مع اتساع نطاق الفضيحة.. مردوخ يناضل للسيطرة على «نيوز كورب»

مناقشات حول تغيير قيادات المجموعة.. وخسائر الأسهم وصلت إلى 6 مليارات دولار

بول ستيفنسون، لدى مغادرته مقر البرلمان البريطاني بعد استجوابه أمس (أ.ف.ب)
TT

يسعى روبرت مردوخ، مالك مؤسسة «نيوز كورب» جاهدا للسيطرة على مصير الشركة التي شرع في تكوينها قبل 6 عقود في أعقاب اعتقال أوثق نائبيه له واستقالة مسؤولين كبار في اسكوتلنديارد على خلفية الشكوك في صلاتهم بقضية التنصت على الهواتف.

من جهتهم بدأ المديرون المستقلون لـ«نيوز كورب» في نيويورك، مناقشات حول السبيل الأمثل للتعامل مع الأزمة، وما إذا كان تغيير قيادة الشركة أمرا حتميا، بحسب اثنين من الأفراد المطلعين بصورة مباشرة على الموقف اللذين رفضا الحديث بصورة علنية. من ناحية أخرى، اعتقلت ريبيكا بروكس، رئيس «نيوز إنترناشيونال» السابقة، التي دعمها روبرت مردوخ حتى اللحظة الأخيرة قبيل اعتقالها يوم الأحد.

ويقول جيمس بوست، الأستاذ في كلية الإدارة بجامعة بوسطن، الذي كتب حول أخلاقيات الإدارة والأعمال: «لقد أصابت الشروخ قوقعة المناعة التي أحاط مردوخ نفسه بها. مصداقية الشركة ومصداقية مردوخ آخذة في التقلص».

وقضى مردوخ وابنه جيمس البالغ من العمر 38 عاما غالبية وقتهما مع مستشاريهما استعداد لجلسة استماع أمس أمام اللجنة البرلمانية البريطانية. وكانت «نيوز كورب» قد خسرت قبل يوم الاثنين 13 في المائة من قيمة أسهمها منذ بداية الأزمة في الرابع من يوليو (تموز) عندما أوردت صحيفة «الغارديان» أن صحافيي «نيوز أوف ذي وورلد» قاموا بالتنصت على البريد الصوتي لميلي داولر، التي وجدت مقتولة في ما بعد، وكذلك المزاعم بتنصت «نيوز أوف ذي وورلد» على هواتف عائلات ضحايا العمليات الإرهابية وأسر الجنود المتوفين وكذلك السياسيين والمشاهير.

تسبب هذا المأزق في خسارة «نيوز كورب» أكثر من 6 مليارات دولار من قيمة الأسهم الممتازة وأسهم الفئة «بي» التي تمنح مردوخ السيطرة على الشركة.

وقالت «نيوز كورب» في بيان الاعتذار الذي نشرته بالصحف البريطانية: «نعتذر على الأخطاء التي ارتكبناها، وسيكون تصحيحها الخطوات الأهم بالنسبة لنا»، وقد تعهد الشركة بالتعاون مع الشركة وتعويض الأشخاص الذين تضرروا من حادثة التنصت قائلة إنها: «ملتزمة بالتغير».

على الجانب الآخر يقود توم بيركنز وفيت دينه، أستاذ القانون في جامعة جورج تاون ومهندس قانون باتريوت الأميركي، في مجلس الإدارة جهود المديرين المستقلين، بحسب أحد الأفراد المطلعين. ومثل دينه ببيركنز، المدير السابق المشارك خلال الفضيحة التي أصابت الشركة.

وقد عبر المديرون المستقلون في «نيوز كورب»، الذي يشغلون 9 مقاعد من بين 16 مقعدا عن إحباطهم من المعلومات الكمية والنوعية التي تلقوها بشأن الفضيحة والمخاوف بشأن قدرة الإدارة على التعامل مع الأزمة بالنظر إلى البطء الذي استجابت به الشركة بحسب الشخص.

وقال بعض المديرين إن مردوخ، رئيس الشركة رفض فكرة السقوط بسبب الفضيحة في مقابلة الأسبوع الماضي مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، إحدى الصحف التابعة لمؤسسة «نيوز كورب».

وقالت كلير إندرز، مؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة إندرز أناليسيس للأبحاث الإعلامية في لندن، التي تضم بين عملائها منظم البث «Ofcom» والحكومة البريطانية: «إيمان الأفراد بإدارة العائلة في تقوض، وربما سيكون من الصعب للغاية استعادة تلك الثقة سريعا».

وكانت «نيوز كورب» قد أعلنت في أبريل (نيسان) من العام الحالي أنها قامت بتسوية قضايا وقدمت تعويضات لبعض الشخصيات الشهيرة والسياسيين الذين قاموا بمقاضاة الشركة. وقد أعقب ذلك تسوية قضية تتعلق بالقرصنة على هواتف في عام 2010، بحسب صحيفة «الغارديان»، التي دفعت خلالها لخبير العلاقات العامة للمشاهير ماكس كليفورد أكثر من 1.6 مليون دولار للتنازل عن القضية. وخلال السنوات الـ3 الماضية دفعت «نيوز كورب» أكثر من 600 مليون دولار لتسوية قضايا اتهمت فيها بالمنافسة غير العادلة. ففي فبراير (شباط) أعلنت «نيوز كورب» أنها ستدفع 125 مليون دولار لشركة «إنسنيا سيستمز» في قضية تتعلق بسوق إعلانات داخل المتاجر الأميركية. ووافقت العام الماضي على دفع 500 مليون دولار لشركة «فالاسيس كوميونيكاشنز»، وفي عام 2009 دفعت 29.5 مليون دولار لتسوية المزاعم التي أثارتها شركة «فلورغرافيكس» التي تنافس في مجال الإعلان والترويج داخل المتاجر الأميركية.

وإثر تصاعد أزمة القرصنة على الهواتف هذا الشهر تراجع مردوخ هذا الشهر عن العرض الذي قدمه بقيمة 12.5 مليار دولار لشراء جميع أسهم مجموعة «سكاي برودكاستنغ» البريطانية، وأغلق صحيفة «التابلويد» الشهيرة التي تأسست قبل 168 عاما والتي تأسست عليها إمبراطوريته الإعلامية وفقد كل دعم الأحزاب السياسية الرئيسية في بريطانيا.

جاءت استقالة بروكس يوم الأربعاء الماضي في أعقاب تصريح مردوخ بدعمه الكامل للمديرة التنفيذية للصحيفة خلال المؤتمر الإعلامي الذي أقامه في سان فالي، بإيداهو، وتوجه إلى لندن لمحاولة احتواء الأزمة المتصاعدة.

لم تكن بروكس هي الوحيدة في صفوف كبار المديرين التنفيذيين الذين يقدمون استقالاتهم فاستقال أيضا لي هينتون، المدير التنفيذي لـ«داو جونز»، والرئيس السابق لـ«نيوز إنترناشيونال» لمدة 12 عاما في اليوم ذاته. وقد عمل هينتون، البالغ من العمر 67 عاما لدى مردوخ على مدى 52 عاما، حيث بدأ عامل نسخ في سن الخامسة عشرة.

وقال المتحدث باسم بروكس (43 عاما)، في مقابلة هاتفية إنها توجهت يوم الأحد إلى قسم شرطة لندن طواعية، عبر موعد مسبق. ونظرا لكونها رئيسة للوحدة التي تدير عمليات صحف مردوخ البريطانية، تعد بروكس المسؤولة الأبرز في «نيوز كورب» التي تعتقل في القضية. وقال مارك لويس، محامي ضحايا القرصنة على الهواتف، ومن بينهم والدا ميلي: «كان من الطبيعي أن تعتقل، فقد كانت رئيسة تحرير الصحيفة في الوقت التي اختطفت فيه ميلي داولر وقتلت. وينبغي على الشرطة أن تسألها عما حدث وعما تعرفه أو لا تعرفه». أفرج عن بروكس بكفالة قبل منتصف الليل بقليل، بحسب بيان الشرطة.

وكان بول ستيفنسون، مفوض شرطة متروبوليتان، قد أعلن عقب ساعات من اعتقالها عن استقالته على خلفية التكهنات بشأن صلات القوة التابعة له بصحافي سابق آخر في «التابلويد». وكان نيل والاس رئيس التحرير السابق الذي اعتقل الأسبوع الماضي يعمل مستشارا للاتصالات لدى الشرطة 2009 و2010.

وأعادت المتحدثة باسم «نيوز كورب» التأكيد على أن الشركة تنوي التعاون الكامل مع الشرطة. وقالت بروكس في المذكرة التي أرفقتها باستقالتها «إن استقالتها ستعطيها الوقت والحرية للتعاون بشكل كامل مع الشرطة في كل الاستجوابات الحالية والمستقبلية».

وتتنافس شركة «بلومبيرغ إل بي»، الشركة المالكة لـ«بلومبيرغ نيوز»، في تقديم الأنباء والمعلومات المالية. ومع بدء مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا برلمانيا بشأن الشركة استأجرت «نيوز كورب» برند سوليفان، المحامي الجنائي، من شركة «ويليامز آند كونولي» ومقرها واشنطن، بحسب أحد المطلعين على القضية. وتشمل لائحة عملاء سوليفان، سيناتور ألاسكا السابق تيد ستيفنز، والمدير السابق لبورصة نيويورك ريتشارد غراسو، وأوليفر نورث أحد مساعدي البيت الأبيض في عهد ريغان.

كما بدأت الشركة أيضا في الاتصال بشركات العلاقات العامة الأسبوع الماضي في نيويورك للعمل كمستشاري اتصالات لها، واستقرت «نيوز كورب» على وكالتي «روبنشتاين أسوسيشنز» في نيويورك و«إلدمان» في لندن، بحسب اثنين من المطلعين على القضية.

ويرى تشارلز إلسون، مدير مركز جون إل وينبرغ لإدارة الشركات في جامعة ديلاوير الأميركية أنه «يتمتع المديرون المستقلون في (نيوز كورب)، الذين يضمون بينهم دينه وبيركنز والمدير التنفيذي السابق لشركة الخطوط الجوية البريطانية (رود إدنغتون) بتأثير محدود، بالنظر إلى حصة مردوخ من الأسهم».

وقال إلسون في مقابلة معه: «روبرت مردوخ يسيطر على الأصوات في الشركة من خلال الأسهم من الفئة (بي)، وهو قادر على تغييرهم إذا أراد، فعندما يسيطر على الأسهم يسيطر على مجلس الإدارة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»