إسرائيل تحاكم 835 طفلا فلسطينيا وتدخل معظمهم السجن

يفضلون الاعتراف بأمور لم يفعلوها على أن يبقوا رهن التحقيق والاعتقال

صبيان فلسطينيان يقذفان حجارة على جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال احتجاج على جدار الفصل، عند قرية بلعين القريبة من رام الله، في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

أدانت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية المعروفة باسم «بتسيلم»، سياسة اعتقال الأطفال الفلسطينيين التي تتبعها قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية في المناطق المحتلة. وقالت إن الاحتلال وضع قانونا عسكريا لمعالجة قضايا الأطفال الفلسطينيين بشكل خاص، وإن هذا القانون يتناقض مع تعليمات القانون الدولي وحتى القانون الإسرائيلي، التي تعترف بأن جيل القاصرين يؤثر على مسؤوليتهم الجنائية. وجاء في تقرير «بتسيلم» لشهر يوليو (تموز) الحالي، أنه منذ بداية سنة 2005 ولغاية نهاية عام 2010، تم اعتقال ما لا يقل عن 835 قاصرا فلسطينيا وتقديمهم للمحاكم العسكرية في الضفة الغربية بتهمة رشق الحجارة. من بينهم 34 طفلا في جيل 12 - 13، و255 طفلا في جيل 14 - 15 و546 طفلا في جيل 16 - 17. ومن بين هؤلاء القاصرين، تمت تبرئة واحد فقط، بينما أدين الباقون جميعا، أي 834 طفلا. وتتم محاكمة القاصرين الفلسطينيين المتهمين بالمخالفات الجنائية طبقا للقانون العسكري الساري في الضفة الغربية، الذي يمنحهم القليل من الحقوق الخاصة بحكم جيلهم. هذه الحمايات، مثل فصلهم عن البالغين خلال الاعتقال والسجن، لا يتم العمل بحسبها دائما، كما هو الحال بالنسبة لاستشارة محام.

ويوضح التقرير أنه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 أقيمت في الضفة الغربية محكمة عسكرية للشبيبة، منحت لها الصلاحية القانونية في تداول المخالفات التي يقترفها من هم دون سن 16. وقد قرر القضاة العسكريون، بمبادرة منهم، أن يضموا إلى هذه المحاكم أيضا من تقل أعمارهم عن 18 عاما. وقد صرح عدد من القضاة بأن روح قانون الشبيبة الإسرائيلي يجب أن تسري أيضا في الجهاز العسكري، حتى لو كانت غير مقننة في التشريع. لكن على الرغم من هذه التصريحات، فقد غيرت المحكمة العسكرية القليل من الواقع ولا يزال المس بحقوق القاصرين عبر المحاكمات بالغا.

وأجرت «بتسيلم» مقابلات مع خمسين قاصرا لغرض إعداد التقرير، وقد وصف هؤلاء ما وقع منذ اعتقالهم وحتى إطلاق سراحهم من السجن. ويتضح من إفاداتهم سلسلة من الانتهاكات لحقوقهم: ثلاثون قاصرا منهم (أي 60%) تم أخذهم من بيوتهم من قبل الجنود خلال الليل دون أن يسمح لوالديهم بمصاحبتهم. وفقط ثلاثة قاصرين من الذين اعتقلوا ليلا رووا أنه تم التحقيق معهم في نفس الليلة؛ 19 تم التحقيق معهم في صبيحة اليوم التالي، ثلاثة تم التحقيق معهم في ظهيرة اليوم نفسه، بينما تم التحقيق مع اثنين بعد مرور خمسة أيام. فقط ثلاثة من الذين اعتقلوا ليلا أبلغوا أنه أعطيت لهم فرصة معقولة للنوم قبل التحقيق، بينما روى خمسة قاصرين أن الجنود حرصوا على إيقاظهم إذا ناموا خلال انتظار التحقيق. وقد أبلغ 19 قاصرا عن وقوع عنف وتهديدات خلال التحقيق، و23 رووا أنهم حرموا على مدار ساعات طويلة من احتياجات بدنية أساسية مثل قضاء الحاجة، الطعام والشراب.

وجاء أيضا، أن في الغالبية العظمى من الحالات، يقرر القضاة في محاكم الاحتلال إبقاء القاصرين في الاعتقال حتى نهاية الإجراءات. فمن بين 133 قاصرا تم تقديمهم للمحاكمة بتهمة رشق الحجارة والذين عالجت أمرهم منظمة DCI - Palestine في السنوات 2009 - 2010، فقط 23 (17%) تم إطلاق سراحهم بكفالة خلال انتظار محاكمتهم. ولهذا، يفضل الكثير من القاصرين التوقيع على صفقة يعترفون من خلالها بالتهمة مقابل عقوبة السجن لمدة أقصر قليلا، خشية الخوض في محاكمة مع أدلة مما يستغرق وقتا أطول في السجن. ويشكل السجن الوسيلة الأولى لجهاز القضاء العسكري في معاقبة القاصرين، بدلا من جعله المخرج الأخير. وقد حكم بالسجن على 93% من مجموع القاصرين الذين تمت إدانتهم برشق الحجارة في السنوات 2005 - 2010 وتراوحت ما بين عدة أيام إلى عشرين شهرا. وهناك 19 طفلا لم يكملوا بعد جيل 14، الذين يشكلون 60% من هذه الفئة العمرية والذين أدينوا خلال هذه السنوات، تم الحكم بعقوبات السجن، بينما يحظر القانون الإسرائيلي سجن القاصرين في هذا الجيل. يوجد للجيل الصغير تأثير حاسم على مدة السجن المحكوم بها: الأولاد الذين لم يكملوا 14 عاما في يوم الحكم عليهم قضوا مدة شهرين في السجن على أقصى تقدير، بينما قضى 26% من القاصرين في جيل 14 - 15 عقوبة امتدت أربعة أشهر وأكثر، وفي وسط القاصرين أبناء 16 - 17، نحو 59% قضوا عقوبة امتدت أربعة أشهر وأكثر. خلال فترة اعتقالهم، معظم القاصرين الذين تمت مقابلتهم لغرض هذا التقرير لم يحظوا بزيارات من قبل عائلاتهم، ومن بين 29 قاصرا تم احتجازهم في المعتقل أو السجن لمدة تزيد على أسبوع، روى واحد فقط أنه نال زيارات منتظمة مرة كل أسبوعين وفقط أربعة قاصرين آخرين حصلوا على بضع زيارات لكل واحد منهم، نظرا لكونهم معتقلين أمنيين لا يسمح للأولاد المعتقلين استخدام الهاتف. السجون لا تتيح للقاصرين استكمال تعليمهم إلا في بعض المواضيع، مما يضر بفرص نجاحهم بالدراسة.

وكان الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) قد قدم نموذجا آخر في «الديمقراطية» عندما قررت «لجنة الآداب» فيه إبعاد النائبة حنين زعبي من حزب التجمع الوطني عن جلسات الكنيست ولجانها حتى نهاية الدورة (نهاية الشهر الحالي)، وذلك «عقابا» لها على مشاركتها في أسطول الحرية، قبل سنة. وبموجب القرار لا يحق لها أن تخطب أو تشارك في النقاش. وأكدت النائبة زعبي أن قرار الإبعاد هو قرار سياسي يمثل أغلبية يمينية عنصرية. وقالت إن «هذه هي المرة الأولى التي تتم بها (معاقبة) عضو كنيست بناء على سلوكه خارج الكنيست».