13 قتيلا بحمص في يومين.. وناشطون يتهمون مخربين من خارج المدينة بتحريض الأهالي

محافظ حمص يتعهد بمحاسبة «المجرمين الذين أوقعوا 11 شهيدا» مطلع الأسبوع

صورة لإحدى مسيرات التشييع للقتلى الذين سقطوا خلال اليومين الماضيين في حمص مأخوذة من موقع «أوغاريت»
TT

ازدادت الأجواء توترا في مدينة حمص ليل الاثنين وطيلة يوم أمس الثلاثاء، وأكد ناشطون أن 13 مدنيا قتلوا أمس وأول من أمس، برصاص الجيش السوري في حمص، ثالث مدن سوريا والتي تشهد منذ السبت مواجهات ذات طابع طائفي هي الأولى في 4 أشهر من الانتفاضة ضد النظام، وفق ناشطين. وقالت مصادر محلية إن الأوضاع الأمنية توترت في مدينة حمص مساء الاثنين واستمر إطلاق النار طوال الليل، بعدما تقطعت أوصال المدينة، وإن هناك كثيرين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم وباتوا ليلهم عند أقارب لهم في أحياء أخرى.

وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 13 مدنيا قتلوا أمس وأول من أمس، في عدد من أحياء حمص، «برصاص الجيش السوري الذي يقوم بعملية في المدينة الواقعة على مسافة 160 كلم عن دمشق». وكتب ناشطون الثلاثاء على صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع «فيس بوك» أن إطلاق النار يتواصل في أكثر من حي في حمص. وأضافوا أن الأجواء متوترة والميليشيات الموالية للنظام تدخل الأحياء وتطلق النار من دون تمييز لإرهاب السكان.

وأدت مواجهات غير مسبوقة بين معارضين للنظام ومؤيدين له إلى سقوط 30 قتيلا في الساعات الـ48 الأخيرة في المدينة التي تضم سنة وشيعة ومسيحيين، كما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان. واندلعت هذه المواجهات بعد مقتل 3 من مناصري النظام تلقت عائلاتهم السبت جثثهم مقطعة. وقال أحد سكان حمص رافضا كشف هويته إن «مناصرين للنظام هاجموا أحياء يقيم فيها معارضون (سنة) وقاموا بتخريب ونهب متاجر»، متهما أحزابا بـ«زرع بذور الطائفية لحرف الثورة عن هدفها» الديمقراطي. وتعتبر حمص أحد معاقل المعارضة. وتوجه إليها الجيش قبل شهرين في محاولة لاحتواء المظاهرات التي طالبت بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وأشار الناشطون إلى تحليق المروحيات فوق المدينة بالتزامن مع قطع التيار الكهربائي وإطلاق نار عشوائي في الكثير من الأحياء. وفي حي الخالدية قالت مصادر محلية إن قوات الأمن بدأت بمفاوضة الأهالي على إزالة الحواجز مقابل عدم التعرض لهم بالرصاص الحي، دون أن يمنع ذلك إطلاق النار على مواكب التشييع في الخالدية. وتحدث ناشطون عن استخدام قوات الأمن أسلحة متوسطة وثقيلة في إطلاق نار متواصل بعد ظهر يوم أمس.

وقالت مصادر محلية إن 3 شبان قتلوا وإن هناك عناصر أمن يرافقون قوات الجيش ويرتدون زيا عسكريا، يقومون بإطلاق النار، بعد تكرار إحجام عناصر الجيش عن إطلاق النار وبعدما تكررت حالة التواصل الاجتماعي الودي بين الأهالي وعناصر الجيش، حيث بات عناصر أمنية ترتدي ملابس الجيش وترافقها، وتقوم بإطلاق النار بشكل عشوائي. وأضافت المصادر أنه بسقوط القتلى الثلاثة يوم أمس يصل بذلك إجمالي عدد القتلى منذ مطلع الأسبوع وحتى الآن 20 قتيلا على الأقل.

وقال ناشط ميداني لـ«الشرق الأوسط»: «لقد حصلت اشتباكات ليل السبت وسقط عدة شهداء، لكنها كانت اشتباكات مع (الزعران)، الذين حاولوا تحريض الأهالي بعضهم على البعض الآخر، وقام هؤلاء (الزعران) بأعمال تخريب فأحرقوا بعض المحال ونهبوها دون تدخل حقيقي من قوات الأمن»، الأمر الذي رآه الناشط دليلا على تورط النظام بذلك.

ورفض الناشط الحديث عن أعمال عنف طائفية، وقال: «إن أهالي حمص يدركون ما يجري ويعلمون أنه ليس هناك أعمال طائفية وما قام به حفنة من المارقين زاد من تلاحم الأهالي»، لافتا إلى أن كل أهالي حمص يعرفون أن هناك «أشخاصا يحاولون إثارة النعرة الطائفية منذ بداية الاحتجاجات». ولفت إلى أن «الزعران الذين افتعلوا الأحداث ليل السبت وقاموا بالحرق والتكسير والنهب هم جميعهم من خارج المدينة، وقد جيء بهم من قرية قريبة ليقوموا بتلك الأفعال بهدف إثارة الفتنة».

في المقابل، ذكرت مصادر شبه رسمية أن «أعمال عنف في مدينة حمص، وقعت يوم الاثنين، أسفرت عن مقتل اثنين بنيران مسلحين، وإصابة 3 بجروح، أحدهم بجرح ناري، بينما تعرض الآخران وهما شرطيان إلى الضرب في حوادث متفرقة من قبل مجهولين». وفي مدينة القصير القريبة من حمص عند الحدود مع لبنان، قالت مصادر محلية إن شخصا قتل بطلق ناري في الرأس بالقرب من مفرق البرهانية، عند الحدود مع شمال لبنان من قبل مسلحين على درجات نارية، كما قتل آخر عند طريق زيدل بطلق ناري. كما أصيب مواطن آخر بطلق ناري على طريق العقربية نقل على أثرها إلى المستشفى.

من جهته، تعهد محافظ حمص غسان عبد العال بمحاسبة «المجرمين الذين أوقعوا 11 شهيدا في الأحداث التي شهدتها مدينة حمص يومي السبت والأحد». وخاطب عبد العال أبناء المحافظة عبر لقاء له مع التلفزيون الرسمي، وقال: «شهدنا يوم أمس فصلا مريرا من فصول المؤامرات الخبيثة التي يتعرض لها الوطن، كان ضحيتها 11 شهيدا من مختلف أطياف المجتمع الحمصي الآمن والمسالم، الأمر الذي آلمنا وإياكم أشد الألم». وتعهد لهم بأن «تنال يد العدالة هؤلاء المجرمين الذين يستهدفون أمننا واستقرارنا عاجلا أم آجلا»، وأضاف «إخوتنا في جيشنا الأبي وقوى أمننا الغراء لن نألو جهدا إلا وسنبذله للحفاظ على الأمن والطمأنينة لشعب حمص العصية على المؤامرات».

ودعا محافظ حمص إلى العمل معا مع «كل شرفاء المجتمع الحمصي الآمن على التسامي وأن تجعل دماء الشهداء قرابين لوحدة الوطن لا لتجزئته». وتمنى على كل «مواطن شريف» في محافظة حمص «أن يقف احتراما لدماء شهداء العزة ورفعة الوطن، متأملا ما جرى وأن يسأل ذاته وضميره من مصلحة من ما حدث؟» وناشدهم التسامي على الجراح «فداء للوطن ووفاء لدماء الشهداء»، مشددا على أن يكون مواطنو المحافظة «على ثقة من أن كل قطرة دم سالت أريد بها أن تدب الفتنة والتفرقة بين أبناء المجتمع الواحد».