بترايوس يسلم مهام القيادة في أفغانستان إلى خلفه ويعود إلى واشنطن

مقتل مستشار كرزاي.. والعنف يبلغ أعلى مستوياته في 2010

الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس قائد القوات الدولية في أفغانستان يتحدث إلى خلفه الجنرال جون آلن أمس قبل مراسم نقل مهام القيادة (إ.ب.أ)
TT

سلم قائد القوات الدولية في أفغانستان، الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، أمس مهام القيادة إلى الجنرال جون آلن بعد سنة متفاوتة النتائج، أمضاها في قيادة القوة التي تخوض ما يعتبر أطول حرب أميركية. ويعود بترايوس، الذي ينسب إليه الفضل في تحويل مسار الحرب في العراق إلى واشنطن، لتولي منصب مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، في إطار عملية تعديل أوسع بين كبار مسؤولي الأمن في الولايات المتحدة. وخلال عام من توليه القيادة في أفغانستان في الرابع من يوليو (تموز) عام 2010، أشرف بترايوس على زيادة حجم القوات الأميركية في أفغانستان التي بلغت 30 ألف جندي إضافي، مما ساعد على وقف قوة الدفع لمتمردي طالبان، خاصة في جنوب أفغانستان معقل الحركة المتشددة. وخلال حفل نظم في كابل, سلم بترايوس القيادة إلى جون آلن، مساعده السابق، الذي عرف عبر التحالفات مع العشائر التي أقامها في العراق، والتي اعتبرت محورية في وقف زخم شبكة القاعدة بعد سنوات من أعمال العنف. وكان بترايوس طلب تعزيزات بعشرات آلاف العناصر للقوات في أفغانستان، في محاولة أخيرة لوقف تمرد طالبان, لكن على الرغم من إشارته إلى إحراز تقدم، فإن أعمال العنف لا تزال في مستويات قياسية. ويغادر الجنرال بترايوس أفغانستان بعد سنة على توليه قيادة التحالف الدولي لكي يتسلم رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، خلفا لليون بانيتا الذي أصبح وزيرا للدفاع. وجرى تسليم القيادة في كابل بعد ساعات على مقتل مستشار بارز للرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، في عملية بمنزله في العاصمة التي تحظى بحماية مشددة, وبعد أيام على مقتل الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني. وقد بدأت واشنطن خفض عدد قواتها بموجب الجدول الزمني للانسحاب المثير للجدل، الذي أقر الجنرال بترايوس بأنه لا يجري بحسب توصياته. ويواجه قرار الانسحاب انتقادات شديدة باعتباره سريعا جدا، ولا يؤدي إلى الحفاظ على المكاسب التي تحققت. والجنرال بترايوس الذي ذاع صيته في واشنطن، بعدما تمكن من عكس اتجاه الحرب في العراق, تبقى حصيلة أدائه في أفغانستان أقل وضوحا. فرغم التعزيزات الأميركية أشارت أرقام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إلى أن 1462 مدنيا قتلوا في الأشهر الستة الأولى من 2011، أي بزيادة 15 في المائة. واعتبر مقتل أحمد والي كرزاي، الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني, الذي يعتبر الرجل الأكثر نفوذا في جنوب أفغانستان تقريبا, الثلاثاء الماضي، تهديدا أيضا للمكاسب الأميركية في مواجهتها مع طالبان في قندهار. وبلغ العنف في أفغانستان عام 2010 أعلى مستوياته منذ أطاحت قوات أميركية وقوات أفغانية بحكومة طالبان أواخر عام 2001، كما وصلت أعداد القتلى بين المدنيين والعسكريين إلى مستوى قياسي. والليلة قبل الماضية قام مهاجمون مسلحون بقتل جان محمد خان، مستشار كرزاي البارز، والحاكم السابق لولاية أوروزغان في جنوب البلاد، في عملية استهدفت منزله في كابل، أول من أمس، فيما اعتبر نكسة أخرى للرئيس. وجاء الهجوم على منزل جان محمد خان في كابل الحاكم السابق لإقليم أوروزغان بجنوب البلاد المضطرب، بعد أيام من مقتل أحمد والي كرزاي، الأخ غير الشقيق للرئيس كرزاي، في إقليم قندهار الجنوبي. وكان اغتيال أحمد والي كرزاي أقوى رجل في قندهار، قد أحدث فراغا سياسيا خطيرا في معقل طالبان في الجنوب، وبعث برسالة تحذير مخيفة لقادة سياسيين آخرين بشأن مدى إمكانات طالبان. وقال دبلوماسي غربي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، عقب وقت قصير من وقوع الهجوم على منزل خان، مساء أول من أمس، هذه ضربة أخرى، وتبنت حركة طالبان مسؤولية عمليتي القتل. وكان بترايوس تولى منصب القيادة في أفغانستان في ظروف استثنائية بعدما أقال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سلفه ستانلي ماكريستال؛ بسبب تصريحات أدلى بها لمجلة «رولينغ ستون» حول إدارة البيت الأبيض. وقد تابع نهج مكافحة التمرد الذي اعتبر ناجحا في العراق، وتم إرسال تعزيزات عديدها 30 ألف عنصر من القوات الأميركية إلى أفغانستان، ويفترض الآن أن تنسحب بحلول نهاية 2012. لكن على الرغم من أن الجيش تمكن من إلحاق خسائر كبرى في صفوف حركة طالبان، لا سيما في جنوب البلاد, فإنه لم يتمكن من كسب تأييد القبائل وعقد تحالفات معها كما حصل في العراق. وقبل يوم من تسليم بترايوس مهامه, نظم حفل في ولاية باميان (وسط) بمناسبة بدء نقل المهام الأمنية من قوة حلف شمال الأطلسي إلى القوات الأفغانية، في عملية ستؤدي إلى رحيل كل القوات الأجنبية بحلول 2014. وكان محللون قد حذروا من أن مقتل والي كرزاي سيؤدي إلى حرب السيطرة على المعقل الجنوبي، يمكن أن تعزز صفوف طالبان وأن تطيح بالمكاسب التي حققها حلف الأطلسي. ومقتل والي كرزاي ومستشار الرئيس الأفغاني، إلى جانب الهجوم الذي نفذته حركة طالبان في فندق «إنتركونتيننتال» في العاصمة الأفغانية، الشهر الماضي، والذي أدى إلى سقوط 21 قتيلا, أثار شكوكا حول مدى جاهزية القوات الأفغانية لتولي المهام الأمنية في البلاد. وبعد عشر سنوات على الحرب تقريبا لا يزال هناك 150 ألف عنصر أجنبي في أفغانستان، بينهم حوالي مائة ألف عنصر أميركي.