المجلس العسكري يسعى نحو دور قوي في الحكم

تبني وثيقة «إعلان مبادئ أساسية» تحكم عملية صياغة الدستور

TT

يتجه المجلس العسكري في مصر نحو وضع مبادئ أساسية حاكمة للدستور الجديد، تحمي وربما توسع من سلطته لتصبح غير محدودة، وتضعف من سلطات القادة المنتخبين في المستقبل. وأعلن المجلس يوم الثلاثاء الماضي أنه بصدد تبني وثيقة «إعلان مبادئ أساسية» تحكم عملية صياغة الدستور، ورحب الليبراليون مبدئيا بهذه الخطوة باعتبارها تلبية لمطلبهم بضمان مبادئ فوق دستورية تضمن الحريات المدنية، التي من شأنها تحديد نفوذ فوز الإسلاميين المحتمل في الانتخابات المقبلة.

لكن يقول خبراء القانون الذين كلفهم المجلس العسكري بصياغة تلك الوثيقة إنه سيوضح دور القوات المسلحة في الحكومة المدنية، وربما يضمن إبقاء ميزانية الدفاع بعيدا عن المراقبة الشعبية والبرلمان، ويحمي المصالح الاقتصادية الكبيرة للجيش. سوف تمنح المقترحات، التي تُنظر، الحق للجيش في التدخل في الشؤون السياسية لحماية الوحدة الوطنية أو الهوية العلمانية للدولة. وبحسب تقرير صحافي الشهر الماضي في صحيفة «المصري اليوم»، أشار أحد قادة المجلس إلى هذا الدور. يعتزم الجيش تبني هذه الوثيقة قبل إجراء أي انتخابات أو استفتاءات أو مبادئ فوق دستورية، على حد قول محمد نور فرحات، أستاذ القانون الذي يشارك في وضع الوثيقة.

يمثل هذا تغييرا كبيرا لقوة تعهدت مرارا وتكرارا بتسليم السلطة لبرلمان منتخب يضع الدستور، بعد أن ساعدت في طرد الرئيس مبارك منذ خمسة أشهر. على الرغم من أن وثيقة المبادئ المقترحة قد تحمي الليبراليين من دستور ذي صبغة إسلامية، فربما تنتج ديمقراطية محدودة من خلال حماية الجيش من سيطرة مدنية كاملة.

طالما اعتاد الجيش على نوع من الحكم الذاتي الافتراضي، فلم يتم الكشف يوما عن ميزانيته أمام البرلمان، ويمتد نشاطه إلى الأعمال التجارية، مثل الفنادق والأجهزة الإلكترونية والمياه المعدنية وتصنيع السيارات.

البعض ينتقد بالفعل مخططات الجيش ويعدها تهديدا للعملية الديمقراطية. ويقول إبراهيم درويش، أستاذ القانون المصري، الذي شارك في صياغة دستور تركي جديد يحد من الدور السياسي للجيش، إن الجيش المصري يقلد على ما يبدو نظيره التركي؛ فبعد انقلاب 1980، خصص الجيش التركي لنفسه دورا كبيرا في السياسة بصفته حارس علمانية الدولة، وكان من أسباب حدوث سنوات من الاضطرابات السياسية. وأوضح قائلا: «لا يمكن أن تحتكر مؤسسة واحدة الدستور. وضع الدستور مهمة البرلمان وليس العكس».

يقول رجال القانون الذين يشاركون في صياغة الوثيقة، إن المجلس العسكري أخبرهم بأن عليهم الاختيار من بين عدة وثائق مقترحة يتم تداولها في القاهرة. هناك مقترح واحد على الأقل يحدد دورا محدودا غير سياسي للجيش، يتمثل في حماية السيادة الوطنية، بينما تخول له وثائق أخرى سلطة كبيرة واستقلالا، أو حق التدخل في السياسة المدنية؛ اقتداء بالنموذج التركي.

يقول فرحات إنه لم يكن متأكدا من مدى حكمة السماح للقوات المسلحة بلعب دور في الحياة السياسية المصرية، لكنه يدعم استثناء ميزانية الدفاع من الرقابة الشعبية؛ كضمان للأمن القومي والاستقلال العسكري.

ودعا آخرون اختارهم المجلس العسكري لصياغة الوثيقة، إلى اضطلاع القوات المسلحة بدور يشبه دور الجيش التركي خلال فترة ما بعد الثورة. وقالت تهاني الجبالي، وهي قاضية مشاركة في عملية صياغة الوثيقة: «الجيش المصري يختلف عن جيوش البلاد الأخرى التي تنعزل فيها عن الحياة السياسية. تاريخ الجيش يمنحه مصداقية خاصة، لذا فمن الطبيعي أن يضطلع بقدر من المسؤولية في حماية الشرعية الدستورية والدولة المدنية». وقالت إنها تفضل أن يطرح المجلس العسكري الوثيقة للاستفتاء العام، وفي حال لم يتم ذلك، فسوف تستمد الوثيقة شرعيتها من سلطة المجلس العسكري. يعد الإعلان عن هذه الوثيقة عقبة أمام جماعة الإخوان المسلمين التي تعد من أكثر القوى السياسية تنظيما، فجماعة الإخوان مهيأة للعب دور كبير في البرلمان الجديد، وبالتالي صياغة الدستور الجديد. وعارضت الجماعة مقترحات الليبراليين بوضع دستور قبل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها خلال الخريف، أو بتأجيل الانتخابات حتى يتمكن الليبراليون من تنظيم صفوفهم.

* شاركت هبة عفيفي في إعداد هذا التقرير خدمة «نيويورك تايمز»