أفغانستان: بدء عملية نقل المسؤوليات في ولاية باميان

نقل المهام الأمنية في أجواء تتسم بالسرية

TT

بدأت أفغانستان عملية نقل المهام الأمنية التي أعلن عنها منذ فترة طويلة للسيطرة على أمنها وسط أجواء تتسم بالسرية أمس، مما يذكر بأن البلاد لا تزال مضطربة حتى في الوقت الذي يجري فيه سحب قوات حلف شمال الأطلسي. وتوجه وزراء جوّا إلى إقليم باميان بوسط البلاد، وهو أحد أكثر الأماكن التي تتمتع بالسلم في أفغانستان، للمشاركة في احتفال لم يعلن عنه مسبقا ولم تنقله أي قناة على الهواء مباشرة، ودعي له عدد قليل من وسائل الإعلام. وسيسلم حلف شمال الأطلسي المهام الأمنية للشرطة والجيش بأفغانستان في عملية تدريجية من المقرر أن تكتمل بحلول نهاية 2014، مما يفسح المجال أمام انسحاب معظم القوات الأجنبية. وقالت مصادر أمنية إن هناك مخاوف جادة من وقوع هجمات في بعض المناطق السبع التي اختيرت للمرحلة الأولى من نقل المهام الأمنية، بينما تسعى طالبان لتقويض هذا الهدف. وقال متحدث باسم حاكم إقليم باميان إن مراسم تسليم المهام الأمنية للشرطة الأفغانية من القوات النيوزيلندية المتمركزة هناك بدأت نحو الساعة التاسعة صباحا (04:30 بتوقيت غرينتش) وتستمر إلى ما بعد الظهر. وليس هناك أي وجود للجيش الأفغاني في إقليم باميان، لكن يتوقع أن تتضمن جميع الاحتفالات الأخرى نقل المهام الأمنية إلى كل من الشرطة والجيش.

وقال المتحدث عبد الرحمن أحمدي: «بدأت عملية النقل رسميا في باميان أمس، وهذه عملية وطنية كنا ننتظرها». وأضاف: «لم تعانِ باميان من أي تهديدات أمنية، لذا فإن العملية ستجري بدرجة كبيرة جدا من السلاسة».

ويسعى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي منذ فترة طويلة إلى نقل المهام الأمنية، وشارك في تحديد موعد اكتمالها لكنه لم يحضر مراسم باميان. ولم يتسنّ الاتصال بوحيد عمر المتحدث باسم كرزاي على الرغم من المحاولات المتكررة للوصول إليه. ولم يصدر كذلك تعليق من الحكومة في كابل حتى ظهر أمس. ونفى متحدث باسم وزارة الداخلية وجود أي محاولة للتقليل من أهمية بدء العملية التي تقول الحكومة الأفغانية وحلفاؤها الغربيون إنها مهمة لاستقرار البلاد على المدى الطويل.

وقال المتحدث صديق صديقي: «انتظرنا البداية الرسمية، وهو ما جرى في باميان... ليس هناك سبب وراء ذلك». وأضاف أن «الجميع يعلمون أن عملية نقل المهام كانت مقررة هذا الأسبوع».

ورفضت قوة المعاونة الأمنية الدولية (ايساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي التعليق على بدء عملية تسليم المهام الأمنية على أساس أن العملية تقودها الحكومة الأفغانية. وقالت القوات البريطانية إن الأوضاع الأمنية في معقل واحد على الأقل من معاقل طالبان بإقليم هلمند بجنوب أفغانستان تحسنت بدرجة تكفي لأن يكون مرشحا لموجة ثانية من عمليات تسليم المسؤولية الأمنية للأفغان بحلول أوائل العام القادم.

ولا تزال أعمال العنف منتشرة بكثافة في أجزاء من الإقليم، لكن مناطق مثل ناد علي تعطي أملا لقوات حلف شمال الأطلسي في المضي قدما بخطة تسليم المسؤوليات الأمنية تدريجيا للقوات الأفغانية. وسينقل الحلف المسؤولية الأمنية في عاصمة الإقليم لشكركاه للقوات الأفغانية خلال الأسبوع القادم، في إطار أول موجة من عمليات تسليم المسؤوليات. وستتم تلك العمليات تباعا إلى أن تستكمل في بقية أنحاء البلاد بحلول عام 2014 مما يمهد الطريق لانسحاب معظم القوات الأجنبية.

لكن في حين انصبّ التركيز على المناطق السبع التي ستفتتح بها العملية لم تكن هناك مناقشات تذكر بشأن المناطق التالية أو مدى السرعة التي ستجري بها عملية تسليم المسؤولية.

يقول ضباط بالجيش البريطاني مسؤولون عن الأمن في هلمند إن ناد علي، وهي أرض زراعية خصبة تقع إلى الشمال الغربي من لشكركاه، قد تكون المستهدفة بالمرحلة الثانية التي ستبدأ على الأرجح أوائل 2012. وقال كابتن فريدي انغرفيلد المسؤول عن متابعة الشرطة الأفغانية في المنطقة: «يجري نقل المسؤولية الآن في لشكركاه. ناد علي ستكون التالية»، مضيفا أنه يعتقد أن عملية النقل قد تجري بحلول مارس (آذار) القادم. ومضى يقول: «يجري نقل غير رسمي بالفعل». يقول اللفتنانت كولونيل فريزر ري إن أعمال العنف انخفضت في وسط هلمند.

وفي أماكن مثل ناد علي فإن موسم القتال السنوي الذي اعتاد فيه المقاتلون العودة من مخابئهم الشتوية ليستغلوا الغطاء الذي توفره لهم الأشجار الجديدة التي تنمو في البساتين ومزارع الكروم تراجع. وأضاف: «للمرة الأولى في الأعوام القليلة الماضية يعيش السكان المحليون فصل الصيف... دون بدء موسم القتال الحقيقي، وهذا تغيير كبير فعلا بالنسبة لهم. إنهم يتطلعون الآن إلى ما يمكن أن توفره لهم الحكومة الأفغانية». يقول الميجور جيمي موراي، وهو مسؤول عسكري بريطاني في الجزء الجنوبي من ناد علي، إن قوة المعاونة الأمنية الدولية (ايساف) في أفغانستان أحجمت عن الالتزام بجدول زمني، لكنه يشعر أن المنطقة تستعد لنقل المسؤولية الأمنية. وأضاف: «في هذا التوقيت من العام الماضي وقع قتال شرس في ناد علي الجنوبية، وفي العام الحالي لم نشهد قتالا حتى الآن». ويحذر ضباط آخرون بالجيش البريطاني من أن الوضع في ناد علي أصعب كثيرا من الوضع في الجنوب. ويقول ضباط بريطانيون إن التحسن في الأوضاع الأمنية في أجزاء من هلمند يرجع إلى زيادة القوات الأميركية وقوات الحلف العام الماضي، فضلا عن الارتفاع السريع في أعداد أفراد الجيش والشرطة الأفغانيين الذين يقيمون الآن العشرات من نقاط التفتيش في ناد علي. وتدرب القوات البريطانية وتتابع الشرطة وتوجهها في العمليات وتنضم إليها في دوريات وتقدم لها المشورة بشأن تفتيش السيارات واعتقال المشتبه بهم. وقال ري: «لسنا غافلين عن نقاط ضعفهم وبعض الاخفاقات، لكن الرسالة في مجملها إيجابية جدا وتنطوي على تحسن». وأضاف: «في مركز التدريب الإقليمي كانت النتائج جيدة مع أكثر من ثلاثة آلاف شرطي جديد على مدى العامين الماضيين». وقال الكوربورال جيتمدرا براساد راي ويتمركز في ناد علي إن التجربة تتناقض بشدة مع تجربته السابقة في قلعة موسى بهلمند عام 2009. وشاركت وحدته في قتال مستمر وعنيف وفقدت اثنين من أفرادها.