أزمة الرواتب تلقي بظلالها على الظروف المعيشية لأهالي غزة

مع اقتراب شهر رمضان المبارك

TT

كل من يسلك شارع المطاحن في طريقه إلى تجمع أصداء الترفيهي، غرب مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، يفاجأ بما يرى، فالشارع يكاد يخلو من السيارات على الرغم من أن شهر يوليو (تموز) عادة يسجل أكبر عدد من الغزيين الذين يتجهون صوب هذا التجمع.

في مثل هذه الأوقات من كل عام يغص الشارع بالسيارات جيئة وذهابا في طريقها لأكبر تجمع ترفيهي في قطاع غزة، أقيم على جزء من الأراضي التي كانت تسيطر عليها مستوطنة نافيه ديكاليم، التي كانت أكبر مستوطنات التجمع الاستيطاني غوش قطيف جنوب غزة، الذي تم تفكيكه في سبتمبر (أيلول) عام 2005. وفي داخل التجمع سرعان ما يلحظ المرء العدد القليل من الناس الذين يرتادون المرافق الترفيهية، كما أن أعدادا أقل تقصد المقاصف ومحلات بيع الأيس كريم وغيرها.

هذا هو أحد المظاهر الطاغية لأزمة الرواتب التي تمر بها السلطة الفلسطينية، والتي على أثرها لم يتسلم الموظفون في الضفة الغربية والقطاع سوى نصف راتب شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وتزداد الأمور قتامة إثر التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وحذر فيها من أن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة قد لا تسمح حتى بدفع نصف الراتب الشهر المقبل، وهو ما أصاب عشرات الآلاف من الموظفين في الضفة وغزة بالفزع.

وعبر عن هذا الفزع جمال عودة، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية بغزة ويتقاضى راتبه من حكومة رام الله، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «الطامة الكبرى تتمثل في أنه بعد أيام سيحل شهر رمضان وبعده سيحل العام الدراسي الجديد، ونحن من دون رواتب، هذه مأساة، استهلاك الناس في رمضان يزداد بشكل كبير مقارنة مع الأشهر الأخرى، كما أن العام الدراسي يتطلب دفع الكثير من الأموال لشراء الملابس والكتب ودفع الرسوم المدرسية».

وقال خليل حسان، الذي يعمل مدرسا، إنه وعائلته يحاولان تلافي تداعيات المشكلة بتقليص المصروفات إلى أدنى حد حتى تتمكن الأسرة من تدبير شأنها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الخيارات صعبة جدا، وبغض النظر عن دواعي الأزمة، علينا محاولة تدبر شؤوننا، لكن من الواضح أنه في حال تواصلت الأزمة فإن القدرة على مواجهتها ستتقلص بالطبع».

هناك نحو 50 ألف موظف في قطاع غزة يتقاضون رواتبهم من حكومة رام الله، مقابل نحو 25 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من حكومة غزة المقالة برئاسة إسماعيل هنية، وهؤلاء يتقاضون رواتبهم، وإن كان حدث أخيرا تأخير على موعد تسليم الرواتب للموظفين، وهذا يشكل مؤشرا على أن قدرة الحكومة في غزة على تسليم الرواتب ليست مضمونة.

وشكك بعض الخبراء الاقتصاديين في حديث سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني عن أزمة في الرواتب في هذه الأثناء تحديدا. وقال الدكتور نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية إنه لم يحدث تغيير على مداخل السلطة الفلسطينية بشكل يبرر الحديث عن أزمة مالية، مشيرا إلى أن فياض تحدث عن تلقي خزانة السلطة مبلغ 330 مليون دولار في الأشهر الستة الماضية، بواقع 50 مليون دولار شهريا، وهذا يعني أنه لم يحدث تغيير يسوغ الحديث عن أزمة مالية.