عشرات القتلى والجرحى في سلسلة تفجيرات بكربلاء

نائب رئيس لجنة الأمن البرلمانية لـ «الشرق الأوسط»: حان الوقت لإعادة النظر في الخطط والأجهزة

حطام سيارة محترقة يُزال من مكان انفجار استهدف زوارا شيعة في كربلاء أمس (رويترز)
TT

لم تحل الإجراءات الأمنية المكثفة، التي قامت بها قيادة عمليات الفرات الأوسط، من الحيلولة دون قدرة الجماعات المسلحة على اختراق منظومة الأمن والحواجز هناك، فضلا عن انتشار عشرات آلاف الجنود، والقيام بزرع عدة سيارات مفخخة، والعبوات الناسفة التي توالى انفجارها طوال يومي الجمعة والسبت، مستهدفة مئات آلاف الزوار الشيعة الذين توجه غالبيتهم مشيا على الأقدام إلى مدينة كربلاء (110 كيلومترات جنوب بغداد) لإحياء زيارة النصف من شعبان التي تصادف ولادة الإمام المهدي المنتظر، وهو الإمام الثاني عشر من الأئمة الشيعة المعصومين، وفقا للعرف الشيعي).

وطبقا للمصادر الأمنية والعسكرية في مدينة كربلاء، فإن أكثر من 80 قتيلا وجريحا راحوا ضحية التفجيرات التي هزت مدينة كربلاء والطرق المؤدية إليها، والتي استهدفت الزوار المقبلين من مختلف محافظات العراق إلى المدينة لإحياء الزيارة الشعبانية، وطبقا لتلك المصادر، فإن حصيلة تفجير السيارة المفخخة التي انفجرت، السبت، جنوب كربلاء، انتهت عند ستة قتلى و27 جريحا. وفي طويريج القريبة من كربلاء، أدى انفجار سيارة مفخخة أخرى إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة 13 آخرين بجروح. وفي مدينة الحلة القريبة من كربلاء، فقد أدى انفجار عبوتين ناسفتين مركونتين عند جانبي الطريق المؤدي إلى كربلاء إلى مقتل 6 وجرح أكثر من 29 جريحا.

وكانت قيادة عمليات كربلاء أعلنت أنها تمكنت من إحباط دخول ست سيارات مفخخة إلى مدينة كربلاء لاستهداف الزائرين, كما أقرت بأن احتراق محطتي تعبئة الوقود في المحافظة كان مدبرا. وكان مجلس محافظة كربلاء قرر إغلاق المنافذ الرئيسية لمدينة كربلاء أمام حركة المركبات لحين انتهاء مراسم زيارة النصف من شعبان، على أثر التفجيرات التي شهدتها المدينة، وذلك في محاولة للحد من تأثير الهجمات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة.

من جهته، اعتبر نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، اسكندر وتوت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حصل في كربلاء وما يحصل دائما، لا سيما في مثل هذه المناسبات الدينية، يعتبر خرقا أمنيا واضحا، يتحمل مسؤوليته القيادات العسكرية المسؤولة عن تلك المناطق ومسؤولو القواطع والأجهزة بكل أنواعها، سواء كانت أجهزة استخبارات أم جهاز مكافحة إرهاب، أم غيرها».

وأضاف: «إننا نعرف أن هذه واحدة من الزيارات الكبيرة التي هي هدف مثالي للجهات والجماعات التي تسيء لأحداث الفتنة، من خلال هذه العمليات، لكن هذا لا يبرر الخطأ الذي تتحمله الأجهزة العسكرية التي كان يتوجب عليها حساب مثل هذه الأمور بدقة متناهية».

وأوضح وتوت أنه «إذا كان الخلل من داخل كربلاء من حيث عدم قدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية هناك على ضبط الأوضاع فهذه مصيبة، أما إذا كان من خارج كربلاء فإن المصيبة يمكن أن تكون أكبر، لأن الطرق والجسور والمقتربات كلها أغلقت، وهذا يعني أن العدو لا يزال قادرا على إحداث الخرق دون أن تكون للقيادات العسكرية والسياسية القدرة على المواجهة الفاعلة».

وردا على سؤال بخصوص عدم حسم الوزارات الأمنية وتأثيرها على مثل هذه الحوادث، قال وتوت إنه «وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع وتأثيره الفعلي على الوضع الأمني والسياسي، فإنه في حالات من هذا النوع المسؤولية تقع على عاتق القيادات الميدانية، وبالتالي فإنه يتوجب إعادة النظر بهذه القيادات بشكل كامل، كما يتوجب إعادة النظر بالخطط والأجهزة، وفي المقدمة منها جهاز مكافحة الإرهاب».

وفي سياق ردود الفعل السياسية على هذه الهجمات، عبّر كل من رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، ونائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، عن استنكارهما الشديد لما حصل ويحصل باستمرار. وعبر النجيفي في بيان صادر عن مكتبه، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، عن «قلقه من تزايد الأعمال الإجرامية، وسقوط أعداد كبيرة من المواطنين الأبرياء»، داعيا «الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين والتصدي للعمليات الإجرامية بكل حزم وقوة ومعالجة الخروقات الأمنية المتكررة بشكل سريع وجدي».

ومن جهته، اعتبر نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، في بيان مماثل تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن ما حصل إنما يمثل «محاولة يائسة جديدة للتأثير على وحدة أبناء شعبنا وإثارة الفوضى وزرع الفتنة»، مشيرا إلى أن «هذا العمل الإجرامي البشع لن يثنينا عن مواصلة المسيرة وتحمل التضحيات حتى يستقر أمر البلد على العافية, خيرا وأمنا ورفاهية».

وطالب الهاشمي الأجهزة المسؤولة بالتعامل مع مرتكبي هذه الأعمال «بمنتهى الشدة والحزم وفقا للقوانين المرعية»، داعيا إلى «محاسبة المسؤولين عن الأمن، حيث تأكد أن الإجراءات لم تكن بمستوى التحديات الأمنية على الأرض».