الحكومة المغربية ستعمل على استرجاع «ذاكرة منطقة الريف» من إسبانيا

الملك محمد السادس يدعو إلى «الاهتمام بحفظ الذاكرة الجماعية للمغاربة»

TT

تم أمس التوقيع على اتفاقية بين عدة جهات حكومية ومؤسسات ومنظمات إضافة إلى مجلس الجالية المغربية في الخارج، لإنشاء «متحف الريف» الذي سيضم تراث منطقة الريف في شمال المغرب. وأبلغت مصادر مغربية رسمية «الشرق الأوسط» أن الحكومة ستعمل على استرجاع جميع الوثائق المتعلقة بالمنطقة، خاصة تلك التي توجد في إسبانيا، وقال باحثون أوروبيون إنهم سيدعمون هذه المساعي.

وقدم خبراء وباحثون من المغرب ودول أوروبية على مدى يومين مقترحاتهم بشأن هذا المتحف الذي سيضم إلى جانب التراث المادي، كذلك التراث اللامادي. يشار إلى أن تاريخ «منطقة الريف» ظل يثير جدلا واسعا بين المغرب وإسبانيا نظرا للأحداث التي عرفتها المنطقة خاصة «ثورة عبد الكريم الخطابي» في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، وما حدث فيها من وقائع، في ظل اتهامات مغربية متواصلة بأن القوات الإسبانية ارتكبت في تلك الفترة انتهاكات تصل إلى «مستوى جرائم ضد الإنسانية» خلال فترة احتلالها للمنطقة، ومن ذلك استعمال غازات سامة ضد السكان.

وكان «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» وهو هيئة شبه حكومية قد بادر إلى تنظيم اللقاء الدولي لإنشاء «متحف الريف» في مدينة الحسيمة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، من أجل وضع تصورات لإنشاء هذا المتحف، بغرض «إعادة الاعتبار للتراث والآثار في منطقة الريف وحفظ ذاكرتها».

ووجه العاهل المغربي الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في اللقاء دعا فيها «إلى ضرورة الاهتمام بحفظ الذاكرة الجماعية للمغاربة»، وقال العاهل المغربي إن اللقاء يكتسي طابعا خاصا لأنه يتم بعد إنشاء «مؤسسة أرشيف المغرب»، التي قال إنه «يجب عليها النهوض بمهمة صيانة التراث والأرشيف الوطني باعتباره ملكا ثقافيا لجميع المغاربة». وعبر عن اعتقاده بأن اللقاء «سيساهم في تكوين رؤية علمية موضوعية ودعم المعرفة بتاريخ منطقة الريف وتراثها العريق». وتركزت مداخلات الباحثين المغاربة والأوروبيين، إلى ما يمكن أن يضمه المتحف من تراث، وكذلك الطريقة المثلى لجمع هذا التراث وتصنيفه علميا. وشارك في لقاء الحسيمة 40 باحثا من المغرب وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا متخصصون في التاريخ والتراث الثقافي المادي وغير المادي. ونصت الاتفاقية، التي وقت أمس، على إنشاء المتحف في الحسيمة باعتبارها أهم مدن منطقة الريف.

وكانت «هيئة الإنصاف والمصالحة» التي عملت على طي ملف انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، وقدمت تعويضات مادية للمتضررين من السنوات التي تعرف باسم «سنوات الرصاص»، دعت إلى إنشاء هذا المتحف، بحيث يصبح مرجعا لجميع الأحداث الملتبسة في المنطقة.

ودعا بعض المشاركين في اللقاء إلى ضرورة الاعتماد على مجموعة من الوثائق القديمة المتعلقة بتاريخ حرب الريف التي أشاروا إلى أنها توجد في أرشيف «أكا» في إسبانيا، كما اقترحوا الاستعانة بالرسومات والمخططات والخرائط القديمة لبعض الموانئ المغربية على البحر الأبيض المتوسط، وقال مشاركون إن جميع هذه الوثائق والخرائط موجودة ضمن أرشيف إسبانيا وفرنسا، وقال باحثون أوروبيون تحدثوا أمس إنهم سيساندون سعي الحكومة المغربية لاسترجاع تراث المنطقة، الموجود معظمه في إسبانيا، وكذلك بعض الدول الأخرى منها فرنسا وبريطانيا.

يذكر أن الأبحاث والدراسات العلمية، التي ستقدم في هذا الملتقى لها علاقة بمختلف الفترات التاريخية لمنطقة الريف منذ العصور القديمة إلى الفترة المعاصرة، وكذا مظاهر التراث الثقافي المادي من معالم أثرية ومبان ومواقع لها أبعاد تاريخية وروحية، بالإضافة إلى التراث اللامادي مثل الموسيقى والغناء والعادات والتقاليد وغيرها.