معركة «استقطاب» أوروبا تحتدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل سبتمبر

أبو مازن يقود الحملة ويرسل مبعوثيه إلى دول العالم

ابو مازن أثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو في مدريد أمس (أ.ب)
TT

لم ينتظر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الاتحاد الأوروبي حتى يبلور موقفا إزاء الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو موقفا من دعم المسعى الفلسطيني لطلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) المقبل، وفضل اقتحام العواصم الأوروبية، وكأنه مل انتظار موقف أوروبي واحد يعرف أنه لن يأتي أغلب الظن. وبعدما زار أبو مازن في أوقات سابقة، ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها من الدول الأوروبية التي زارها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كذلك، كل منهما يحاول أن يشد هذه الدول إلى موقفه. في إطار الحرب الكبيرة الدائرة بينهما، زار أبو مازن هذا الأسبوع النرويج وإسبانيا، وحقق هناك اختراقين مهمين، تمثل الأول برفع النرويج مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني، والثاني، بدعم إسبانيا فكرة التوجه إلى مجلس الأمن. وأمس، رحب أبو مازن في العاصمة الإسبانية مدريد أثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، بالموقف الإسباني، الذي اعتبر التوجه للأمم المتحدة للاعتراف بعضوية فلسطين فيها، حقا مشروعا، داعيا إلى تتويج هذا الموقف بدعم الاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة في المنظمة الدولية.

وكانت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خيمينيث أبلغت عباس أول من أمس، موقف الحكومة الإسبانية التي ترى في أن «التوجه إلى الأمم المتحدة في أي حال هو حق مشروع». وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسبانية، عقب لقاء أبو مازن بالوزيرة ترينيداد خيمينيث، إن إسبانيا ستحدد موقفها بروح بناءة على ضوء المقترحات التي سيتم تقديمها، مؤكدا في الوقت ذاته التزام إسبانيا بالعمل مع الطرفين ومع الشركاء الدوليين الرئيسيين من أجل اتفاق سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط، على أساس قرارات الأمم المتحدة التي تستند إلى حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان بسلام وأمن.

وقبل أن يأتي أبو مازن بالدعم الإسباني، كان نجح في إقناع النرويج على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني من مفوضية عامة إلى مستوى بعثة. وطلب أبو مازن من النرويج أن تبادر إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، وأن تؤيد مسعى الحصول على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة. وقال في النرويج نفسها، «آن الأوان لشعبنا لكي يتنفس نسيم الحرية والاستقلال». وتأتي نجاحات الدبلوماسية الفلسطينية التي يقودها أبو مازن على جبهة الساحة الأوروبية كضربة أخرى للدبلوماسية الإسرائيلية، التي تسعى إلى ضمان أصوات 30 دولة بعدم التصويت لصالح الطلب الفلسطيني المتعلق بعضوية الدولة.

ووصفت مصادر في الخارجية الإسرائيلية ما يجري على الساحة الدولية هذه الأيام بأنه بمثابة معركة دبلوماسية حقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل تجنيد أكبر عدد ممكن من الدول لصالح الموقفين، وقالت إنها أشرس معركة تدور الآن في الساحة الأوروبية. ويعتقد المسؤولون الفلسطينيين أن إسبانيا والبرتغال والسويد وآيرلندا وفنلندا وقبرص ومالطا وسلوفينيا يميلون للاعتراف بالدولة الفلسطينية والتصويت لصالح قرار فلسطيني في الأمم المتحدة، بينما ما زالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والدنمارك مترددة وتفضل استئناف المفاوضات، بينما ترفض دول من بينها إيطاليا وهولندا، أي خطوة فلسطينية «منفردة».

وهذا التناقض الأوروبي ترجمته المسؤولة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، عندما قالت في واشنطن «نحن لا نعرف حتى الآن ماهية القرار الذي سيعرض أمام الأمم المتحدة، وسيتعين علينا جميعا أن نتخذ قراراتنا على أساس ما هو معروض».

ولهذه الأسباب، يجتهد الفلسطينيون في شرح الموقف وتجنيد الداعمين له قبل سبتمبر، وكانت السلطة أطلقت أكبر عملية تحرك سياسي دبلوماسي على مستوى العالم منذ 30 عاما لتحصيل اعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والمساعدة في الحصول على العضوية الكاملة، كدولة في الأمم المتحدة. وبينما زار أبو مازن النرويج وإسبانيا، يصل إلى تركيا ليترأس فيها غدا اجتماعا للسفراء الفلسطينيين في العالم، وهو الاجتماع الأول من نوعه الذي من المقرر أن يبحث الجهود لحشد الدعم الدولي لصالح الدولة الفلسطينية من الآن وحتى سبتمبر (أيلول) القادم - كلف أبو مازن رئيس كتلة فتح عزام الأحمد وأمين عام حزب الشعب بسام الصالحي للتوجه إلى الصين، بينما كلف كلا من عباس زكي وصبري صيدم التوجه إلى الهند وفيتنام، أما غسان الخطيب فكلفه التوجه إلى أستراليا ونيوزلندا، بينما توجهت حنان عشراوي إلى كندا، ونبيل شعث إلى روسيا والبوسنة والهرسك والبرتغال، على أن يذهب محمد أشتية وعفيف صافية إلى كوريا واليابان، وآخرون إلى البرازيل وكولومبيا.