اليمن: الإعلان عن مجلس انتقالي وسط تباين في ردود الأفعال

أعضاء في المجلس: فوجئنا ولا علم لنا به.. والسلطة: لا يستحق التعليق.. والمعارضة منقسمة

TT

أعلن مجلس شباب الثورة الشعبية، وهو أحد فصائل شباب الثورة في اليمن، أمس، عن تشكيل مجلس رئاسي لمرحلة ما بعد حكم الرئيس علي عبد الله صالح، وذلك قبل يوم واحد من الذكرى الـ33 لتولي الرئيس صالح لمقاليد الحكم، في وقت برزت فيه مواقف متباينة في بعض ساحات الاعتصام، بشأن التوافق على تشكيل المجلس. وكشفت اللجنة التحضيرية للمجلس عن أسماء أعضاء المجلس الذين تم اختيارهم، والذين بلغ عددهم 17 شخصا، إضافة إلى شخصين آخرين كلفا بمهمتي القوات المسلحة والقضاء الأعلى، وضم المجلس شخصيات يمنية معارضة في الداخل والخارج، وبينهم رئيسان جنوبيان سابقان، هما علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس. وقال بيان صادر عن مجلس شباب الثورة الشعبية، إن الإعلان تشكيل المجلس جاء بعد «حوارات ومشاورات مع كل القوى الوطنية في الداخل والخارج، سياسية واجتماعية واقتصادية»، وإن تلك الحوارات والمشاورات توصلت إلى التأكيد على أن «الثورة الشبابية الشعبية قد حققت هدفها الأول، المتمثل في إسقاط نظام علي عبد الله صالح بشكل كامل ونهائي، وعلى الرفض الكامل لأي حوار أو تفاوض مع بقايا نظام صالح، ورفض الوصاية على إرادة شعبنا العظيم، وتمسكه بالمشروعية الثورية وضرورة بناء مؤسسات الثورة من مجلس رئاسي مؤقت ومجلس وطني انتقالي وحكومة تكنوقراط ومجلس دفاع وطني ومجلس أعلى للقضاء».

وأضاف أنه «وفي هذه اللحظة التاريخية المهمة، تقرر جعل يوم 16 يوليو (تموز) 2011، يوما فارقا في حياة شعبنا العظيم، ينتهي به عقود من الاستبداد والمعاناة والحكم العائلي العصبوي، ويبدأ به عهد جديد يقوم على الحرية والعدالة والمساواة واحترام حقوق وكرامة الإنسان، وشراكة في السلطة والثروة والحكم بالمؤسسات والقانون». وكلف المجلس وزير الدفاع اليمني السابق، عبد الله علي عليوه بـ«مهام القائد العام للقوات المسلحة والأمن ورئاسة مجلس الدفاع الوطني المناط به حماية البلاد، وتوحيد المؤسستين، العسكرية والأمنية، وإعادة بنائهما على أسس وطنية حديثة»، وتكليف القاضي فهيم عبد الله محسن، رئيس محكمة استئناف عدن، بـ«مهام رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويتولى إعادة بناء السلطة القضائية على أسس وطنية بما يكفل استقلاليتها وحياديتها».

لكن الأخير نفى علمه وعلاقته بالمنصب المعلن عنه، وقال القاضي فهيم عبد الله محسن لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إنه «تفاجأ ولم يكن عنده أي علم، ولم يؤخذ رأيه فيما تردد على وسائل الإعلام، من أنه تم اختياره كرئيس لمجلس القضاء الأعلى، ضمن تشكيلة ما يسمى مجلسا انتقاليا»، وأكد أنه لا يزال «يمارس عمله في السلطة القضائية، كرئيس محكمة استئناف محافظة عدن حتى يومنا هذا، بموجب قرار جمهوري صدر بتعيينه»، وأشار إلى أن «القضاة ملتزمون الحياد حيال الأزمة السياسية التي تمر بها اليمن حاليا، باعتبار القضاء شوكة ميزان العدالة، ومؤسسة وطنية لا تتدخل في أمور السياسة».

وضمن القرارات التي خرج بها مجلس شباب الثورة أيضا «تشكيل مجلس وطني انتقالي يتولى المهام التشريعية والرقابية، ووضع دستور جديد للبلاد وفقا لما ستسفر عنه نتائج الحوار الوطني، كما يتولى إدارة حوار وطني يتمخض عنه حل عادل ومنصف للقضية الجنوبية وقضية صعدة»، واقترح أن يتكون المجلس الوطني (برلمان مؤقت) من 501 عضو، وقال إنه «سوف يتم الإعلان عنهم لاحقا».

وأكد شباب الثورة اليمنية على «ثقتهم الكاملة في الشخصيات التي تم الإعلان عنها، وقدرتها على تحمل مسؤولية قيادة مؤسسات الثورة خلال الفترة الانتقالية، وأنهم يطالبون كافة القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية من أنصار ومؤيدي الثورة بالالتفاف حولها، وإعلان دعمها، وتأييدها لتلك المؤسسات ومن يمثلها».

وأعرب مصدرو البيان عن رفضهم لأي «محاولات لإعاقة تلك المؤسسات عن ممارسة مسؤولياتها»، واعتبروا «أي فعل يؤدي لذلك تنصلا عن القيام بالواجب الوطني لإنقاذ البلاد من الدفع بها نحو الفوضى والصراع المسلح»، ودعوا المجتمع الدولي لاحترام قرارات شباب الثورة، بالاعتراف بمؤسسات الثورة، وإنهاء كل أشكال التعاون والتعامل مع بقايا نظام صالح، لعدم مشروعيتها، ولكونها لا تمثل الشعب».

وفي حين قال طارق الشامي لـ«الشرق الأوسط»: «لا تعليق على هذا الأمر ولا يستحق التعليق»، وصف نائب وزير الإعلام اليمني، عبده محمد الجندي، المجلس الانتقالي بأنه «مجلس تصعيد الفتنة واستمرار الأزمة وانقلاب على الشرعية الدستورية»، معتبرا من يدعون لمثل هذا المجلس هم من المصابين بوهم العظمة، وفق ما نقلته عنه صحيفة «26 سبتمبر» الرسمية على موقعها على الإنترنت.

واستبعد الجندي أن يستطيع المجلس الانتقالي الحلول محل المؤسسات الحكومية القائمة، وفي الوقت الذي لم تعلق فيه المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» على موضوع إعلان المجلس الرئاسي بصورة رسمية، قال المعارض اليمني في الخارج، عبد الله سلام الحكيمي: «أتوقع أن ينجح المجلس في ظل غياب شبه تام للسلطات الثلاث، فالحكومة حكومة تسيير أعمال، ومجلس النواب فاقد الصلاحية لانتهاء فترته والقضاء والجيش والحزب الحاكم منقسم، ولذلك كان لا بد من ملء الفراغ لتسيير شؤون البلاد»، وأضاف الحكيمي: «إن بعض الجهات الجنوبية كانت ترغب في أن يكون تمثيل المجلس بالتساوي بين الشمال والجنوب، وجاء التمثيل بأكثر من ذلك، عندما جعل عدد المنتمين للجنوب عشرة مقابل سبعة من الشمال». والجدير بالذكر أن المجلس المعلن لا يحظى بدعم كل فصائل الشباب في الساحات؛ فقد قال ناشط شبابي في «ساحة التغيير» بالحديدة، لـ«الشرق الأوسط» إن قرار التشكيل لم تشترك في باقي الساحات في المحافظات اليمنية، وقال عبد الحافظ معجب، المسؤول الإعلامي للساحة بالحديدة إن تشكيل المجلس خطوة متقدمة، وإنه «كان الأحرى أن يتوجه الثوار أولا إلى دار الرئاسة، ومن ثم التفكير في المجلس الرئاسي»، وأضاف: «ساحة التغيير بالحديدة لم تعلم بموضوع المجلس إلا عبر وسائل الإعلام، وأنا شخصيا وعلى الرغم من أنني عضو اللجنة التنظيمية للساحة بالحديدة، ولم أعلم عن المجلس إلا عبر الإعلام، وهناك تهميش وإقصاء كبيران للساحات من قبل من يعتقدون أنفسهم أوصياء على الثورة».

على صعيد آخر، دعت ائتلافات شبابية في ساحات التغيير والحرية إلى تحويل يوم 17 يوليو (تموز) إلى «يوم غضب شعبي»، حيث يصادف اليوم ذكرى مرور 33 عاما على تولي الرئيس علي عبد الله صالح مقاليد الحكم، فيما كان يعرف بـ«الجمهورية العربية اليمنية».

وفي موضوع ذي علاقة، قال مسؤول يمني ،أمس، إن الرئيس علي عبد الله صالح، الذي يعالج في السعودية منذ خمسة أسابيع، سيعود «قريبا» إلى بلاده، دون أن يحدد موعدا لذلك. وقال نائب وزير الإعلام عبده الجندي خلال مؤتمر صحافي إن «الرئيس بصحة جيدة وسيعود قريبا، فهو ما زال بانتظار نصيحة الأطباء».

وردا على سؤال بخصوص شائعات تسري حول عودته، الأحد أو الاثنين، أجاب الجندي: «لا أستطيع أن أؤكد ذلك». وكان مسؤول يمني قد صرح الجمعة بأن الرئيس المصاب، علي عبد الله صالح، سيظل في السعودية حتى يعلن الأطباء سلامته، نافيا تقارير أفادت بأن الرئيس قد يعود لبلاده اليوم للمشاركة في الاحتفال بالذكرى 33 لتوليه السلطة.

وفي موضوع آخر، قال مسؤول يمني إن الإمارات العربية المتحدة تعهدت بتقديم ثلاثة ملايين برميل من النفط إلى اليمن، الذي يواجه أزمة وقود بسبب هجمات على خط أنابيب في خضم اضطرابات سياسية واسعة النطاق.

ولم يذكر عبده الجندي، نائب وزير الإعلام اليمني، الذي كان يتحدث للصحافيين تفاصيل بشأن النفط الذي ستتسلمه بلاده من الإمارات، ثالث أكبر بلد مصدر للخام في العالم. وكانت السعودية تبرعت، الشهر الماضي، بثلاثة ملايين برميل من الخام لليمن؛ حيث تسلمت مصفاة في ميناء عدن عدة شحنات بالفعل للمساعدة في تخفيف نقص في الوقود.

وتسبب انفجار، يشتبه في أنه من تدبير رجال قبائل غاضبين، في خط الأنابيب الرئيسي باليمن المنتج للنفط وغير العضو في منظمة «أوبك»، في توقف إمدادات الخام إلى المصفاة. وكانت السفارة اليمنية في واشنطن قالت، أمس الجمعة، إن اليمن انتهى من إصلاح خط الأنابيب الرئيسي في محافظة مأرب، وإن إمدادات النفط قد استؤنفت. ويمر اليمن بأزمة سياسية بعد خمسة أشهر من المظاهرات المناوئة لحكم الرئيس علي عبد الله صالح، المستمر منذ ثلاثة عقود، الذي يخضع لعلاج طبي في السعودية إثر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها في يونيو (حزيران).