«إف بي آي» تعتقل اثنين من قادة لوبي كشميري في واشنطن

استخدم أموالا مرسلة من الاستخبارات العسكرية الباكستانية

TT

اعتقلت أمس شرطة «إف بي آي» اثنين من قادة لوبي كشميري في واشنطن، الذي ظل يحاول التغلب على لوبي الهند القوي في الكونغرس لحل مشكلة كشمير التي تتقاسمها كل من الهند وباكستان. وقالت الشرطة إن اللوبي الكشميري اعتمد على أموال من سفارة باكستان في واشنطن، عن طريق الاستخبارات العسكرية الباكستانية، وإن رئيسه، سيد غلام نبي فاي، رفض مرات كثيرة أن يسجل المجلس الكشميري الباكستاني كلوبي أجنبي، وأنكر أنه حصل على أي أموال من باكستان.

بالإضافة إلى فاي (62 سنة)، اعتقلت الشرطة زهير أحمد (63). ويقيم الاثنان في ولاية فرجينيا، في ضواحي واشنطن. غير أن الثاني كان هرب إلى باكستان، ويجري البحث عنه. وهما يحملان الجنسية الأميركية منذ أكثر من عشرين سنة.

وقالت وزارة العدل في بيان إن الرجلين «كانا يحاولان التأثير على الرأي العام والكونغرس الأميركي بطرق غير قانونية». وقال مراقبون في واشنطن إن مثل هذه الاتهامات، إذا ثبتت، تؤدي إلى السجن خمس سنوات. وأضاف بيان وزارة العدل: «حسب محضر الاتهام، تسلم فاي والمجلس الكشميري الأميركي أربعة ملايين دولار، على الأقل، من الحكومة الباكستانية منذ منتصف التسعينات». وأن المجلس الكشميري الأميركي واحد من «ثلاثة مراكز كشميرية» تديرها حاليا الاستخبارات الباكستانية العسكرية ووكالة الاستخبارات الباكستانية. ويوجد مجلس ثان في لندن، وثالث في بروكسل. وأضاف البيان أن فاي متهم باستخدام أموال أرسلها الباكستانيون للتأثير على سياسيين ومساعديهم في واشنطن.

وقال مساعد مدير «إف بي آي» بالنيابة، جيمس ماكجانكين: «الحكومات الأجنبية التي تحاول التأثير على الولايات المتحدة من خلال استخدام عملاء غير معلن عنهم تهدد أمننا القومي». وأضاف: «يمنع قانون تسجيل العملاء الأجانب الحكومات الأجنبية من استخدام عملاء للتأثير على السياسة الأميركية، أو القانون، دون كشف هويتهم بالكامل، وأي معلومات أخرى مرتبطة بهم».

لكن، قال ناطق باسم السفارة الباكستانية في واشنطن: «فاي ليس مواطنا باكستانيا. والحكومة والسفارة الباكستانيتان لا علم لهما بالقضية التي تورط فيها».

وقال مراقبون في واشنطن إن وثيقة الاتهام توضح أن شهودا وجواسيس قدموا معلومات للشرطة الأميركية حول نشاط الكشميريين. ونقلت على لسان واحد من الشهود أن فاي ظل لخمسة وعشرين سنة يعمل حسب توجيهات الاستخبارات الباكستانية. وأنه اتصل بمندوبين للحكومة الباكستانية أكثر من أربعة آلاف مرة منذ سنة 2008. وقالت وكالة «اي إف بي» الفرنسية من مكتبها في واشنطن إن فاي اتصل بها عدة مرات في الأشهر الأخيرة عن اجتماعات وإرسال صحافيين لتغطية مواضيع مثل: «تحرير شعب كشمير من المعاناة التي لا يستحقها». وقال دانيال ماركي، خبير في شؤون جنوب آسيا في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك: «كل الموضوع هو الكشف عن عملية تأثير غير مشروعة، واستمرت عقودا من الزمن، هنا في واشنطن، مع بصمات باكستانية عليها كلها»، وأضاف أن اللوبي الكشميري «بارز نسبيا داخل مجموعة صغيرة من الناس يتابعون الموضوع الكشميري».

وكشفت لجنة الانتخابات الاتحادية، التي تجمع أرقاما عن التبرعات لأعضاء الكونغرس وللحملات الانتخابية، أن الكشميريين قدموا ما لا يقل عن خمسين ألف دولار إلى أعضاء ومنظمات قبل انتخابات الرئاسة سنة 2008، وأنهم قدموا 250 دولارا لحملة الرئيس أوباما. وأمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن مسؤولا في البيت الأبيض قال إن أوباما سيعيد المبلغ، وقالت إن لوبي الهند عملاق، ولا يقدر الكشميريون على منافسته.

وأيضا تبرع الكشميريون بعشرة آلاف دولار للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، ولعضو الكونغرس ريتشارد بيرتون، أكثر أعضاء الكونغرس تأييدا للقضية الكشميرية، غير أنه قال أمس إنه لم يكن يعلم بأن اللوبي الكشميري «خرق القانون». وقال إنه سيرسل ما يساوي تبرعات الكشميريين إلى جمعية الكشافة الأميركية تبرعا منه لها. وقال مراقبون في واشنطن إن هدف اللوبي الكشميري في واشنطن هو إصدار قرار من الكونغرس لتأمين حكم ذاتي لكشمير، وذلك عن طريق إجراء استفتاء ليحدد الكشميريون مصيرهم، وإن الأمم المتحدة كانت أصدرت قبل خمسين سنة قرارا بتحقيق ذلك، لكن رفضته الهند.

، لأن أغلبية الكشميريين مسلمين وخافت أن تصوت أغلبيتهم ضدها، وإن الهند تتهم باكستان، منذ زمن طويل، بإيواء ودعم ما تسميها حركة إرهابية في كشمير، وإن باكستان ظلت تنفى دعم المقاتلين الكشميريين، وإن البلدين خاضا ثلاث حروب؛ اثنتان منها بسبب النزاع على كشمير، وفي سنة 2004 بدأت عملية سلام سارت ببطء، وجمدت سنة 2008.

وانسحبت الهند نهائيا من المحادثات بعد الهجمات التي نفذها إسلاميون عام 2008 في مومباي العاصمة الاقتصادية للهند. وتتهم الهند منظمة «عسكر طيبة» الإسلامية التي تتخذ من باكستان مقرا لها، وأيضا، تتهم أجهزة الاستخبارات الباكستانية، بالوقوف وراء تلك الاعتداءات التي أسفرت عن سقوط 166 قتيلا.

وأضاف المراقبون أن الاعتقالات والتحقيقات ربما لها صلة بالتوتر الأخير في العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان. وكان البيت الأبيض أعلن مؤخرا تجميد جزء من المساعدات العسكرية لباكستان، الحليفة في حملة عسكرية ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة، وضد تنظيم القاعدة. وجمد البيت الأبيض 800 مليون دولار من المساعدات، أي أكثر من ثلث إجمالي المساعدات التي تقدمها واشنطن لباكستان سنويا، وهي مليارا دولار.