البرلمان العراقي يصوت على ترشيق الوزارات.. وعقبتان أمام التنفيذ

وزير مشمول بالتقليص لـ «الشرق الأوسط»: إجهاض لحكومة الشراكة واستخفاف بعقل المواطن

TT

حاز اقتراح تقدم به رئيس الوزراء العراقي لتقليص عدد الوزارات في حكومته، على تأييد غالبية النواب خلال جلسة تصويت أولية عقدت أمس، إلا أن وضع الاقتراح في التنفيذ لا يزال يحتاج إلى تصويت على التفاصيل وآلية التطبيق المرتبطة به، كما أن التصويت أثار حفيظة بعض الوزراء الذين شملوا بـ«الترشيق» الحكومي. وتعد حكومة نوري المالكي الحالية (46 منصبا وزاريا) الأكبر في تاريخ العراق، ويبلغ راتب الوزير العراقي 13 مليون دينار شهريا (11 ألف دولار).

وقال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي عقب الجلسة البرلمانية إن «غالبية النواب وافقت على مبدأ الترشيق». وأشار إلى أنه «سيتم في أول جلسة برلمانية في الأسبوع المقبل استدعاء رئيس الوزراء لسماع وجهة نظره» حول تفاصيل المقترح، وبالتالي التصويت على تفاصيل المقترح وآلية تطبيقه. وأكد مصدر في البرلمان لوكالة الصحافة الفرنسية أن «173 نائبا (من بين 325) حضروا جلسة اليوم (أمس) وأيدوا بالإجماع مبدأ مقترح ترشيق الحكومة».

من جانبه، اعتبر وزير الدولة العراقي للشؤون الخارجية علي الصجري أن موافقة البرلمان على مبدأ الترشيق الوزاري هي «ليست أكثر من عملية استخفاف بعقل المواطن العراقي فضلا عن أنها تمثل من جانب آخر عملية إجهاض لحكومة الشراكة الوطنية».

وقال الصجري لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية الترشيق التي يجري عنها الحديث الآن وما يرافقها من تهويل إعلامي حتى تبدو الآن أمام المواطن العراقي وكأنها الإنجاز الذي طال انتظاره له هي ليست أكثر من عملية استخفاف بعقل المواطن العراقي فضلا عن كونها تنصلا عن العديد من الاستحقاقات الخاصة فيما يتعلق بحكومة الشراكة الوطنية مما يعني أن هناك عملية إجهاض واضحة لها». وأشار إلى أن «الشعب العراقي الذي ذهب إلى صناديق الاقتراع وانتخب ممثليه إنما أراد لهؤلاء تمثيله بالبرلمان وبالحكومة في إطار استحقاقات تم الاتفاق عليها وبالتالي فإن الحديث الآن عما يمكن أن توفره وزارات الدولة من وفورات مالية من شانها إنقاذ ميزانية الدولة أمر مثير للاستغراب حقا ويأتي في وقت غير مناسب».

وبشأن ما إذا كانت الوزارة التي يديرها «وزارة الدولة للشؤون الخارجية» مشمولة بخطة الترشيق قال الصجري «نعم هي مشمولة ولكن دعني أكشف لك مخصصات الوزارة ونثريتها فهي لا تزيد على مليوني دينار عراقي شهريا (أقل من ألفي دولار أميركي) وبالتالي فإنها أقل من 25 مليون دينار عراقي سنويا وهي لا تعادل نثرية مدير عام في وزارات أخرى أو بعض موظفي مكاتب نواب رئيس الوزراء» متسائلا عن «أي وفورات مالية سوف تستفيد منها الوزارة من ترشيق وزارات الدولة التي يراد لها أن تكون ضحية التوافقات السياسية وأن تتحمل فشل أداء الوزارات الأخرى». وأوضح الصجري أن «وزارة الدولة للشؤون الخارجية مثلا ليس في ملاكها سوى ثلاثة موظفين بينما يوجد على ملاك نواب رئيس الوزراء مثلا أفواج من الحمايات وأسطول من السيارات بالإضافة إلى نثرية تبلغ 7 مليارات دينار عراقي سنويا (ما يعادل 6 ملايين دولار)»، داعيا إلى «شمول نواب رئيس الوزراء بالترشيق لأنهم مثل وزراء الدولة بلا حقائب وإنما يكلفون بملفات وبالتالي فليس ثمة حاجة فعلية لهم في ظل الاتجاه إلى الترشيق إذا ما أريد لهذا الترشيق أن يكون حقيقيا». وأشار الصجري إلى أن «القضية الأهم على صعيد الترشيق وتخفيف العبء عن الموازنة المالية للدولة هي العمل على تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والوزراء والبرلمان فهي التي ترهق الميزانية فعلا ولكن سكت عنها الجميع وذهبوا إلى الحلقة الأضعف والتي لا تكلف شيئا مثل وزارات الدولة».

وكانت النائبة سميرة الموسوي التي تنتمي إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي قد قالت إن «مجلس النواب تسلم مقترحا حكوميا من رئاسة الوزراء يتضمن برنامج ترشيق الوزارات وصولا إلى الإبقاء على 29 وزارة» من أصل 46.

وأضافت أن «الوزارات التي سيتم شطبها هي وزارات دولة إضافة إلى وزارتين أخريين فقط».

وفي ضوء المناقشات التي جرت أمس، طفت إلى السطح مشكلتان، الأولى تتلخص بكيفية التعامل مع الوزراء المشمولين بعملية التقليص، فهل يتم التعامل معهم على أساس أنهم أقيلوا أم استقالوا، خصوصا أن معظمهم كانوا نوابا، وبعد هذا الإجراء لا يحق لهم العودة إلى البرلمان بسبب استبدال آخرين بهم.

والمشكلة الأخرى تتركز على التوازن بين الكتل في حال خسرت كتلة سياسية وزارات أكثر من الأخرى، الأمر الذي قد يزيد من الخلافات والتجاذبات بين الأطراف السياسية.