اجتماعات في الرباط بين مغاربة وتونسيين للاستفادة من تجربة «هيئة الإنصاف والمصالحة»

TT

تعتزم تونس الاستفادة من تجربة مغربية في معالجة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان حدثت في عهد الرئيس المخلوع زين العادين بن علي. وقالت مصادر رسمية في الرباط إن وفدا حقوقيا تونسيا يجري اتصالات ومشاورات في الرباط للاستفادة من تجربة «هيئة الإنصاف والمصالحة» المغربية.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس شكل «هيئة الإنصاف والمصالحة» في يناير (كانون الثاني) 2004، حيث تكفلت تلك الهيئة التي ترأسها الراحل إدريس بن زكري، وهو نفسه كان معتقلا سياسيا، بمعالجة جميع انتهاكات حقوق الإنسان لفترة غطت 43 سنة، وتقديم تعويضات للضحايا، وتقديم اقتراحات دستورية وقانونية تحول دون حدوث انتهاكات جديدة.

وقال مصدر في المجلس الوطني لحقوق الإنسان (هيئة شبه حكومية) إن اجتماعا عقد أمس في الرباط بين وفد يمثل المجلس و«اللجنة التونسية للتحقيق وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان»، بحث سبل استفادة التونسيين من تجربة «هيئة الإنصاف والمصالحة».

وتطرق الاجتماع إلى طرق ووسائل التحري والبحث وتجميع الشهادات وتنظيم جلسات الاستماع وجبر الأضرار للذين تعرضوا حقوقهم لانتهاكات لأسباب سياسية. وقال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن اجتماعات الجانبين المغربي والتونسي ستستمر يومين، مشيرا إلى أنهم لن يقدموا نموذجا جاهزا حول هذا الأمر لكنهم سيقدمون تفاصيل التجربة المغربية، وقال إن «هيئة الإنصاف والمصالحة» المغربية استفادت بدورها من تجارب دول ثلاث، هي جنوب أفريقيا وغواتيمالا والبيرو. وأوضح اليزمي إن الوفد التونسي استمع إلى عروض لأعضاء سابقين في «هيئة الإنصاف والمصالحة» حول تقنيات الاستماع وتجميع المعطيات والاحتياطات الواجب اتخاذها مراعاة لحالة الضحايا النفسية، وطرق تحليل الملفات، وكذا كيفية إنشاء قاعدة بيانات وأسلوب تحرير التقرير الختامي.

ونسب إلى توفيق بودربالة رئيس «اللجنة التونسية للتحقيق وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» قوله: «تابعنا باهتمام ومنذ سنوات قرار إنشاء (هيئة الإنصاف والمصالحة) المغربية ورد الاعتبار لكل من تضرر في الماضي»، مشيرا إلى أن الجانب التونسي يرغب في التعرف عن قرب على طرق عمل لجان المصالحة، بدءا من طريقة الاستقصاء وجمع المعلومات ثم وضع معايير التعويض ورد الاعتبار وجبر الضرر. وقال إنه سبق لهم أن التقوا أعضاء مغاربة في اللجنة خلال زيارات لهم إلى تونس، مشيرا إلى أنهم يريدون الاستفادة من التجربة المغربية وسيعملون على تطبيقها بما ينسجم والخصوصيات التونسية.

وقالت ليلى الرحيوي منسقة المكتب الجهوي لشمال أفريقيا التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الذي يلعب دورا للدفع بهذا التعاون قدما، إن المكتب يواكب المسار الانتقالي في تونس، وفي هذا الإطار قدم دعما تقنيا من خلال تنظيم تبادل للتجارب بين المغرب وتونس، مشيرة إلى أن اللجنة التونسية أنهت مرحلة البحث، ومن المهم معرفة كيفية معالجة المعلومات واستغلالها وأسلوب إعداد التقرير الختامي.

يشار إلى أن «هيئة الأنصاف والمصالحة» المغربية قدمت ما يعادل 150 مليون دولار لضحايا الانتهاكات، وشملت التعويضات جميع الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب خلال فترة 43 سنة تلت استقلال المغرب، وحددت الهيئة مصير 800 من ضحايا حقوق الإنسان في فترات مختلفة.

وكانت «هيئة الإنصاف والمصالحة» أوصت بتعديلات دستورية لتقوية صلاحيات الحكومة والبرلمان قبل أن يتم التفكير في طرح الدستور الجديد للاستفتاء بفترة طويلة وإصدار قانون يتيح لموظفي الدولة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، عدم الامتثال لأوامر مخالفة للدستور. وقالت الهيئة في تقريرها الختامي أن الدولة في المغرب مارست في الماضي سياسات قمعية تجاه المعارضين، ويقول التونسيون أعضاء اللجنة إن الظروف التي عاشتها تونس خلال فترة حكم بن علي مشابهة لأوضاع المغرب السابقة، حيث اعتقل كثيرون وتعرضوا للتعذيب والقتل بسبب مواقفهم السياسية المناوئة للنظام.