رئيس اتحاد طلبة سوريا يصف اللقاء التشاوري بـ«كارثة وطنية» واعتبر معظم المحتجين «مجرمين»

مسؤول مقرب من ماهر الأسد ينقض على اللقاء التشاوري الذي ترأسه الشرع

نائب الرئيس السوري فارق الشرع
TT

في ما بدا هجوما ارتداديا على نتائج اللقاء التشاوري الذي عقد في دمشق مؤخرا بدعوة من هيئة الحوار الوطني برئاسة نائب الرئيس فارق الشرع، شن عمار ساعاتي رئيس اتحاد طلبة سوريا هجوما عنيفا على اللقاء التشاوري والهيئة وانتقد النتائج التي خرج بها، وقال في حوار له مع موقع «الوطن أون لاين» التابع لجريدة «الوطن» السورية المقربة من النظام، إن الهيئة التي شكلت بمرسوم رئاسي «لم تكن موفقة لجهة الانتقاء أولا، والإدارة ثانيا».

وأوضح أن هناك شخصيات دعيت إلى اللقاء «تحت بند القرابة لأحد أعضاء هيئة الحوار، فأحدهم دعا حفيده وآخر صهره». وقال إن «الكثير من الشخصيات لم تعبر إلا عن نفسها، وإحدى المشاركات قالت أثناء الجلسات: أنا أمثل مجموعة من ستة أشخاص. بل أحد المشاركين قال: كيف سأعود إلى زوجتي وأنا لم أعدل دستورا للجمهورية العربية السورية؟»، وتساءل ساعاتي: «(هل) هذه طروحات تناقش في لقاء تشاوري هدفه تقديم اقتراحات لمؤتمر الحوار الوطني؟».

وعمار ساعاتي الذي يلقبه الناشطون المعارضون من طلبة الجامعات بالرئيس المزمن لاتحاد الطلبة، اتهم ومنذ بداية الاحتجاجات بدفع أعضاء الاتحاد من الطلبة للهجوم على المظاهرات الطلابية التي شهدتها جامعتي دمشق وحلب، حيث كانوا يخرجون إلى جانب الأمن والشبيحة ويقومون بضرب زملائهم بالهراوات.

وبحسب المعلومات المتداولة في دمشق، فإن ساعاتي أحد الأشخاص المقربين من ماهر الأسد شقيق الرئيس، وقرأ متابعون كلام ساعاتي وهجومه على اللقاء التشاوري بأنه يمثل رأي ماهر الأسد في الحوار الوطني، بما يعنيه ذلك من وجود اتجاهين متناقضين داخل السلطة، أحدهما يفضل استخدام الحل السياسي ويمثله إلى حد ما الرئيس، واتجاه آخر لا يرى أي وسيلة أخرى لإنهاء الاحتجاجات سوى استخدام العنف وتوجيه ضربات عسكرية ساحقة ويمثله ماهر الأسد الذي لا يقبل بأي حال من الأحوال وجود من يعارض حكم عائلة الأسد.

وانتقد ساعاتي المفكر الطيب التيزيني لقوله خلال اللقاء التشاوري: «تعلمنا كيف نصنع من الرذيلة فضيلة». وتساءل ساعاتي: «ما معنى هذا؟ هل يعقل هذا ونحن نناقش هما وطنيا؟»، وأضاف ساعاتي: «قد أوافق التيزيني قوله؛ يجب أن يكون الرصاص حراما، ولا أحد يرضى بذلك»، وأتبع ذلك بسؤال ساخر: «لماذا لم يزود الجيش والقوات الأمنية الوطنية بكميات كافية من الأرز والورود لتنثر فوق رؤوس العصابات التي تعيث فسادا في أكثر من بقعة من بقاع سوريا الغالية على قلوبنا جميعا»، وأكد ساعاتي رفضه موقف التيزيني واعتبره لا يعبر عن الشارع، وقال إنه «يمثل رأيه».

ولفت ساعاتي إلى أنه خلال ثلاثة أيام في اللقاء التشاوري الذي شارك فيه، تعرض البعثيون المشاركون للقمع، وحتى هو لم يتمكن من «التعبير عن رأيه»، وقال: «البعث كان مشاركا وكان صامتا في المنصة». ووصف الشخصيات المشاركة بأنها «قد تصلح لجامعة أو خطيب لجامع، لكنها لا تصلح بأي شكل من الأشكال أن تمثل هذا الطيف الواسع من الجماهير السورية». واستنكر أن «تتحدث طالبة وتقول إنها تتحدث باسم طلاب سوريا». وأكد رئيس اتحاد الطلبة أن الحوار الوطني بتلك المكونات التي ظهرت في اللقاء التشاوري هي «كارثة وطنية»، وذلك رغم إيمانه المطلق بأن «الحوار هو المخرج الحقيقي لكل الأزمة التي نعيشها».

كما أعلن ساعاتي رفضه القاطع للحديث عن إلغاء المادة الثامنة من الدستور، والنص على أن حزب البعث هو الحزب الوحيد القائد في المجتمع والدولة. وقال ساعاتي: «أتحدث باسم مئات الآلاف من الطلبة البعثيين وهم رافضون رفضا قاطعا الخوض في أي مسألة من شأنها أن تمس منجزاتنا ومكتسباتنا التي تحققت عبر عشرات السنين بثورة البعث». والمادة الثامنة من الدستور تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع، وإلغاء أحد مطالب المعارضة منذ عشر سنوات من أجل الوصول إلى نظام تعددي.

وعن رؤيته لحل الأزمة الحالية، قال: «الخلاص يكون بالحوار، ولكن ليس بصيغة اللقاء التشاوري الذي عقد، لأن الآلية لم تكن ناجحة»، وتساءل: «ما معنى أن تعقد لقاء تشاوريا وترى في بعض شوارع الوطن تصعيدا لعمليات الاحتجاج، ومن ثم يستطيع أي مواطن أن يستنتج أن جزءا كبيرا من الأشخاص المشاركين لم يكونوا مسؤولين مسؤولية مباشرة». ومع أن الساعاتي قال إن الحوار الوطني يجب أن يكون مع الأشخاص المسؤولين عن الحركة الاحتجاجية، إلا أنه وصف الذين نزلوا إلى الشارع بأنهم ينقسمون إلى قسمين بعد الإشارة إلى أن الذين نزلوا في البداية كانت لديهم مطالب محقة ناتجة عن «تقصير متعدد الأشكال، ولكن الأمر تحول بشكل أو بآخر، والقسم الأول من المحتجين والسواد الأعظم منهم ممول.. أي آلاف من المجرمين الحقيقيين المدانين بالقوانين السورية، الممولين بكل أشكال التمويل: العسكري وأقصد به التدريب، والتمويل المادي، والتمويل الاتصالاتي، ومن ثم هم مرتبطون ارتباطا مباشرا بجهات خارجية وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وبعض الحكومات العربية، وأصبح الجميع يعرف كيف تفبرك المشاهد الإعلامية لتحريض العالم على سوريا». وأضاف أن الجزء الآخر «لا يشكل السواد الأعظم من الكتلة المحتجة، وهذا الجزء لم تصله بشكل واضح الرسالة من القيادة السياسية وعلى رأسها سيادة الرئيس بأن سوريا فعلا ماضية بسرعة لا بتسارع في عملية الإصلاح، وهؤلاء يريدون التسارع الذي يكون على حساب هذه القرارات».

وحول رأيه في التوصيات التي خرج بها اللقاء التشاوري، قال ساعاتي إن جزءا منها «كان يوصف تطلعات الجماهير» وأنه يوافقها، ورأى أنه من الإيجابي أن «نسمع الرأي المعارض». وعن تعامل اتحاد الطلبة مع الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات، قال في بداية الأحداث التي جرت في درعا: «حاورنا المئات من طلبتنا وقلنا: إن أي مظهر من مظاهر المساس بالقانون سيرتب عليكم مسؤوليات قانونية وكانت هناك استجابة من الأغلبية»، لافتا إلى أن «هناك 94 طالبا تمت إحالتهم من الجهات الجامعية المختصة لمخالفتهم القوانين والأنظمة الجامعية إلى لجنة الانضباط». وأضاف أنه خلال اللقاءات التي أجراها الرئيس مع الفعاليات الشعبية، «تحدث طالب من الطلاب شاكيا أن مجموعة من زملائه قد أحيلوا إلى لجنة الانضباط، فقال له السيد الرئيس: أعتقد أن الاتحاد الوطني لطلبة سوريا سيدافع عنهم»، وأضاف ساعاتي: «نحن التقطنا هذه الملاحظة وعقدنا اجتماعا للمكتب التنفيذي وخاطبنا الجهات الرسمية لإعطائهم فرصة أخيرة وطي هذه الإحالة، وفعلا تم طيها، ولم تصدر أي عقوبة بحقهم، علما بأن الإعلام روج أنهم تعرضوا للعقوبة».

ونفى ساعاتي أن يكون أي من الطلاب الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية قد فصل من الجامعة، وقال: «لم يفصل أي طالب إطلاقا، وأنا مسؤول عن هذا الموضوع، حتى هذه اللحظة لم يفصل أي طالب عربي سوري من صفوف الجامعات السورية بسبب الأزمة التي مرت».