القوات الأمنية تستهدف بؤر التظاهرات.. وحملة اعتقالات واسعة ومحاصرة مناطق في ريف دمشق

معارضون يتهمون الأسد بإثارة النعرات الطائفية... وأهالي دير الزور يحذرون من اقتحام البوكمال

المعارضان السوريان عماد الدين رشيد وفداء المجذوب يتحدثان في مؤتمر صحافي أمس في اسطنبول (إ.ب.أ)
TT

شنت القوات السورية أمس حملات مداهمات واسعة في مدينتي حمص ودوما في ريف دمشق، بينما طوقت حرستا القريبة من دوما، في حملة يبدو أنها تستهدف المناطق الرئيسية التي تشهد احتجاجات شبه يومية ضد النظام، عشية يوم جمعة جديد.

وذكر ناشطون على صفحة الثورة السورية على «فيس بوك» أمس أن قوات الأمن السورية مدعومة بعناصر من الشبيحة وبعض الملثمين، حاصرت مدينة دوما فجرا، ومنعت الدخول والخروج منها، وشرعت بمداهمة البيوت وقامت باعتقالات واسعة شملت كل مناطق المدينة بعد أن قطعت الاتصالات الخليوية والأرضية. وقال ناشطون إن العملية الأمنية استمرت من الساعة الرابعة فجرا حتى الساعة الحادية عشرة، وأدت إلى اعتقال أعداد كبيرة من أهالي المدينة، مشيرين إلى أن الحملة ترافقت مع نشر حواجز أمنية من كافة الجهات. إلا أنهم أضافوا أن الأهالي، نساء ورجالا، خرجوا في تظاهرات بعد صلاة الظهر من أمام الجامع الكبير وسط مدينة دوما. وجاء ذلك في وقت أكد سكان في حرستا في ريف دمشق، أن قوات الفرقة الرابعة التي يقودها شقيقه ماهر الأسد، طوقت المنطقة، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز». وقال أحد سكان الضاحية التي تسكنها أغلبية محافظة، ويعمل مهندسا، بعد أن تمكن من مغادرة حرستا، لـ«رويترز» في مكالمة هاتفية «طوق المئات من الفرقة الرابعة كل مداخل حرستا الاثني عشر. إنهم يرتدون زيا قتاليا من خوذات وأحزمة ذخيرة ويحملون بنادق. قطعت المياه والكهرباء والهواتف».

وفي دير الزور، التي تشهد احتجاجات ضخمة أيام الجمعة، خرج يوم الجمعة الماضي نصف مليون متظاهر طالبوا برحيل الأسد، وتعهد الأهالي بهجوم تظاهري مليوني إلى قلب المحافظة، وشل كافة الحركة فيها وإعلان عصيان مدني شامل وشل جميع مفاصل الدولة إذا «اجتاحت» القوات الأمنية مدينة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية، بحسب ما ذكر ناشطون على «فيس بوك» أمس.

واستمرت الحملة الأمنية في حمص أمس، وأكد ناشطون على موقع «فيس بوك» حصول اقتحامات بالجملة في عدة مناطق في المدينة منها الغوطة والملعب والإنشاءات، بغرض إزالة الحواجز التي يقيمها الأهالي منذ يومين لحماية بيوتهم. وأكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» استمرار حملة الاعتقالات في حمص، كما أشاروا إلى سماع أصوات إطلاق نار في باب العمر والنازحية في حمص يوم أمس.

في المقابل، اتهمت السلطات السورية ما سمته بـ«مجموعات مسلحة خارجة على القانون» في مدينة حمص بـ«ترويع الأهالي وحاولت قطع الطرقات واعتدت على المواطنين والممتلكات وأصابت عددا من أفراد الجيش بإصابات مختلفة». وبث التلفزيون السوري مقابلات مع «عدد من جرحى الجيش وقوات حفظ النظام». وقال أحد جرحى الجيش إن «المهمة الملقاة على عاتقنا كانت إعادة فتح الشوارع التي أغلقها المسلحون الذين تجمعوا هناك بأعداد كبيرة حيث دخلنا إلى منطقة حوصرنا فيها وكانوا يهاجموننا بقوة من خلال استخدامهم للرشاشات والبنادق الآلية والقناصة».

ولم يذكر المتكلم اسم المنطقة التي حوصروا فيها، وتابع مضيفا «بعد دخولنا إلى الشارع رأيت طفلا يركب دراجة هوائية فركضت إليه وقلت له ابتعد من الطريق حتى لا تصاب بأذى جراء إطلاق المسلحين للرصاص وعندها أصبت بعيار ناري ولم تتمكن سيارة الإسعاف من نقلي من هناك إلا بعد ساعة بسبب قطع جميع الطرقات من قبل المسلحين». في حين ذكر حسن، العريف المجند المصاب من قوات الجيش، أسماء الأحياء وقال «كنا في مهمة في مدينة حمص لمواجهة المخربين والمسلحين وجئنا إلى منطقة اسمها العشيري ثم بدأنا عملية مداهمة هناك في الساعة السادسة صباحا وفي أحد الشوارع قام المخربون باستهدافنا بالرشاشات وبنادق القناصات وأثناء ذلك أصبت في يدي وبتر اثنان من أصابع يدي».

وقال أيمن، وهو مساعد في الجيش «خرجنا بمهمة في حي النازحين لإعادة الطمأنينة والأمن للمواطنين نتيجة لوجود بعض المسلحين والمخربين الذين كانوا يعتلون بعض الأسطح وعند مدرسة (حنا مينا) كان أحد مطلقي النار يعتلي أحد الأسطح وقام بإطلاق النار علينا بشكل عشوائي وذلك أثناء وجود مجموعة من الأشخاص المدنيين في تلك المنطقة حيث حاولنا إبعادهم عن مصدر إطلاق النار فأصبت بطلق ناري في الفخذ الأيمن وأسعفت إلى المشفى العسكري في حمص».

إلا أن مصادر في مدينة حمص كذبت الرواية الرسمية حول ما يجري في مدينة حمص، وقالت المصادر حول ما جرى يوم السبت «إنه ولدى انتشار خبر العثور على جثث ثلاثة شبان علويين وأنه تم التمثيل بها، هناك من اتصل مع شبان من قرية قريبة وهي خربة الحمام غرب حمص وغالبيتها من العلويين، وقال لهم إن السنة قتلوا ثلاثة شبان علويين، وعلى الفور حضر هؤلاء وبدأوا بتكسير المحلات في شارع الحضارة ونهبوا المحلات، وهم يصرخون من لا يشاركنا خائن». وأضافت «كان واضحا أن المقصود هو الفتنة، بعدها التحق بهم زعران الحارات».

وأكدت المصادر في اتصال مع «الشرق الأوسط» في لندن أن «الانطباع السائد اليوم في الأحياء العلوية والتي تعرضت لأعمال شغب، أن الاعتداء وتخريب محلات أشخاص أبرياء خطأ، وأن ما عزز ذلك عدم تدخل الأمن الذي وقف يتفرج على التخريب». وقالت المصادر إن هذا الموقف من قبل عناصر الأمن «دفع العلويين لإعادة النظر بموقفهم من النظام، ويبدو أن انقساما بات واضحا في الشارع العلوي حيال الموقف من النظام بعدما تكرس لديهم الشعور بأنه يراد الزج بهم في اقتتال طائفي سيكونون فيه ضحايا مجانية». وأضافت المصادر أن «القلق اليوم في حمص هو من اقتتال طائفي»، مع الإشارة إلى أن «هناك من عقلاء العلويين من يسعى إلى وأد هذه الفتنة التي يعمل على تأجيجها الزعران كما أن هناك من بدأ جديا في البحث عن وسائل لحماية نفسه ما دام النظام لن يحميه».

إلى ذلك، اتهم معارضون سوريون الرئيس بشار الأسد بالسعي لإثارة الصراع الطائفي في سوريا لمنع الاحتجاجات الحاشدة من إقامة ديمقراطية تحترم حقوق كل الجماعات والهويات. وقال عماد الدين الرشيد، عضو مؤتمر الخلاص الوطني المعارض، إن السوريين لن يكرروا الأخطاء التي ارتكبت في العراق حيث اندلع القتال بين السنة والشيعة بعد سقوط صدام حسين.

وقال الرشيد في مؤتمر صحافي في اسطنبول إن سوريا لن تسير في الطريق الذي مضى فيه العراق، وإن كل السوريين ملتزمون بوحدة الأمة السورية. وقال الرشيد إن النظام وراء الاشتباكات الطائفية في حمص وإنهم يوزعون أسلحة على أشخاص معينين لتصعيد التوترات الطائفية.

وقال فداء المجذوب، منظم المؤتمر، إن الاحتجاجات السلمية أظهرت أن الشعب السوري سيعمل معا ولن يتبنى أي نهج طائفي أو عرقي. وأضاف المجذوب أنهم سيعملون دائما من أجل وحدة الأمة السورية بطوائفها المختلفة ويحمون الهوية والحقوق الإنسانية والفرص المتساوية للجميع.

وقال الرشيد والمجذوب إن الشعب السوري يعارض أي تدخل عسكري أجنبي. وكان مؤتمر الخلاص الوطني قد خطط لعقد مؤتمرين يوم السبت الماضي أحدهما في اسطنبول والآخر في دمشق في محاولة لتنظيم المعارضة داخل وخارج سوريا.