الصابئة المندائيون يبدأون التعميد على ضفاف دجلة إيذانا ببدء عامهم الجديد

رئيس مجلس شؤون الصابئة لـ «الشرق الأوسط»: كل العراقيين يشاركوننا أفراحنا

صابئة مندائيون يجرون طقوس التعميد على ضفاف دجلة في بغداد أمس (أ.ب)
TT

للصابئة المندائيين في العراق ميزة تجعلهم ينفردون دون باقي الأقليات والأديان في العراق دون أن تؤثر على خصوصيتهم، وهي أن أسماءهم لا تكاد تختلف عن أسماء المواطنين العراقيين المسلمين سواء كانوا شيعة أم سنة أم عربا أم كردا. وعلى الرغم من طقوسهم الخاصة التي تختلف كثيرا عن أية طقوس تمارسها أية ديانة أو أقلية في العراق، فإن من الصعب معرفة ما إذا كان شاعرا بحجم عبد الرزاق عبد الواحد مسلما أم صابئيا مندائيا، وهو ما ينطبق على عشرات المبدعين والمفكرين والعلماء الكبار في العراق، يقف في المقدمة منهم العالم الكبير عبد الجبار عبد الله الذي كان رئيسا لجامعة بغداد في ستينات القرن الماضي وهو من أبناء الطائفة الصابئة المندائيين.

واليوم، حيث اختلطت كثير من الظواهر واصطبغت بالطائفية والعرقية، فإن الصابئة المندائيين لا يتعرفون إلا بصبغة واحدة هي التعمد بالماء على ضفاف الأنهار وهو ما جعل سكنهم الدائم على ضفاف الأنهار في كل المدن العراقية التي تشهد وجودا كثيفا لهم لا سيما مدينة بغداد التي يقطن الصابئة فيها بالقرب من نهر دجلة ويمتدون إلى محافظة ميسان جنوبا حيث تقع مدينة العمارة على ضفاف نهر دجلة أيضا.

أمس، حيث بدأت في العراق احتفالات الصابئة المندائيين بالعيد الكبير الذي يصادف رأس السنة المندائية، اختلطت في هذه الاحتفالات الخصوصية الدينية البحتة على مستوى الشعائر المقدسة المرتبطة بها وأهمها، كما يقول توما عزيز رئيس مجلس شؤون الطائفة العام في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «شعيرة الماء التي تعتبر بالنسبة لنا كصابئة مندائيين أهم الطقوس والشعائر والتي تتمثل في التعميد أو الصباغة وهي الركن الأهم في هذا الاحتفال الذي يستمر لنحو خمسة أيام». وترافق الاحتفال التراتيل والأدعية والصلوات وإيقاد الشموع والبخور بالإضافة إلى تجنب الكائنات الحية كالحيوانات والنباتات، وهو ما يجعلهم يمكثون في البيوت ويعتقدون أن ذلك يمكن أن يجنبهم المخاطر. وحول كيفية المحافظة على الخصوصية الدينية في وقت تجري فيه غالبية الطقوس في الهواء الطلق، قال عزيز إن «التعميد في الماء لا بد أن يتم على ضفاف الأنهار، وهو أمر مقدس بالنسبة لنا وموضع احترام من شركائنا في الوطن، حيث إن جميع العراقيين يشاركوننا هذه الاحتفالات، ولكن ليس من خلال ممارستها مثلنا بوصفها طقسا دينيا خالصا، ولكنهم يحضرون أماكن عبادتنا ويهنئوننا بهذه المناسبة، لا سيما أننا نجد أنفسنا جزءا لا يتجزأ من هذا النسيج الحي لهذا البلد».

وبشأن ما إذا كانوا قد تعرضوا لمضايقات خلال فترة العنف الطائفي، خصوصا أنهم يمارسون الكثير من طقوسهم علنا، قال عزيز: «نعم، لقد دفعنا الكثير خلال سنوات العنف الطائفي من عمليات قتل وخطف وتهجير، حيث اضطر الآلاف من مواطنينا إلى ترك البلد والهجرة لهذه الأسباب، ولكن الآن الأمور تغيرت تماما؛ حيث نمارس طقوسنا بكل حرية دون أن يعترض أحد، بالإضافة إلى وجود حراسات على الأماكن الدينية وحتى المواقع التي نمارس فيها الطقوس الدينية». وبشأن تمثيلهم في العملية السياسية، قال عزيز إن «الصابئة ممثلون الآن بعضو في البرلمان وعضو في مجلس محافظة بغداد وسفير، بالإضافة إلى مدير عام الوقف الذي أشغله أنا».

من جهته، قال جمال عزيز عضو مجلس شؤون الطائفة العام في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» إن «الصابئة المندائيين عانوا خلال الفترات الماضية من كثير من المآسي والمضايقات التي مرت على الشعب العراقي، ولكن أستطيع أن أؤكد أننا لم نتعرض لأي سوء على صعيد خصوصيتنا الدينية؛ حيث إن العراقيين وبسبب تعدديتهم الدينية والمذهبية والعرقية معروفون بروح التسامح فيهم، وهو أمر يجعلنا اليوم نحتفل بعيدنا مع إحساسنا بالفرح كون كل العراقيين موجودين معنا يقدمون لنا التهاني بهذه المناسبة»، مشيرا إلى أن «هذا اليوم هو يوم خاص يمثل بالنسبة لنا كل قيم الخير والنور».