الإعلام البريطاني بين التشريعات ومسألة تطبيق القانون

كاميرون يدعو لتغيير قانون الصحافة ويحث على تغيير أساليب تعامل السياسيين ورجال الشرطة مع الإعلام

TT

أثار إعلان كاميرون عن تغييرات في التشريعات الوزارية الخاصة بالتعامل مع الإعلاميين، ودعوته لإعادة النظر في قوانين الإعلام في بريطانيا العديد من التساؤلات، أهمها احتمال استغلال كاميرون للقضية لتغيير قانون الصحافة وفرض الرقابة عليها، وقد يصل الأمر إلى المس بالحريات الصحافية. والمشكل أساسا وحسب المختصين والمشرعين الإعلاميين هو اختراق القوانين وليس العيب في القوانين المعمول بها.

وكان كاميرون قد أعلن في خطابه الأربعاء أمام مجلس العموم أن التحقيق في قضية التنصت سينقسم لجزأين؛ الأول سيحقق في الأعمال غير القانونية للصحافة والشرطة، وهذا ما سيتضمن أسباب فشل التحقيق الأول. والجزء الثاني سيكون حول مراجعة كاملة لقانون الصحافة في بريطانيا.

وأكد كاميرون أن التحقيق في هذا الموضوع «يجب أن يكون قويا قدر الإمكان ويجب التوصل للحقيقة بسرعة وبداية التطبيق».

كما أعلن كاميرون عن تغييرات في القانون الوزاري، موضحا أن على الوزراء أن يسجلوا وينشروا تفاصيل لقاءاتهم واجتماعاتهم مع الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام. بما في ذلك مسؤولو التحرير والمديرين. وأما بخصوص الشرطة فسيتم تعيين شخصية مهمة وذات وزن في بريطانيا لتنصحهم وتوجههم حول الكيفية التي يجب أن يتواصلوا بها مع وسائل الإعلام.

التحقيق سيتم تحت قانون سنة 2005، وللجنة التحقيق كل الحق في استدعاء الشهود بما فيهم المراسلون الصحافيون، وعناصر من الإدارة ومالكو وسائل الإعلام، وأعوان الشرطة والسياسيون من كل الأحزاب للإدلاء بشهاداتهم مع أداء اليمين وأمام حضور.

وقال أيضا كاميرون إن قاضي التحقيق في القضية ليفيسن سيعمل صحبة لجنة من مستقلة تضم خبراء في مجالات الإعلام والبث ووضع القوانين والحكومة.

صحيفة «نيويورك تايمز» رأت أنه كان على كاميرون أن يضع في اعتباره أن الفضيحة ليست عن الصحافة وما إذا كان ينبغي السماح لها بالازدهار، لكنها عن الخرق المتعمد للقانون، بمن فيهم المسؤولون العموميون. وقد كشفت حادثة صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» عن ممارسة متفشية من التنصت غير القانوني على الهواتف الخاصة والبريد الإلكتروني. وشملت أهداف الصحيفة المزعومة الفتاة التلميذة التي وجدت مقتولة فيما بعد، وأسر جنود قضوا نحبهم ومحققي شرطة ورئيس الوزراء السابق غوردن براون والملكة إليزابيث الثانية. وفي حين أن القصة ركزت أساسا على الأساليب غير القانونية المنسوبة لـ«نيوز أوف ذي وورلد»، فإن هناك اتهامات بتورط صحيفتين بارزتين أخريين هما «ذا صن» و«صنداي تايمز». وكلتاهما، مثل «نيوز أوف ذي وورلد»، مملوكتان لشركة «نيوز إنترناشيونال» التابعة للقطب الإعلامي روبرت مردوخ. لكن يبدو أن منظمات إعلامية بريطانية أخرى تغض الطرف عن ممارسات مماثلة.

وأشارت «نيويورك تايمز» أيضا إلى أن هذه القضية الدنيئة أكبر بكثير من الصحافة والشرطة.

كما تحدثت الصحيفة عن طبيعة الجرائم الجنائية، فالتنصت على الهواتف ورشوة ضباط الشرطة تعتبر جرائم جنائية بالفعل.

وختمت الصحيفة بأن بريطانيا لا تحتاج إلى تشريعات جديدة، وأن ما تحتاجه فقط هو تطبيق أفضل للقوانين التي لديها. وقانون الأسرار الرسمية يتيح للحكومة تقرير ما يمكن وما لا يمكن طبعه من الأخبار. وأن فرض قيود حكومية إضافية على جمع الأخبار ونشرها سيكون فكرة رهيبة، وهذا يوازي تعمية الجمهور باسم حمايته. ورغم هذه الإجراءات التي جاءت سريعة، ويبدو أنها حازمة، رفض إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ أول من أمس الخميس استدعاءات من البرلمان البريطاني للرد على أسئلة لجنة التحقيق وطلب ابنه تأجيل الموعد للشهر المقبل.