المنامة: «الوفاق» المعارضة تنفذ تهديدها وتنسحب من الحوار الوطني

المحمود: الحكومة المنتخبة لا يمكن الذهاب إليها إلا في ظل مجتمع حزبي كالبحرين

الحوار الوطني عقد جلسته أمس في البحرين بدون «الوفاق» التي أعلنت انسحابها منه («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت جمعية الوفاق، كبرى جمعيات المعارضة في البحرين، أمس، الانسحاب من حوار التوافق الوطني الذي دشنته السلطات البحرينية مطلع يوليو (تموز) الحالي، وذلك بعد الجلسة الثانية من الجولة الثانية للحوار، وقالت في بيان لها «إن هذا الحوار لن ينتج حلا سياسيا جذريا للأزمة البحرينية بل إن مخرجاته معدة سلفا وستزيد التعقيد في الأزمة السياسية في البحرين». في الوقت الذي سعى فيه المشاركون لتفادي تأثير مثل هذا الانسحاب، حيث سارت كل الجلسات وفق ما هو معد لها، في محاولة للتقليل من مثل هذا الانسحاب المتوقع.

وكانت جمعية الوفاق قد هددت منذ بداية انطلاقة الحوار بالانسحاب، قبل أن تنفذ تهديدها بالانسحاب فعليا أمس.

وفي أول تعليق رسمي للجمعية، قال هادي الموسوي عضو فريق عمل الوفاق المنسحب من الحوار لـ«الشرق الأوسط»، لقد قبلنا المشاركة منذ البداية لإنجاح الحوار وكنا صادقين من خلال المرئيات والملاحظات التي قدمناها شفهيا وكتابة، ولكن لم نجد جوابا على كل ما طرحناه. ولا يمكن أن نستمر في حوار لا ينظر في ما يتم طرحه من قبلنا، مضيفا لقد سعينا لتقديم طرح نوعي بهدف الخروج بحلول ناجعة تخرج البحرين من المأزق السياسي، وكان لدينا إصرار على إنجاح الحوار ليخرج بأفضل النتائج.

وحول ما إذا كانت الخطوة متسرعة لا سيما أن الحوار لم ينتهِ أو تظهر نتائجه، قال الموسوي: «أعتقد أن آلية الحوار لا تتفق مع الحوار الجدي بقدر ما هو منتدى لطرح الأفكار، وكل المرئيات سترفع إلى الملك دون فتح المجال لحوار حقيقي حول ما تم طرحه على طاولة الحوار، ولذلك نرى أنه لا جدوى من الاستمرارية مثل حوار هكذا».

وأشار إلى أن انسحابهم لا يعني محاولة إفشال الحوار، بعد أن عملنا جاهدين على إنجاحه بالرؤى والأفكار التي لم تجد صدى، أو الوصول على ما يحقق المطالب الشعبية، وفي نفس الوقت نتمنى للمشاركين التوفيق للخروج بالنتائج المرجوة وإن كنا نرى خلاف ذلك.

وأكد الموسوي أن «الوفاق» اتخذت قرارا باللاعودة للحوار، وسوف نستمر بمطالبنا وحقوقنا، وسنعمل على إيصال صوتنا بكل الوسائل والطرق الممكنة وفق ما تكفله الديناميكية السياسية من تجمعات ومسيرات سلمية.

وعن إمكانية العودة للشارع قال الموسوي «نحن عدنا للشارع منذ رفع حالة السلامة الوطنية، ودعينا إلى تجمع يوم الجمعة القادم تحت شعار (متمسكون بمطالبنا الوطنية)». وعما إذا كان وصلوا إلى طريق مسدود مع السلطة في البحرين قال: «لا لم نصل إلى طريق مسدود لأننا دائما نعمل على فتح كل الطرق الممكنة لما فيه مصلحة الوطن»، مطالبا بحوار جدي يكون طرفه جهة لها صلاحية اتخاذ القرار.

وفي تعليق على قرار الانسحاب، أوضح عبد اللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية السنية في البحرين لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفاق قررت الانسحاب لاعتقادها أن الحوار لا يسير في مصلحتهم، من حيث إثبات الوجود أو محاولة التأزيم، في حين أن أغلب طروحاتهم لا تحظى بتوافق من أغلبية المشاركين، خاصة في محور الحكومة المنتخبة التي يرى الجميع أنها لا يمكن الذهاب إليها إلا في مجتمع حزبي وليس طائفيا، ولو اعتمد تنفيذ مثل هذا النظام في البحرين لقادنا إلى الفساد أكثر وعرض أرواح الناس للخطر. في ظل الاحتقان الطائفي والعدائية التي جسدها مفتعلي أحداث 14 فبراير (شباط)، مشيرا إلى أن الشعب البحريني ضد الطائفية، وهذا ما جسده تجمع الوحدة الوطنية الذي ضم كل الأطياف والمذاهب.

وبين المحمود أنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير انسحاب «الوفاق» على الحوار الوطني، ولكن الانسحاب هو محاولة لفرض رؤية على الجميع وهذا غير مقبول. وقال أعتقد أن شعب البحريني وكثيرا من المراقبين يدركون أن حركة «الوفاق» أصبحت محصورة، كما أن الجمعيات السياسية التي تتفق معه أو متحالفة معها أصبح لها خط مغاير عن خط جمعية الوفاق، معتبرا أن «الوفاق» لا تمثل النصف كما يروجون بل تمثل جزءا بسيطا من المجتمع، كما لا تمثل كل الشيعة.

وأبدى المحمود تفاؤلا للخروج بنتائج إيجابية من حوار التوافق الوطني.

من جانبها، أوضحت الدكتورة سميرة رجب عضو مجلس الشورى أن الحوار الوطني سوف يستمر بوجود «الوفاق» أو دونها، وسيخرج بنتائج جيدة تنعكس إيجابا على المسيرة الإصلاحية التي يقودها الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وأشارت إلى أن انسحاب فريق جمعية الوفاق من الحوار لم يكن مستغربا، وكان متوقعا منذ البداية وكانت كل تصريحاتهم السابقة تهيئ للانسحاب، مشيرة إلى أن مشاركتهم في جوار التوافق الوطني كانت نتيجة لضغوط خارجية، وجاء انسحابهم في محاولة منهم إلى أن ما يجري في البحرين غير صحي، وهذا مخالف للواقع حيث إن حوار التوافق فتح المجال لكل البحرينيين بمختلف أطيافهم لطرح مرئياتهم وأفكارهم في إطار حوار وطني للوصول إلى رؤية توافقية تصب في مصلحة الجميع على حد سواء.

وبينت رجب أن الانسحاب لن يكون له تأثير كبير على سير الحوار، خاصة أن الجمعيات المتحالفة مع «الوفاق» مستمرة في الحوار، وأن «الوفاق» لا تمثل رؤية كل الشعب البحريني، مضيفة أن «الوفاق» لم تكن لها طروحات أو رأي في الحوار سوى ترديد كلمة «حكومة منتخبة»، وكأن الحكومة المنتخبة هي العصا السحرية التي ستخرجنا من الأزمة. أما النائب عيسى الكوهجي يرى أن جمعية الوفاق دعيت إلى الحوار مثلها مثل المشاركين، وكانت المشاركة واجبا وطنيا على كل بحريني، أما انسحابهم فهذا شأن يخصهم ولكن يبقى الانسحاب قرارا خاطئا لأي طرف كان، مشيرا إلى أن الديمقراطية لا تستورد ولكنها تصنع على واقع المجتمع.

وكانت جلسة المحور السياسي شهدت توافقا حول ضرورة استمرارية مجلس الشورى وحقه في التشريع، على أن يتولى مجلس رئيس النواب (المجلس الوطني) بدلا من رئيس مجلس الشورى، كما بحث المشاركون مسألة صلاحيات مجلس النواب فيما يتعلق بمنح أو حجب الثقة عن الحكومة، والمحاسبة العلنية للوزراء.

وفي المحور الاقتصادي، تم بحث التوافقات بشأن المحور الفرعي الخاص بمستوى الخدمات الحكومية. والمرئيات المدرجة تحت مستوى الخدمات الحكومية مجالات متعلقة بالحلول والبدائل المقترحة لإلغاء الرسوم الخدماتية، وحماية المستهلك، والحاجة لنظام ضريبي للشركات والقيمة المضافة، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، والأنظمة التقاعدية، وتحديات المشكلة الإسكانية، ودور القطاع الخاص في معالجة المشكلة الإسكانية، وتقييم ومراجعة الخدمات الصحية، والتأمين الصحي الإلزامي في الدولة، وكيفية مواجهة التحديات البيئية، وأخيرا تطوير التعليم.

وفي المحور الحقوقي، نوقش المحور الفرعي المتعلق بالسلطة القضائية، وما يتبعها من ضمانات استقلالية السلطة القضائية، وتطوير إجراءات التقاضي، وتطوير آليات التنفيذ، وتطوير معايير التفتيش القضائي.

وعلى ذات الصعيد، سيبحث المشاركون في المحور الاجتماعي المحور الفرعي المتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، عبر استعراض صيغ مرئيات المشاركين حول بنود أساسية هي: مظاهر الإخلال بالأمن والسلم الأهلي، وأسباب الإخلال بالأمن والسلم الأهلي، وكيفية التعامل مع الإخلال والسلم الأهلي، والشراكة المجتمعية في تحقيق الأمن، وكيفية تطبيق سيادة القانون، والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف، والخطاب الديني، وضبط الميكروفونات في دور العبادة، وتنظيم المواكب الدينية، وبناء دور العبادة، والتعامل مع الكيانات العاملة خارج القانون.