نائب الرئيس العراقي المستقيل: الحكومة غير ناجحة ولا تؤدي مهامها الأساسية.. وتعمل بطريقة اعتباطية

عادل عبد المهدي لـ «الشرق الأوسط»: من مصلحة العراق أن تكون له أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج

TT

حقق الدكتور عادل عبد المهدي، القيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم، سابقة وطنية في تاريخ العمل السياسي العراقي، وذلك باستقالته من منصبه الرفيع، النائب الأول لرئيس الجمهورية، لشعوره بأنه لا يستطيع تقديم خدماته للعراق والعراقيين من خلال منصبه، بسبب أن «الصلاحيات الحقيقية والدستورية لرئاسة الجمهورية معطلة» على حد قوله، مضحيا بالمنصب لصالح سمعته وسمعة عائلته الوطنية كونه يرى أن «مواقع المسؤولين هي للخدمة.. فإن حجز طريق الخدمة، فلا أهمية للموقع».

وفي حواره مع «الشرق الأوسط» لا ينتقد عبد المهدي الأوضاع السياسية في العراق فقط، بل وكعادته يقيم ويشخص ويقدم المعالجات لطبيعة الخلل السائد في الأداء السياسي والحكومي، من دون أن يستثني حزبه أو الأحزاب الإسلامية والعلمانية. وفي أول حوار لصحيفة عربية بعد استقالته، يسند عبد المهدي أسباب الاستقالة إلى «عدم الرضا عن أسلوب الإدارة وتردي الخدمات وفشل السياسات المتبعة».. وفي ما يلي نص الحوار..

* أشيع الكثير من الحكايات حول أسباب استقالتكم، هل لنا أن نعرف منكم الأسباب الحقيقية لهذه الاستقالة التي عدها البعض مفاجئة؟

- عدم الرضا عن أسلوب الإدارة.. وتردي الخدمات.. وفشل السياسات المتبعة.. وتحميل الآخرين المسؤولية.. وانزعاج الرأي العام والمرجعية من الأوضاع السلبية التي لم تشهد التحسن المطلوب، رغم الوعود والإمكانيات الكبيرة.

* سحبتم ترشيحكم لمنصب نائب رئيس الجمهورية، ثم ترشحتم للمنصب ذاته، بعدها تمت تسميتكم النائب الأول لرئيس الجمهورية، ثم استقلتم.. ترى هل لهذا التتابع من أسباب؟

- إنه يظهر التململ الذي أظهرته في مناسبات عديدة.. إلى أن تيقنت أن الاستقالة هي السبيل الوحيد، خصوصا بعد موقف المرجعية والرأي العام. وهذه ليست المرة الأولى.. فقد قدمت استقالتي بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في 2007، وكانت هناك استقالات أخرى. لكن في المقابل كانت تمارس علي ضغوطات من قبل شخصيات كبيرة أحترمها من أجل البقاء وخدمة الدولة. فالموضوع ليس انفعالا وعنادا، بل هو قرارات وتداول وترجيح للمواقف.

* هل تمت استقالتكم بضغوط سواء كانت سياسية أو مرجعية؟

- لا شك أن الرأي العام يشكل ضغطا، كذلك المرجعية.. لكن هذه الضغوط لم تأخذ معنى الأوامر، بقدر ما أفصحت عن وجهات نظرها.. واتخذت موقفا من السياسيين يعبر عن هذا الانزعاج.. الذي لم يعد يسمح لي بالبقاء في موقع يناله هذا النقد والتجريح، من دون موقف مسؤول وجدي.

* قلتم لنا في لقاء سابق إنكم لا تقبلون البقاء في مكان أو منصب لا تستطيعون خدمة الناس من خلاله، فهل تعتقدون أنكم لا تستطيعون تقديم الخدمة من خلال منصبكم كنائب لرئيس الجمهورية؟

- الاستنتاج أعلاه يلخص السؤالين السابقين. نعم أرى أن الصلاحيات الحقيقية والدستورية لرئاسة الجمهورية معطلة.. والدستور منح رئاسة الجمهورية الكثير من الصلاحيات التي تجعلها جهة إشرافية وليس شرفية كما يريد البعض.. وأتمنى على الرئيس وإخواني في السلطة التنفيذية تفعيلها للصالح العام ومصلحة البلاد ومؤسسات الدولة.

* هل هناك خلافات بينكم وبين حزبكم المجلس الأعلى الإسلامي، أو على الأقل مع أطراف معينة فيه؟

- كان المجلس داعما لهذا الموقف بالكامل.. ووقفت كل مراكز القرار معه.. صحيح هناك بعض الأفراد الذين طرحوا وجهات نظر تقول إننا نضحي بمواقعنا. لكن الرؤية الرسمية بأن مواقع المسؤولين هي للخدمة، فإن تم حجز طريق الخدمة، فلا أهمية للموقع.

* هل يعيد المجلس الأعلى الذي أنتم أحد أبرز قيادييه مراجعة حساباته من أجل تحقيق انطلاقة سياسية جديدة؟

- نعم.. إن الجهود مبذولة خصوصا من قبل السيد عمار الحكيم وبقية الإخوة لإصلاح الوضع جذريا على الصعيد التنظيمي والعلاقات بالجماهير.. وقد قطع المجلس شوطا بعيدا في ذلك.. وفي تطوير خطه السياسي، وبرامجه الإصلاحية.. وبناء تحالفاته مع القوى العراقية المختلفة.. ومع الفضاء الإقليمي والمجتمع الدولي.

* المعروف عنكم، وأنتم شخصية أكاديمية متخصصة، أنكم أقرب إلى العلمانية من أن تكونوا في حزب إسلامي، هل فكرتم في تأسيس حزب وطني بعيدا عن أسلمة السياسة أو الإسلام السياسي؟

- لست اقرب إلى العلمانية من الإسلامية.. ولست أقرب إلى الإسلامية من العلمانية.. إنني اعتقد أن مباني الفكر الإسلامي مترابطة ولا يمكن التفكيك بينها.. فكلما تعمقنا أكثر في مباني هذا الفكر سنجد أنه يفرد توصيفات وتحليلات ومفاهيم من شأنها أن تعالج الحالة الوضعية أفضل من الكثير مما يسمى المدارس العلمانية الأحادية.. وكلما توغلنا أكثر في الحالة الوضعية كان بالإمكان للمفاهيم الإسلامية أن تساعدنا إن أحسنا استخدام الأدوات.. لا تأخذوا التجارب الفاشلة التي رفع لواءها بعض الدينيين أو بعض الوضعيين الذين ساروا على قدم واحدة.. خذوا التجارب الناجحة، وستجدون أن وحدة الفكر ستربط بين الفيزيقية والميتافيزيقية.. ولعل في البناءات الإسلامية أفضل حالات الربط والتمييز التي تساعد في وضوح الرؤية وحسن السلوك. لذلك في تجربتنا في العراق فإن المجلس الأعلى، مثلا، كان أكثر دفاعا عن الديمقراطية وتداول السلطة وانتخاب الحاكم وحاكمية الشعب من الكثير من القوى التي تسمي نفسها علمانية التي دعت إلى حاكمية النخبة أو الحزب أو الفرد، بل مارستها لعقود طويلة.

* لستم ممن يقبل الانتماء إلى نادي المتقاعدين، ترى ما هي خطوتكم السياسية القادمة؟

- سأعطي جهدا أكبر للجوانب النظرية والمفاهيمية.. ولجوانب بناء وحدة قوى سياسية وطنية تستطيع تحمل مهام المرحلة.. وللدفاع عن مطالب الناس والعراق والمنطقة.. ولدعم أي عمل إيجابي تقوم به الدولة أو الحكومة، ونقد وتصويب ما هو سلبي.. إلخ.

* كشف الدكتور إياد علاوي، زعيم ائتلاف العراقية، لـ«الشرق الأوسط» عن مساعي بذلوها في العراقية لترشيحكم رئيسا للحكومة الحالية، هل لنا أن نعرف تفاصيل هذا الموضوع، ولماذا لم يتحقق، وماذا كان موقفكم؟

- إذا كان السؤال يتعلق بمرحلة ما قبل تشكيل هذه الحكومة فالتفاصيل باتت معروفة وتتعلق بأنماط المفاوضات والمطالبات التي إن كانت تفتح بابا، فإنها تغلق أبوابا أخرى.. كان الأخ (رئيس الوزراء نوري) المالكي يتحرك وقد تمتع بدعم واسع من التحالف الوطني والكردستاني ولم يعد هناك مجال لخيار آخر. أما إذا كان المقصود في المرحلة الحالية فلا توجد تفاصيل لهذا الموضوع، وإذا كنتم تستدرجونني للحصول على تفاصيل جديدة حول ذلك فأقول إن هذا الموضوع لم يطرح ولم يناقش لذلك لم يتحقق.. ولم نُسأل ليكون لنا موقف.

* باعتقادكم ما هي أسباب إخفاق المجلس الأعلى في الحصول على مقاعد أكثر خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة؟

- كان يمكن للمجلس الأعلى وبالأصوات التي حصل عليها في الانتخابات التشريعية الماضية (والتي زادت على ثلاثة أرباع المليون صوت) أن يضاعف مقاعده لو أحسن تنظيم قائمته.. فقد حصل على أعلى الأصوات في الائتلاف الوطني العراقي.. لكنه بعثرها على عدد كبير من المرشحين، وهذا ينطبق على تيار الإصلاح الذي يتزعمه الدكتور إبراهيم الجعفري، ولو كان قد ركزها على شخصيات حصلت على أصوات عالية جدا، وأحسن توزيعها، لحصد مقاعد أكثر.. خلافا للتيار الصدري، وحزب الفضيلة، الذي تقدم بعدد من المرشحين وسمح له بأن يحصل على مقاعد من خلال أصوات كانت لغير مرشحيه. كذلك يجب ألا ننسى أن المجلس فقد قائدين كبيرين ليس على صعيد المجلس بل على صعيد العراق والمنطقة، هما الشهيد محمد باقر الحكيم والمرحوم السيد عبد العزيز الحكيم، مما أحدث بعض التأرجح في سياسات المجلس وقيادته التي أثرت، ولا شك، في أدائه العام. رغم ذلك فإن النجاح في الانتخابات سيعتمد في النهاية على حسن العلاقة بالجماهير وتعبئتها.. ويبدو لي أن كوادر المجلس قد أصابها بعض الغرور بسبب النجاحات الأولى.. فأهملت واجباتها في العلاقة بالجمهور فاهتمت بالمواقع والوجاهات أكثر من اهتمامها بقضايا الجماهير الأساسية.

* على الرغم من أن جميع الأحزاب الإسلامية تتحدث عن التوجهات الوطنية، وأنتم تحدثتم عن حكومة خدمات وبناء دولة مؤسسات فإن الاصطفافات التي حدثت بعد ظهور نتائج الانتخابات دلت على أنها شيعية شيعية، إن لم نسمها طائفية، لدعم نوري المالكي ليبقى رئيسا للحكومة بدعم شيعي على الرغم من اعتراضاتكم عليه..

- أعتقد أن هناك خللا يجب أن يعالج في طريقة تشكيل الحكومة.. فهذه الآليات لا تقود إلى تكوين أغلبية سياسية، أو حكومة شراكة وطنية، أو أي شكل آخر من الحكومات، سوى حكومة محاصصة ستكون معطلة منذ لحظة ولادتها، لا فرق إن كانت شيعية أو كردية أو سنية أو غيرها.

* في حوارات سابقة لكم مع «الشرق الأوسط» كشفتم عن الكثير من الاعتراضات على ممارسات المالكي، قبيل تشكيل الحكومة الحالية، لكنكم بالتالي وقفتم إلى جانبه، هل لنا أن نعرف الأسباب؟

- السياسة ليست أمنيات نظرية بل خيارات واقعية.. والسياسة ليست مجرد المشاكسة بل هي مصالح عامة، وتنظيم عملية، وإدارة دفة، والسعي للتقدم.. فعندما نعترض فلكشف عوامل الزلل والخلل والإصلاح.. وعندما نؤيد فوفق شروط ومواثيق واتفاقات.. فالسياسة اجتهادات وإدارة وتقدير موقف قد يكون صحيحا وقد يكون خاطئا.. والوقت وحده يكشف ويحدد النتائج.

* على مدى أكثر من ثماني سنوات من تغيير النظام السابق، لا يزال غالبية من السياسيين العراقيين الذين في السلطة يلقون بأسباب التراجع الأمني والسياسي والخدمي والاقتصادي والاجتماعي على شماعته، كيف ترون ذلك؟

- لا شك أن الموروثات تلعب دورا أساسيا في عرقلة الأوضاع الراهنة.. لكنني اتفق معكم أننا يجب أن نخرج من هذه الطريقة للمعالجة.. فالتحجج بمشكلات الماضي، رغم ثقلها، هو وسيلة الفشل والعجز عن المعالجة.. في حين عندما يتصدى الإنسان للتغيير، فإنه يجب أن يأخذ في الحسبان ما سيرثه وما يستطيع أن ينجزه.. ومقابل ثقل موروثات الماضي الذي يجب أخذه في الحسبان هناك ما يقابله وهو الفرص الجديدة التي انفتحت أمام العراق داخليا وخارجيا.. والتي نبددها ولا نستثمرها بسبب الرؤى الضيقة التي ما زالت سائدة في صفوفنا. وأعتقد أن خللا كبير موجودا في مفاهيمنا لتجاوز الماضي وبناء الجديد.. وهو ما يبقينا في الحلقة المفرغة.

* هل كانت هناك عوائق حقيقية تقف في وجه تحقيق برامجكم الاقتصادية والخدمية خدمة للعراق والعراقيين، لا سيما وأنتم شخصية أكاديمية؟

- نحن جزء من هذا الواقع المعطل المحجوز.. يصيبنا ما يصيب الجميع.. ومن تجربتي أنه كلما دخلت الدولة ببيروقراطيتها ومنطقها المتناقض والذي لا قاعدة واضحة أو ثابتة له، وكانت طرفا في أي برنامج، فإن عوامل العطل والكبح تفوق عوامل التشجيع والانطلاق والتطور.

* باعتقادكم، هل نجحت تجربة الأحزاب الإسلامية، الشيعية خاصة، في حكم العراق بعد أن ترأس حزب الدعوة ثلاث حكومات متعاقبة؟

- كلا.. لم تنجح، ليس فقط حزب الدعوة بل مجموع الأحزاب الإسلامية التي تسمونها شيعية.. نجحت في الدستور والانتخابات، لكنها لم تنجح في الحكومة والخدمات والعلاقات الوطنية والخارجية.

* هل تعتقدون أن العلمانيين أكثر قدرة على إدارة البلد، أم الإسلاميين؟

- لقد كان الحكم بيد من تسميهم بالعلمانيين طوال العقود الماضية ولم يفلحوا أيضا، وسارت البلاد في طريق الحروب والتدمير والتراجع والاستبداد، رغم أنهم ورثوا أوضاعا أفضل بكثير مما ورثته الأحزاب التي تسمونها إسلامية أو شيعية. فالمسألة مرة أخرى ليست الإسلامية أو العلمانية، بل الرؤى الصحيحة لحكم البلاد بكل المعادلات المعقدة والتحديات الداخلية والخارجية.

* كيف تقيمون موضوع الحريات في العراق بعد أن عانى الشعب من القمع طوال أكثر من ثلاثة عقود، واليوم تصادر حرياته في التظاهر وإبداء الرأي من قبل السلطات الحكومية؟

- حقق العراق حريات واسعة لتشكيل الأحزاب والانتخابات ووسائل الإعلام، ولولا هذه الحريات لما كان بمقدورنا أن نخوض هذا النقاش الصريح.. لكن الحريات ليست فقط التعبير عن الرأي والتظاهر، بل هي منظومة متكاملة يجب حمايتها وبناؤها ودعمها أخلاقيا وقيميا وماديا.. وإننا على هذا الصعيد لم نبن مؤسسات حرة مسؤولة متمكنة تستطيع المساهمة في بناء الرأي العام وتصورات المستقبل بشكل صحيح، والقيام بدور السلطة الرابعة بكل مستلزماتها ومتطلباتها. كذلك ما زالت العقلية والممارسة الاستبدادية والأمنية أقوى من حرية الرأي ومفهوم الحريات العامة، وتشجعها عوامل الاستمرارية التاريخية التي حكمت البلاد بهذه الطرق الاحتيالية والتعسفية والاستبدادية.

* هل ثمة اتفاقات جديدة بين الكتل والأحزاب العراقية للخروج من المأزق الحالي؟

- نعم هناك حراك لخصه اجتماع الرئاسات والكتل.. كذلك هناك حراك واتصالات مستمرة بين كل القوى من دون أي استثناء.

* أنتم اليوم خارج السلطة، رسميا.. ما هو تقييمكم لأداء الحكومة الحالية، لا سيما أن رئيسها نوري المالكي يقود الأجهزة الأمنية كلها، وهو ذاته كان رئيسا للحكومة السابقة؟

- الحكومة غير ناجحة ولا تؤدي مهامها الأساسية وتعمل بطريقة اعتباطية. فها قد مر وقت طويل ولم تقدم منهاجها للبرلمان، وقامت بتقديمه في الأسبوع الماضي فقط. فما هو العهد الذي تعمل أو عملت بموجبه للفترة الماضية والحالية والذي تحاسب نفسها أو يحاسبها الآخرون عليه؟ إنها تحاول أن تضع يدها على كل الشؤون، وتتدخل في كل شيء.. في المقابل تتنصل عن مسؤولياتها وترمي أخطاءها على الآخرين، وهذه ممارسات سلبية.. ولن تنفع التبريرات بإعطاء تصرفاتها غطاء قانونيا هو ليس من القانون والدستور في شيء.. إنها في اعتقادي أغطية فيها ثلمات قانونية ودستورية خطيرة.. ويجب أن ننتبه لذلك لأنه سيرتد علينا جميعا، شئنا أم أبينا.

* هل كان من الصعب على حزب إسلامي كالمجلس الأعلى الاتفاق مع كتلة علمانية فيها غالبية سنية مثل العراقية من أجل إبعاد العملية السياسية عن الشبهة الطائفية؟

- كلا.. ليس من الصعب الاتفاق مع أي كتلة بغض النظر عن توجهاتها الآيديولوجية أو المذهبية. فقد ارتبطنا بتحالفات مع قوى تنطبق عليها الأوصاف أعلاه قبل التغيير، ومنها الحزب الشيوعي والناصريون وحزب البعث السوري، إضافة للأكراد الذين يجمعون بين المذهبية التي تختلف عنا أو الآيديولوجية التي مرجعيتها «العلمانية» أو القومية المختلفة. وبعد التغيير، وفي مرحلة مجلس الحكم أسسنا منتدى أو بيتا كانت فيه حركة الوفاق والمؤتمر الوطني والشيوعي وقوى علمانية وغير دينية.. كذلك فاوضنا الأخ علاوي في الانتخابات الأولى للاشتراك معنا في قائمة واحدة.. كما كان لدينا مشروعان مع القوى الكردية والحزب الإسلامي وعلاوي لتشكيل جبهة في 2005 و2006.. ونستطيع الاستطراد في هذه المحاولات. لا يوجد، ويجب ألا يوجد، سور صيني أمام العلاقة مع أي قوة وطنية عراقية.

* هل أنتم متفائلون حيال موضوع الترشيق الحكومي كونه سيخدم البلد والناس؟

- كلا، لأن الرحم أو الحبل السري لولادة الحكومة، ومبرر وجوده، كما يقولون في اللغة الفرنسية (raison d›être) هو المحاصصة واشتراك الجميع.. فالترشيق هو بالضد من التعريف الأول لوجود الحكومة.. كذلك فإن ترشيق الوزارات لا معنى له إذا كنا سنوفر مليون دولار، بينما نحن نستهلك عشرات مليارات الدولارات بسبب ترهل الدولة وفسادها وسطحية خططها.. فهذه الأمور وغيرها هي الطامة الكبرى التي يجب أن نركز عليها.

* كيف تنظرون إلى مبادرة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، ومن ثم مبادرة الرئيس طالباني لتفعيل مبادرة بارزاني وجمع الأطراف في اتفاقات موحدة؟

- لولا مبادرة بارزاني لما كان بالإمكان تشكيل الحكومة.. وإذا لم تنجح مبادرة طالباني فإن الأزمة ستتصاعد.

* هل تعتقدون أن مبادرة بارزاني سيتم تنفيذ مفرداتها؟

- هناك فقدان ثقة متزايد.. والواقعية بين الأطراف ليست القاعدة.. ونصيحتي العودة إلى الأسس السليمة حفظا للمصالح العليا وعدم الدخول في أزمة ننقاد إليها بسبب عنادنا وتقديراتنا الخاطئة للمواقف.

* ترتبطون بعلاقات طيبة مع غالبية الدول العربية والغربية، لكننا نلاحظ التناقضات في سياسة العراق الخارجية، فبينما يتحدث وزير الخارجية العراقي عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، نجد أن قيادات حكومية تنتقد هذا البلد أو ذاك وتشتم دولا عربية إسلامية دعمت العراق الجديد (على خلفية موضوع البحرين)؟

- يجب الحفاظ على أفضل العلاقات بالدول العربية.. كانت لدينا مبادرات، وسنستمر في المبادرات والاتصالات، فذهبنا إلى الكويت وتركيا ودول أخرى لنخرج الوضع من التصعيد والأزمة إلى حالة تسمح من جهة بدعم مطالب الجماهير ومن جهة أخرى بالحفاظ على سلمية وانسيابية عملية الانتقال. استثمرنا علاقاتنا الجيدة بالحكومة البحرينية والمعارضة.. وتدخلنا مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والأطراف الدولية للمساعدة على أن يحصل الشعب البحريني على حقوقه وأن يتم الحفاظ على الملكية والنظام. أما الأصوات المخالفة فهذا موجود لدى الجميع.. وليس لدينا فقط.

* هل تعتقدون أن التدخل الإيراني في العراق أصبح ذا نفوذ قوي؟

- إيران في نظرنا ليست محور الشر، بل هي بلد صديق يجب أن نحرص على أحسن العلاقات معه.. كلما كانت علاقاتنا قوية بإيران، وكنا أقوياء، حمينا العراق ومنعنا التدخل في شؤونه.. وكلما كان العراق ضعيفا مرتبكا لا يستطيع صياغة سياساته، فتحنا الأبواب لشتى أنواع التدخلات، ليس أمام إيران فقط، بل أمام كل القوى الأخرى، وهي حاضرة أيضا.

* كيف تنظرون إلى موضوع انحسار العلاقات بين العراق ودول الخليج العربي، والسعودية خاصة، بينما نجد أن علاقات العراق مع إيران هي الأقوى؟

- أمر سلبي للغاية.. فمن مصلحة العراق أن تكون له أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج.. والتصعيد في غير مصلحة دول الخليج أو العراق.. ويجب أن نبني حسن النوايا والمشتركات الكثيرة لنطوق عوامل الشك والأمور التي نختلف عليها، فما بيننا أكبر بكثير من أي اختلاف، وأي اختلاف مهما كان جديا من طرفنا أو طرف الإخوة يجب ألا يعطل علاقاتنا المتميزة والمتصاعدة.