المبادئ الدستورية الحاكمة لا تتحدث عن دور الجيش

رفضت منح الجيش دورا يتمتع بالحماية داخل منظومة الحكم في المستقبل

متظاهرون يمارسون حياتهم اليومية في ميدان التحرير.. أحدهم يعزف الموسيقى وآخرون يستمعون، أمس (أ.ب)
TT

بصورة غير متوقعة، رفضت لجنة اختارها الحكام العسكريون في مصر لصياغة قواعد حاكمة للدستور إدراج أي نص حول دور الجيش، بحسب ما قاله عضوان في اللجنة، أول من أمس، ورفضا مقترحات من جانب أعضاء باللجنة وضباط بارزين في الجيش دعت إلى منح الجيش دورا موسعا يتمتع بالحماية داخل منظومة الحكم في المستقبل.

يأتي قرار اللجنة وسط نقاش محتدم داخل القاهرة حول وضعية الجيش حاليا وفي المستقبل داخل منظومة الحكم بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل 5 أشهر. وقد تحول البعض إلى الجيش طلبا للحماية خشية فوز الإسلاميين في الانتخابات، بينما يخشى آخرون من أن يسعى الجيش نفسه إلى التمسك بالسلطة لحماية نفسه وحماية مصالحه المالية من رقابة ديمقراطية.

وقال الجيش، الأسبوع الماضي، إنه قرر فرض «إعلان بمبادئ أساسية» محددة لعملية صياغة الدستور، وبدا ذلك رضوخا لمطالب ليبراليين ببيان حقوق ملزم لحمايتهم من احتمالية تولي الإسلاميين مقاليد الأمور. لكن ضباطا بارزين وخبراء قانونيين مشاركين في صياغة «المبادئ» اقترحوا أن يمنح الإعلان الجيش سلطة واسعة تمكنه من التدخل في الحكومة المنتخبة لحماية الأمن القومي أو الدولة المدنية، ليكون ذلك ضمانا آخر في ظل هذه الاحتمالية.

يُذكر أن الجيش التركي حدد لنفسه دورا إشرافيا مماثلا بعد انقلابه عام 1980.

وقد تم تشكيل اللجنة بعد أن طلب قادة عسكريون تشكيل لجنة تجمع عدة مقترحات موجودة في إعلان واحد. وقد كانت هناك مقترحات سابقة تحدد دور الجيش. وبلغ الأمر أن اقترح البعض حجب ميزانية الدفاع وعدم كشفها علنا.

ولكن اختارت اللجنة في اجتماعها، يوم الثلاثاء، عدم إدراج أي نص خاص بالجيش، وقررت أن تحصر إعلانها المقترح في نقاط محل اتفاق مثل حقوق المواطنين، وذلك بحسب ما ذكرته المستشارة تهاني الجبالي، القيادية باللجنة، التي دعت، في السابق، لإعطاء الجيش تفويضا واسعا للتدخل في نظام الحكم المدني. وقالت: «لقد نظرنا إلى جميع المقترحات وأخذنا المبادئ محل التوافق». وقال فرحات، وهو أكاديمي قانوني شكك في مقترحات بنموذج على النمط التركي: «يمكن ذكر دور الجيش داخل الدستور في المواد المفصلة التي تتناول مؤسسات الدولة».

وقالت المستشارة الجبالي: إن الجيش يحتفظ بسلطة تغيير أو تعديل القواعد الحاكمة المقترحة قبل إصدارها. وأضافت: «هذا مقترح ولديهم سلطة تعديله. لا يمكننا فرض ذلك، فهم السلطة الفعلية داخل البلاد، وعليه فإنهم من يتخذون القرار. لا يمكن التشكيك في تاريخ الجيش المصري، ونحن واثقون من أنهم سينظرون إلى الأمر في سياق المصلحة العامة». وتقول المستشارة الجبالي وآخرون مشاركون في العملية: إن لجنة الصياغة تضم أكاديميين قانونيين ونشطاء حقوق إنسان وممثلا للأزهر وممثلا لـ(لمرشح الرئاسي المحتمل) محمد البرادعي.

وردا على محاولة ليبرالية أخرى لتوفير الحماية حال تولي إسلاميين السلطة، قالت المستشارة الجبالي: إن الإعلان المقترح الخاص باللجنة يضع معايير للمجموعة التي ستشكل لصياغة دستور جديد «كي لا تسيطر عليها أي أغلبية».

وقد أوضحت الحكومة، التي تعمل تحت قيادة الجيش، أن البرلمان المنتخب سيختار لجنة من 100 شخص لصياغة الدستور الجديد. وقالت المستشارة الجبالي: إن الإعلان المقترح ينص على أن اللجنة يجب أن تضم 20 خبيرا دستوريا، بالإضافة إلى 80 شخصا يمثلون شرائح الشعب المصري المختلفة بـ«نسب متساوية».

وقالت: «يجب أن يضم تشكيل اللجنة القطاعات الثقافية والاجتماعية والدينية والسياسية»، من بينهم ممثلون لاتحادات العمال وفلاحون ومجموعات دينية ونقابات علمية ونشطاء حقوقيون وكتاب ومعاقون ورجال أعمال وأشخاص من مناطق نائية مثل سيناء. وقالت: إن الشرطة والقوات المسلحة يجب أن تكونا ممثلتين في اللجنة. وأضافت أن المقترح يدعو إلى بث جميع جلسات النقاش عبر التلفزيون.

وقال متحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، التي يخشاها ليبراليون لشعبيتها، إنها ترفض الإعلان وتراه غير ضروري وغير دستوري. وقال عصام العريان، القيادي بالحزب السياسي الذي شكلته الجماعة مؤخرا، إنها بالفعل دعمت نصوصا خاصة باللجنة التي تصوغ الدستور كي تكون أكثر تنوعا مما تعبر عنه الأغلبية البرلمانية. وقال: «يجب أن تمثل المجتمع بكل مكوناته، حتى يمكنها إرضاء المجتمع بالكامل».

لكنه استنكر «إعلان المبادئ الأساسية» المقترح، ووصفه بأنه عقبة أمام الديمقراطية، قائلا إنه قد يجعل الدستور ممثلا لـ«الأفراد الذين فرضوا هذه القيود».

وتحت ضغط متزايد من جميع الجوانب مع احتدام المعركة بشأن مستقبل مصر، أرجأت الحكومة، يوم الثلاثاء (أول من أمس)، تأدية اليمين الدستورية لعدم استطاعة رئيس الوزراء عصام شرف الحضور. وقالت وسائل إعلام حكومية إن شرف نُقل إلى المستشفى لإجراء فحوصات، مساء الاثنين الماضي، بعد هبوط في ضغط الدم سببه «الإجهاد عقب يوم شاق».

* أسهمت في التقرير هبة عفيفي

* خدمة «نيويورك تايمز»