منظمة حقوقية تتهم محامي الدولة بمخالفة القانون والإساءة إلى والدة معتقل

أحد قادة المظاهرات لـ «الشرق الأوسط»: وقوف المثقفين والفنانين إلى جانبنا زاد حماسنا

مظاهرة في حجر الاسود بدمشق أمس (رويترز)
TT

اتهم حقوقيون سوريون، المحامي العام الأول بدمشق مروان اللوجي، بمخالفة القانون، لدى منعه عددا من المحامين من الحضور مع موكليهم من المثقفين الذين تم اعتقالهم يوم الأربعاء الماضي على خلفية مشاركتهم في مظاهرة مناهضة للنظام وأفرج عنهم يوم السبت، بحجة أنهم لم يقوموا بإصدار وثيقة توكيل.

وقالت منظمة حقوق الإنسان السورية (سواسية) في بيان لها إن المحامي العام الأول خالف نصا قانونيا «يقضي بالسماح للمحامي بادعاء الوكالة والحضور مع موكله أمام القضاء ريثما يتم تنظيم سند التوكيل» وبالتالي فقد «تم تعطيل نص قانوني ملزم كان قد شرع لمصلحة المتهم».

وأوضح البيان أن المحامي العام الأول أصدر أمرا لعناصر الشرطة باستحضار المتهمين من الفنانين والمثقفين، للقاء بهم في مكتبه، ومنع محاميهم من الدخول معهم وحذرهم من مغبة التظاهر مجددا. وأشار البيان إلى أن المحامي العام قام بإنهاء المقابلة مع المعتقلين بمجرد أن طرح عليه أحدهم سؤالا فيما إذا كان حظر التجمع العلني والتظاهر السلمي ممنوعا على الجميع أم أن المنع والحظر يستهدف فقط المظاهرات المعارضة، ومرحب به للموالاة.

ولفت البيان إلى أنه ولدى خروج المثقفين المعتقلين من مكتب المحامي العام حاولت إحدى الأمهات تصوير ولدها بكاميرا هاتف جوال فألقى عناصر الشرطة القبض عليها وساقوها للمحامي العام بـ«طريقة مهينة».. ومن جهته، كال المحامي العام لها «العبارات غير اللائقة لها وقام بتفتيش هاتفها الجوال مع عناصر الشرطة حيث أخذت تستجدي وتتوسل بعد تهديدها بالاعتقال قبل أن يصدر أوامره بإطلاق سراحها». ومن ثم أصدر أوامره لعناصر الشرطة بـ«عدم السماح للمحامين بمرافقة موكليهم إبان خروجهم من باب القصر العدلي الخلفي».

وقال البيان إن معظم الإفادات القضائية أكدت أن «الاعتقالات كانت عشوائية وقبل الشروع في أعمال مادية وأن معظمها تم من قبل ما بات يعرف بـ(الشبيحة) الذين انهالوا على المثقفين ضربا وركلا وصفعا قبل تسليمهم لأجهزة الأمن، وأن بعض المعتقلين كانوا قد تعرضوا للتعذيب من قبل عناصر الأمن الجنائي وقد لوحظت اللفافات الدموية والجروح وآثار الكدمات على بعضهم». ولفت البيان إلى أن مجموعة ما بات يعرف بـ«الشبيحة» قامت بـ«محاصرة القصر العدلي بدمشق وبالتظاهر غير المرخص في انتظار خروج المتهمين لإتمام ما كانوا قد شرعوا فيه إبان اعتقالهم»، وأنه «حينما طلب قاضي النيابة العامة من عناصر الشرطة صرفهم من المكان حضر رئيس قسم الشرطة بالقصر العدلي وطلب منه التريث ريثما ينتهون من التظاهر فينصرفون من تلقاء أنفسهم رغم أن تجمعهم وتظاهرهم لم يكن مرخصا»، ورأت المنظمة السورية لحقوق الإنسان أن «تحريض» بعض السوريين على بعضهم الآخر لاختلافات آيديولوجية والتستر عليهم و«إطلاق يدهم على المختلفين معهم في الرأي يعتبر أحد أشكال التمييز الفجة وأبعد ما يكون عن السلوك الحضاري». وطالبت السلطات في سوريا بالوقوف على «مسافة واحدة من جميع السوريين واحترام حق التجمع السلمي والتعبير عن الرأي قبل الحديث عن أي إصلاح مرتقب».

وكانت السلطات السورية أفرجت السبت عن مثقفين وفنانين شاركوا في مظاهرة مناهضة للنظام في منطقة الميدان، وفور الإفراج عنهم لاحقهم «الشبيحة» لكن المعتقلين المفرج عنهم تمكنوا من الهروب بمساعدة الأهالي من منطقة وجودهم بالقرب من القصر العدلي.

ومن بينهم الممثلة مي سكاف، والصحافي إياد شربجي، والممثلان التوأمان محمد وأحمد ملص والكاتبتان ريما فليحان ويم مشهدي والمخرج نضال حسن، وغيرهم.

وبعد الإفراج عنها، عبرت مي سكاف، في تصريحات لها عن ألمها لتصرفات بعض أولئك الذين لا يقبلون الرأي الآخر. وأثار اعتقال الفنانين جدلا واسعا في سوريا وفي وسائل الإعلام العربية، فهي كانت مظاهرة سلمية بامتياز و«عرت النظام» أمام المجتمع السوري والعربي والدولي، بنفي تلك الصفات السفلية والإرهاب والعمالة للخارج عن المتظاهرين في سوريا.

أحد قادة المظاهرات في أحد أحياء مدينة دمشق عبر عن تقديره وثمن عاليا مظاهرة المثقفين والفنانين السوريين في حي الميدان يوم الأربعاء الماضي، وقال الناشط الذي لم يفصح عن اسمه في اتصال له مع «الشرق الأوسط» في لندن، إن «وقفة المثقفين والفنانين أعطتنا دعما معنويا كبيرا، وهذا موقف نقدره لهم»، وتمنى الناشط أن تصل رسالة «شباب الثورة» إلى كل من يقف معهم من المثقفين والفنانين وإلى كل من اعتقل منهم، بأن وقفتهم «الشجاعة» زادت حماسهم، وقد «لاحظت حماسا غير عادي في المظاهرة عندما كنا نردد هتافات تحييهم»، ويوم جمعة «الحرية»، «رفعنا أسماء المعتقلين منهم عاليا وهتفنا مطالبين بإطلاق سراحهم.. نريدهم معنا وإلى جانبنا»، وأسف الناشط لأن المثقفين والفنانين خرجوا في مظاهرة دون أن ينسقوا معهم أو مع أي من المتظاهرين الذين خبروا الخروج إلى الشارع والمواجهة مع الأمن، وقال كان بالإمكان أن «نشارك معهم ونساعدهم على الهروب من الأمن أو على الأقل تعليمهم كيف يحمون أنفسهم من الضرب»، لكننا فوجئنا بخبر المظاهرة وأزعجنا تعرضهم للضرب فورا واعتقال نحو 39 مشاركا منهم وهذا رقم كبير، غالبيتهم من النساء، ويتابع: «لقد علمتنا تجربة أربعة أشهر من التظاهر شبه اليومي ألا ندع النساء في مواقع متقدمة في المظاهرة كي لا يتعرضن للضرب، كما ننبهن ونطلب منهن المغادرة فورا، كما تدربنا على طرق للهروب السريع»، وللأسف لو علمنا مسبقا بأمر المثقفين والفنانين كنا سنكون معهم ونشكل درعا لحمايتهم.

ويتابع الناشط الميداني قوله، «حسب ما وصل إلي من معلومات عن المظاهرة، فإن قوات الأمن حاصرت المظاهرة فور تجمع عدد منهم وقبل وصولهم إلى المكان المحدد مسبقا وتم اعتقال نحو 20 شخصا منهم، وذلك قبل الموعد المحدد لانطلاق المظاهرة بربع ساعة، وعندما وصل عدد آخر في الموعد المحدد ومحاولتهم التظاهر تم إلقاء القبض على 19 شخصا آخر وتعرض المتظاهرون للضرب المبرح». وأوضح الناشط أن الخطأ الفادح الذي وقع فيه المتظاهرون الإعلان عن مكان وزمان انطلاقهم عبر «فيس بوك»، وذلك رغم علمهم بأن هذا الإعلان سيجعل قوات الأمن تسبقهم وتحتل المكان. وأضاف: «ربما ظنوا أن قوات الأمن لن تجرؤ على الاعتداء عليهم، أو أنهم سيتعاملون معهم كشخصيات اعتبارية» من الأفضل لو أنهم لم يراهنوا على ذلك، لأن «عناصر الأمن على الأرض حين تتلقى أمرا بتفريق مظاهرة بالعنف لا تستخدم عقولها، وتفقد التمييز بين مثقف وفنان وغيره، كما لا تميز بين رجل وامرأة أو طفل وعجوز، إنهم يتصرفون كالوحوش العمياء».