المبني من الإسمنت والمحمي بحواجز ذات طابع عسكري، الكائن في قرية فقيرة تضم مباني عتيقة المظهر مبنية من الطين، نفى أقارب قائد الشرطة بشدة أن يكون محمد قد عمل لحساب حركة طالبان. وقال نسيبه عبد الملك إن محمد لم يزر باكستان منذ 20 عاما. وأشار أقرباؤه إلى صور فوتوغرافية كبيرة على جدران غرفة الجلوس يظهر فيها أحمد والي كرزاي والرئيس حميد كرزاي، مشيرين إلى أن محمد كرس جهوده لخدمتهما.

«كنا كأسرة واحدة»، هكذا قال أحد أقربائه رافضا ذكر اسمه. وأضاف: «حتى الآن، لم يكن هناك أي خلاف بيننا».

وتعود بداية معرفة محمد بأسرة كرزاي إلى سنوات طويلة، وقد بدأ العمل مع أحمد والي كرزاي، رئيس مجلس ولاية قندهار، في أعقاب سقوط حركة طالبان. وكان محمد معارضا لنظام طالبان، نظرا لأن قرب قريته الشديد من القرية الكائن فيها منزل أسرة كرزاي في الطريق أدى إلى معاناتهم كثيرا من ممارسات الحركة، بحسب قول أقاربه.

وبمساعدة كرزاي، تحول محمد من مزارع بسيط لديه زوجة وثلاثة أبناء وأربع بنات، إلى قائد شرطة مسؤول عن نحو 200 رجل يتولون مهمة حراسة ثماني نقاط تفتيش، وفقا لقول أقاربه أيضا. ومن بين واجباته حراسة منازل عائلة كرزاي والمدفن الذي ووري فيه جثمان أحمد والي كرزاي الثرى يوم الأربعاء.

وقال عبد الملك إن ساردار محمد اعتاد مقابلة أحمد والي كرزاي ستة أيام في الأسبوع، حيث كان يتلقى منه رواتب رجال الشرطة، في حالة تأخرها، كما كان يزوده أيضا بمبالغ مالية إضافية. وكانت علاقتهما وثيقة جدا إلى حد أن كرزاي أتى بوالدته إلى منزل محمد. وقبيل أيام من وفاته، طلب كرزاي من الحكومة منح مزيد من التجهيزات والرجال لوضعهم تحت إمرة محمد، بحسب المسؤول الأفغاني رفيع المستوى.

كما كان محمد يلتقي أيضا مسؤولين عسكريين أميركيين وبريطانيين، وكان يتم تقديمه إلى القادة الجدد عند انتدابهم للعمل في قندهار، بحسب قول أقاربه. وقال اثنان من أقرباء محمد إنهما عملا حارسين بقاعدة وكالة الاستخبارات المركزية في قندهار كجزء من المجموعة شبه العسكرية التي تديرها وكالة الاستخبارات، والتي تحمل اسم «قوة قندهار الضاربة».

وذكر أقاربه الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أن محمد لم يكن عضوا في قوة «قندهار الضاربة»، التي ساعد كرزاي في تشكيلها لقتال حركة طالبان، لكنه شارك في تبادل معلومات استخباراتية مع مسؤولين أميركيين واعتقل مئات المسلحين خلال سنوات عمله.

وقال عبد الملك: «إذا كان هناك أي شيء بوسع ساردار القيام به ولا يستطيع الأميركيون عمله، كانوا يطلبونه منه على الفور». وأضاف: «حينما كان يساور القوات الأميركية الشك في أي شخص، كانوا يطلبون من ساردار اعتقاله».

وفي صبيحة حادث الاغتيال، اتجه محمد إلى منزل كرزاي وطلب مقابلته على انفراد، حيث عرض عليه وثيقة تتضمن أسماء الرجال الذين عملوا لحسابه. وبينما كان كرزاي يطالع الوثيقة، أخرج محمد بندقية وضربه فورا. وأصابت إحدى الرصاصات الجانب الأيمن من وجهه وخرجت من أذنه، بينما أصابت رصاصة أخرى موضعا قريبا من قلبه، وفقا لما جاء في شهادة وفاته. وتوفي قبل أن يصل إلى مستشفى مرويس. وقال أحد الأطباء إنه أثناء وجوده هناك، سرق شخص ما ساعته.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»