رحيل مهندس سياسة «الاستئصال» في نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا

ماغنوس مالان أقر بإشرافه على عمليات اغتيال وبررها بالأفعال القانونية للدولة

ماغنوس مالان
TT

توفي ماغنوس مالان، وزير دفاع جنوب أفريقيا السابق الذي شارك في وضع وتنفيذ استراتيجية الرمق الأخير للحفاظ على نظام الفصل العنصري الصارم التي شملت شن غارات على الدول المحيطة، في مدينة كيب تاون أول من أمس، عن عمر 81 عاما، إثر أزمة قلبية، بحسب ما ذكره «اتحاد صحافة جنوب أفريقيا» نقلا عن الناطق بأسرة ماغنوس.

وقد استخدم الجنرال مالان عبارة «العدوان الشامل» لوصف التهديدات التي يتعرض لها نظام الفصل العنصري، كما كانت تعرف قوانين البلاد العنصرية. وكان يرى أن تلك التهديدات تأتي من الشيوعيين، ودول الجوار الأفريقي والليبراليين في الولايات المتحدة. وكان رده على ذلك، «استراتيجية شاملة» تجمع بين العناصر السياسية والاقتصادية والنفسية، فضلا عن العسكرية.

وافق مالان على مكافحة التمرد في موزمبيق وأنغولا وأنشأ وكالة سرية تضطلع بمهام التضليل والاغتيالات، وإرسال القوات للسيطرة على الاضطرابات في المدن والمناطق المخصصة للسود. وقد استخدم هو ومساعدوه مصطلحات معتادة مثل «التدمير» و«الإبادة». ووافق على برنامج الحرب البيولوجية، كما أنشأ برنامجا للفوز بدعم الطبقة الوسطى من السود عبر تيسير القيود على شركات السود وافتتاح بعض الفنادق والمطاعم للسود.

اتهم الجنرال مالان بالتصريح لفرقة اغتيالات بقتل 13 مدنيا غالبيتهم من النساء والأطفال عام 1987. وكان أعلى مسؤولي نظام الفصل العنصري مرتبة يحاكم على الإطلاق. وقد برئ من التهمة في عام 1996 بعد 7 أشهر من المحاكمة على أساس أنه لا توجد أدلة تدينه بالمذبحة. ودافع الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، دون التعليق على نص الحكم، عن شرعية المحكمة.

وفي عام 1997 تطوع الجنرال مالان بالشهادة أمام لجنة المصالحة والحقيقة التي تحقق في الفظائع التي ارتكبت في الماضي. وقبل المسؤولية على مكافحة التمرد عبر الحدود وإنشاء هيئة شرطة سرية، وعلى الوفيات التي حدثت، لكنه وصف الأحداث التي قام بها بالأفعال القانونية للدولة.

أدانت اللجنة الجنرال مالان وقادة الحكومة الآخرين لاستخدام كلمات مثل «إنهاء» و«اغتيال» و«استئصال»، التي أدت إلى قتل المعارضين السياسيين. كما أدانت اللجنة فرق الاغتيالات. ومررت هذه النتائج إلى المدعين العامين الذين لم يقوموا بمتابعة القضية لأسباب الأمن القومي.

ولد ماغنوس أندري دي ميريندول في بريتوريا في 30 يناير (كانون الثاني) 1930 ثم حمل فيما بعد لقب والدته مالان. كان والده أستاذ الكيمياء الحيوية الذي أصبح عضوا في البرلمان ثم رئيس البرلمان للحزب الحاكم الذي حكم جنوب أفريقيا في الفترة بين 1949 وحتى عام 1994.

وقد حاول الانضمام إلى الجيش في سن الثالثة عشرة لكنه عاد إلى المدرسة في أعقاب رفض طلبه، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية من جامعة بريتوريا وانضم إلى البحرية وخدم لفترة ضمن قوات المارينز المرابطة على جزيرة روبن آيلاند، التي تضم السجن الذي كان يحتجز نيلسون مانديلا. بعد ذلك انتقل إلى الجيش كملازم وسرعان ما ترقى ودرس في كلية الأركان العامة في فورت ليفنورث بولاية كنساس بالولايات المتحدة، بين عامي 1962 و1963.

في بداية السبعينات، كان مالان مثالا لرجل الجيش الحديث الذي برز تأثيره في جنوب أفريقيا. وتم ترشيحه لقيادة جيش جنوب أفريقيا في عام 1973 ورئيس قوة دفاع جنوب أفريقيا عام 1976 وكان أصغر شخص يتولى هذا المنصب.

وقد اعتمد رئيس وزراء جنوب أفريقيا آنذاك بي دبليو بوثا، الجنرال مالان كرئيس لقوة دفاع جنوب أفريقيا، ورشحه لتولي منصب وزير الدفاع عام 1980. ثم ترقى ليتولى رئاسة مجلس الوزراء في مجلس النواب، الغرفة الصغرى للبرلمان.

لكن قوته الحقيقية جاءت من كونه عضوا في جماعة سرية من القادة السياسيين والعسكريين التي اشتهرت باسم «سكيوروكراتس»، وهيمنوا على ميزانية تقترب من 4 مليارات دولار، تسيطر على 60% منها الحلقة الداخلية في الوزارة، ثم وافق بعد ذلك على إنشاء مكتب التعاون المدني الذي اشتهر بعمليات الاغتيالات والعمليات السرية الأخرى.

وفي شهادته أمام لجنة الحقيقة قال الجنرال مالان: «خلال تلك الفترات كنا نتحدث، في الفترة بين 1980 و1991، عن أننا كنا نخوض حربا، وكنت مسؤولا عن أكثر من 100 ألف جندي تحت التدريب أو مشغولا بالعمليات. لذا كنا مشغولين للغاية، وكانت لدينا جبهة تمتد للمسافة التقريبية الموجودة بين لندن وموسكو».

قاد الجنرال مالان المحادثات التي مهدت الطريق أمام استقلال ناميبيا عام 1990 والتي أنهت وضعها كمحتلة من قبل جنوب أفريقيا. وفي يوليو (تموز) 1991 أقاله الرئيس الجنوب أفريقي فريدريك دي كليرك من وزارة الدفاع في أعقاب الحرج من تمويل الحكومة السرية للحزب الذي يهيمن على غالبيته السود والذي يعارض حزب المؤتمر الأفريقي. ثم تولى مالان فيما بعد حقيبة وزارة شؤون المياه والغابات، ثم تقاعد من العمل في عام 1993.

عاش مع زوجته الراحلة مارغريتا فان دير ولت 49 عاما ورزق منها بولدين وابنة واحدة وله 9 أحفاد.

* خدمة «نيويورك تايمز»