لبنان: الحكومة تعين مديرا للأمن العام وتكرس هذا الموقع بالمحاصصة

زهرا لـ«الشرق الأوسط»: يستحيل استعادة المسيحيين المركز في وجود ميزان القوى الحالي

نجيب ميقاتي لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

اقتصرت مقررات مجلس الوزراء اللبناني في ثاني جلسة له عقدت أمس في السراي الحكومي، على تعيين نائب مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد عباس إبراهيم مديرا لجهاز الأمن العام، بالإضافة إلى مجموعة بنود عادية، ليطوى بذلك السجال حول إمكانية إعادة هذا المنصب إلى الموارنة الذين فقدوه منذ أوكل الرئيس الأسبق إميل لحود هذا المنصب إلى صديقه الشيعي ورفيق دربه في المؤسسة العسكرية اللواء جميل السيد في عام 1998، ومنذ ذلك التاريخ تعتبر الطائفة الشيعية هذا الموقع حقا مكتسبا لا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف، وأهم من الوزارات الأمنية.

وإذا كان رضوخ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لمشيئة حليفيه الثنائي الشيعي حزب الله وحركة «أمل»، للقبول بإسناد رئاسة الأمن العام إلى ضابط شيعي، متراجعا عن تعهدات سابقة قطعها بإعادة هذا الموقع إلى الموارنة، تحت شعار استعادة حقوق المسيحيين في الدولة ووضع حد لتهميشهم - فإن هذا التراجع سيشرع الباب أمام انتقادات مسيحيي المعارضة للسلوك العوني، وإظهار الجنرال أمام الشارع المسيحي عجزه الكلي عن التأثير في حكومة لا سلطة مطلقة فيها إلا لحزب الله. وأن الشعارات البراقة التي يرفعها عون شيء والواقع على الأرض شيء آخر.

وتعليقا على هذا التعيين، أوضح عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ أن نقل هذا المركز إلى الطائفة الشيعية، لم نكن نتوقع للحظة أن يعود إلى المسيحيين في ظل ميزان القوى القائم في البلد، خصوصا أنه مركز أمني حساس»، معتبرا أن «مطالبة العماد (ميشال) عون في السابق لم تكن أكثر من مزايدة سياسية، لأنه يعلم يقينا أن ميزان القوى لا يسمح بإعادة توزيع المراكز الأساسية، والجو غير ملائم لإعطاء كل ذي حق حقه». وقال «ما دامت المراكز الأمنية موزعة على الطوائف، فعلى المسيحيين ألا يتخلوا عن مواقعهم الأخرى، بحيث لا يتنازل مدير المخابرات الماروني عن دوره لصالح نائبه الشيعي، ومن هنا نطالب بإلغاء منصب نائب مدير المخابرات».

في المقابل، دعا عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب، إلى «النظر إلى موضوع التعيينات كسلة متكاملة تعطي الحق لأصحابه وتؤمن التوازن بين كل الأطراف والطوائف، وليس الحكم على شيء جزئي». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الطوائف اللبنانية تزخر بالكفاءات والمتعلمين وأصحاب الخبرة الذين يستحقون تسلم مراكز أساسية في الدولة». وسأل منتقدي تخلي العماد عون عن التمسك بمنصب مدير الأمن العام: «أين كان هؤلاء طيلة السنوات التي أفقدت المسيحيين دورهم داخل الدولة؟ ولماذا لم نسمع أصواتهم من قبل؟». وردا على سؤال عما إذا كان هناك توجه فعلي لدى الحكومة لاستحداث منصب نائب مدير الأمن العام، وإسناد رئاسة جهاز أمن المطار لضابط ماروني (يتولاها حاليا ضابط شيعي)، أجاب ديب: «كل شيء ممكن في ظل توافق تام وتفاهم مع الحلفاء بما يراعي الحقوق والتوازنات». وقال: «قريبا ستكون هناك خطوة متقدمة على صعيد التعيينات في مراكز الفئة الثانية والثالثة الشاغرة بنسبة 40 في المائة التي فيها تفاوت وخلل كبير على صعيد التوزيع الطائفي، ونطالب الناس بأن يحكموا على التعيينات من خلال السلة المتكاملة وفي كل المراكز».

من جهته، قال عضو كتلة حزب الله النائب حسن فضل الله «كان خيارنا أن نوقف هذا الاستيلاء والسيطرة على مقدرات البلد من خلال اللجوء إلى وسيلة دستورية قانونية ديمقراطية، وشكلنا حكومة وطنية جديدة في لبنان ونحن جزء منها ونقف إلى جانبها وندعمها على كل المستويات، لأنها الحكومة التي أنتجت بإرادة وطنية وجاءت لتعالج إرثا ثقيلا من خلال الملفات التي تركها ذاك الفريق الذي استحكم بالبلد على مدى السنوات الماضية على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وما شابه»، مؤكدا أن «الحكومة ستعمل على التخفيف من هذا الإرث الكبير من المديونية ومشكلات الماء والكهرباء والصحة والتعليم وما شابه، لأن هذا الإرث عمره سنوات وسنوات»، وأضاف «بدأنا بالخطوات الأولى على الرغم من أن هناك من يتربص بها تربصا شديدا على المستوى الداخلي والخارجي، لأنها حكومة ليست مصنعة في دوائر القرار الخارجي التي اعتادت أن تصنع حكومات».

وسبق جلسة مجلس الوزراء، صدور مرسوم يقضي بتعيين مروان خير الدين وزير دولة خلفا للوزير المستقيل طلال أرسلان. وجاء صدور المرسم على أثر زيارة قام بها خير الدين لرئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا. علما أن خير الدين هو شقيق زوجة أرسلان.

كذلك صدر أمس مرسوم رئاسي بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب تبدأ في الأول من أغسطس (آب) إلى حين بدء الدورة العادية في 15 أكتوبر (تشرين الثاني) المقبل.