أوباما يستقبل الدالاي لاما مجددا.. متحديا الصين

اللقاء تم في قاعة الخرائط بعيدا عن الإعلام.. وبكين تحذر من تأثر العلاقات

الدالاي لاما يلقي كلمة حول السلم العالمي قبالة مبنى الكونغرس في واشنطن في 9 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

استقبل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمس في البيت الأبيض الدالاي لاما، على الرغم من مطالبة بكين بإلغاء هذا اللقاء، معتبرة أن واشنطن تطعن بذلك في وحدة الأراضي الصينية وسيادتها في التيبت. وأعلن البيت الأبيض أن أوباما استقبل الدالاي لاما في الساعة 11 و33 دقيقة بالتوقيت المحلي، في قاعة الخرائط، وليس في المكتب البيضاوي المخصص عادة لاستقبال الرؤساء.

وكان إعلان البيت الأبيض عن اللقاء قبل ساعات من حدوثه، قد أثار غضب بكين، وطلبت وزارة الخارجية الصينية من واشنطن «إلغاء قرارها فورا المتعلق بتنظيم لقاء بين الرئيس أوباما والدالاي لاما». وأعلنت الرئاسة الأميركية عن اللقاء في آخر لحظة، بينما كان الزعيم الروحي للتيبتيين على وشك مغادرة العاصمة الأميركية، أمس، للمشاركة في حفل ديني. واعتبر البيت الأبيض أن اللقاء «يجسد دعم الرئيس القوي لصيانة الهوية الدينية والثقافية واللغوية الفريدة من نوعها في التيبت، وحماية حقوق الإنسان لدى التيبتيين». ورد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ ليي، أن الولايات المتحدة يجب أن «تظل وفية لالتزاماتها في الاعتراف بأن التيبت جزء من الصين»، مطالبا بأن «لا تتدخل واشنطن في الشؤون الداخلية الصينية»، وأن لا تبادر بما من شأنه أن «ينال من العلاقات الصينية – الأميركية». وكانت آخر مرة التقى فيها أوباما مع الدالاي لاما في فبراير (شباط) 2010، في زيارة أثارت تنديدا قويا من جانب الصين.

ويؤكد الزعيم الروحي للتيبتيين الذي غادر بلاده منذ 1959 إثر فشل انتفاضة ضد الإدارة الصينية، أنه لا يطالب باستقلال التيبت بل بحكم ذاتي حقيقي، لكن بكين تتهمه بالمطالبة باستقلال منطقته التي تقع على «سقف العالم». وتجري مفاوضات من حين لآخر بين موفدين من الحكومة التيبتية في المنفى في درامسالا (الهند)، وممثلي بكين حول مستقبل التيبت، لكنها لم تأت بنتيجة.

وأعلن البيت الأبيض أن لقاء باراك أوباما والدالاي لاما يهدف إلى «دعم دائم للحوار بين ممثلي الدالاي لاما والحكومة الصينية من أجل تسوية خلافاتهما». وقال هونغ: «إننا نعارض بشدة أن يلتقي أي مسؤول سياسي مهما كان، الدالاي لاما بأي شكل من الأشكال»، مكررا التحذير الذي أعلنه الأسبوع الماضي. ولم تشر قناة «سي سي تي في» الوطنية الصينية، إلى اللقاء في نشرة الظهر يوم أمس، بينما خصصت وقتا طويلا لحفل استقبال خصه الرئيس الصيني، هو جينتاو، لتلاميذ ثانويات أميركيين في زونغنانهاي، مقر السلطة في بكين، حيث لا يدخل الأجانب إلا نادرا.

ولم تفلح الاحتياطات التي اتخذها البيت الأبيض من خلال تنظيم اللقاء، ليس في المكتب البيضاوي، حيث يستقبل الرؤساء الأميركيون رؤساء الدول، بل في قاعة الخرائط، بعيدا عن أنظار وسائل الإعلام، في جعل الصين تعتمد لهجة أكثر مجاملة. لكنها أثارت انتقادات استهدفت الرئيس باراك أوباما، لا سيما من الجمهوريين، حيث اعتبر النائب كريس سميث أنه كان يجب أن يعلن اللقاء في وقت «مبكر جدا».

ويأتي اجتماع البيت الأبيض، أمس، في لحظة حساسة إضافية للصين، أكبر مقرض للولايات المتحدة، مع وجود خلاف بين الزعماء في واشنطن بشأن كيفية رفع سقف الدين الأميركي، الذي يبلغ 14.3 تريليون دولار، لتفادي التخلف عن السداد. كما تأتي زيارة الدالاي لاما إلى واشنطن، في حين تحتفل بكين بالذكرى الستين «للتحرير السلمي» للتيبت من قبل قوات ماو تسي تونغ الشيوعية. وفي المناسبة، نشرت الحكومة مؤخرا «كتابا أبيض حول تنمية التيبت»، جاء فيه أن «استقلال التيبت هو جزء من خطة المعتدين الغربيين لتجزئة الأراضي الصينية». وأفادت منظمة «الحملة الدولية للتيبت»، أمس، أن قيودا فرضت على النشاطات الدينية في ذكرى «التحرير السلمي».

وفي سياق متصل، أفادت وكالات سفر صينية عدة، أمس، أنه تم تقليص عدد السياح الصينيين الذين بإمكانهم التوجه إلى التيبت. وأكدت هذه الوكالات أيضا أن منطقة التيبت أقفلت أبوابها أمام السياح الأجانب منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي وحتى نهاية يوليو (تموز) الحالي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولة في وكالة «تيبت جنرال ترافيل» للسفريات قولها: «هناك تراجع في عدد بطاقات السفر بالقطار والطائرة يصل إلى النصف»، بالمقارنة مع الأوضاع الاعتيادية. وأكد موظف في وكالة أخرى أنه «من الصعب شراء بطاقات سفر» إلى التيبت. وقال: «تم تعزيز المراقبة على الطرقات، وخصوصا الطريق الذي يربط مقاطعة كينغهاي بالتيبت» و«تمت زيادة عمليات التفتيش في داخل المنطقة». وأكد مسؤول في وكالة سفريات ثالثة هي «تيبت شاينا ترافل» أن «عمليات شراء البطاقات باتت محدودة».