«ميادين التحرير» الإسرائيلية تهدد بزعزعة حكومة نتنياهو

صحيفة «يديعوت أحرونوت» تلمح إلى أن الحكومة قد لا تجد مخرجا من أزمتها سوى الحرب

بنيامين نتنياهو
TT

أكدت مصادر سياسية وإعلامية في إسرائيل أن الانتشار السريع لخيام الاحتجاج على ارتفاع أسعار السكن، في مختلف المدن الإسرائيلية، وإطلاق اسم «ميدان التحرير» عليها، بات مقلقا بشكل جدي للحكومة. وأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يتصرف بتوتر واضح إزاءها، وأنه يخشى أن تهدد استقرار ائتلافه الحكومي أكثر من أي شيء آخر.

وقالت صحيفة «معاريف»، في عددها أمس: إن ظاهرة «ميادين التحرير» (استخدمت بالعبرية الكلمة العربية «تحرير»)، تهدد حكومة نتنياهو بشكل مؤكد؛ لأن «آلاف الإسرائيليين يؤمون هذه الخيام وعشرات السياسيين الذين يشمون رائحة السقوط يتسابقون على زيارة هذه الخيام تعاطفا وتضامنا».

وأفشلت أحزاب الائتلاف الحكومي، أمس، مشروع قانون يسهم في تخفيف أزمة السكن وتخفيض الأسعار، فاعتبره حزب «كديما» المعارض «غلطة العمر» لنتنياهو، وقال إن هذا المشروع، الذي قدمه النائب شلومو موللا من «كديما»، كان «بمثابة فرصة لرئيس الحكومة لكي يثبت أنه معني بالتجاوب مع مطالب الشعب، لكنه ضيعها، عندما رضخ لموظفي وزارة المالية وأمر بالتصويت ضد القانون».

يُذكر أن جهات إسرائيلية كثيرة كانت قد دعت الجمهور أن يحذو حذو الشعوب العربية التي خرجت بالملايين إلى ميادين التحرير في القاهرة وتونس ثم في اليمن وسوريا، ويهبوا منتفضين على سياسة حكومة اليمين بقيادة نتنياهو في مختلف المجالات. لكن مستشاري الحكومة استبعدوا أن تنتقل هذه الظاهرة لإسرائيل، بدعوى أن «إسرائيل دولة ديمقراطية والشعب يستطيع إسقاط الحكومة في صناديق الاقتراع».

غير أن الجمهور الإسرائيلي لم يقبل هذا الحكم القاطع. وقبل شهرين نظمت مجموعة أصدقاء في الموقع الاجتماعي «فيس بوك» حملة ضد رفع أسعار الوقود؛ حيث تبين أن الحكومة تفرض ضريبة بقيمة 150%. فاضطرت الحكومة للتراجع وخفضت الضريبة وألغت زيادة الأسعار. وقبل 3 أسابيع نظمت مجموعة أخرى حملة شبيهة ضد شركة ألبان احتكارية رفعت الأسعار بنسبة 25%. وأجرت هذه المجموعة حسابا تبين منه أن هذه الشركة تجبي أرباحا تصل إلى 300%، مما اضطرها لتخفيض السعر بنسبة 25%. وفي الأسبوع نفسه بدأت حملات كهذه ضد رفع أسعار حفاظات الأطفال وأغذية الأطفال فاضطرت الشركات إلى تخفيض السعر.

ومنذ أسبوعين، بدأت حملة احتجاج ضد رفع أجور السكن، وأسعار البيوت، بعدما تبين ارتفاعها بنسبة 32% خلال 5 سنوات. واختار المحتجون نصب خيام في شارع روتشيلد في تل أبيب. لتنتشر في مدن أخرى مثل القدس ورمات غان وقريات شمونة ورحوفوت وغيرها. وهناك نحو ألفي خيمة الآن منصوبة في المدن، من أعالي الجليل وحتى بئر سبع. ويشارك فيها طلاب الجامعات ومحتاجو السكن. ويتدفق البرلمانيون من أحزاب اليمين واليسار على هذه الخيام. ويواجه نواب الائتلاف الحكومي نقاشات حادة، يحملهم فيها المحتجون مسؤولية الشراكة في سياسة رفع الأسعار. وتعرض بعض النواب للاعتداء.

ودعا نتنياهو إلى 5 اجتماعات تشاورية للرد على هذه الحملة وإعطاء حلول تضمن تخفيض أجور وأسعار السكن، كان من المفترض أن تختتم مساء أمس بمؤتمر صحافي تعلن فيه هذه الحلول. وقرر المحتجون عقد مؤتمر صحافي في الليلة نفسها للرد على هذا البرنامج، مؤكدين أنه في حالة عدم اقتناعهم بحلوله، سيصعدون المعركة بشكل أكبر وأشد. ويجمع المراقبون على أن هذه الحملة الاحتجاجية غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالا افتتاحيا على صدر صفحتها الأولى، أمس، وصفت فيه حملة الخيام الاحتجاجية بـ«ثورة العبيد». ولمحت إلى أن حكومة نتنياهو قد لا تجد ما ترد به على هذه الثورة سوى بحرب. ومما جاء فيها: «إخواني العبيد.. اسمحوا لي أن أبدأ بالقول لكم إنه على الرغم من كل ما سمعتم، وعلى الرغم من كل ما ستسمعون، أنتم محقون. في الأيام القريبة المقبلة سيسخرون بكم، سيقولون إنكم غير مركزين ودوافعكم الحقيقية سياسية، وسيشرحون أن احتجاجكم صبياني ومدلل، وسيغرقونكم بوابل من الحقائق والقرارات والأرقام التي هدفها كله هو التغطية على الحقيقة التي لن ينجح شيء في ذلك، ألا وهي أنكم لا تزالون محقين. أنتم محقون لأنكم أصبحتم عبيدا. القيود على أياديكم مكشوفة. السلاسل على أقدامكم غير مرئية، لكنها لا تزال تجرحكم. أنتم عبيد لقرض السكن، عبيد لإيجار الشقة، عبيد لأسعار الغذاء، عبيد لأسعار الوقود. أنتم عبيد للبيروقراطية التي تستعبدكم وللموظفية غير المبالية بمصيركم. عبيد لأرباب المال الذين ينقلون الواحد إلى الآخر مليارات الشواقل، التي أخذت في معظمها من أموال تقاعدكم، دون أن يسألوكم أو أن يقدموا لكم الحساب. عبيد للحكم الذي تحول إلى نادٍ مغلق من الأعضاء الذي يضم إلى الأبد أناسا يتغيرون المرة تلو الأخرى في المناصب ذاتها، يعقدون الاتفاقات بالغمز، ويعرفون بأنهم لن يكونوا مطالبين أبدا بدفع الثمن على إخفاقهم».