النائب اللبناني نهاد المشنوق لـ «الشرق الأوسط»: سنمنع تحويل لبنان إلى غرفة عمليات إيرانية

عضو كتلة المستقبل: الرئيس الحريري سيعود قريبا إلى بيروت.. وهو موجود في كل واحد منا

نهاد المشنوق
TT

قال النائب اللبناني نهاد المشنوق، عضو كتلة المستقبل، إن هذه الأخيرة لا تسعى إلى عودتها وعودة الرئيس سعد الحريري إلى الحكومة، مشيرا إلى أن الكتلة كررت مرارا أن الأزمة السياسية في المنطقة كبيرة وأكبر من رغبات أي جهة سياسية للاستفراد بالحكومة في لبنان. وأضاف أن هذه الأزمة كبيرة ومتطورة «في محيطنا ومنطقتنا العربية، وتستوجب تشكيل حكومة إلى حد ما محايدة تتولى شؤون المواطنين وإدارة مسيرة الدولة بيومياتها وأساسياتها إلى حين إجراء انتخابات نيابية في عام 2013»، ودعا النائب المشنوق، في حوار مع «الشرق الأوسط» أثناء مشاركته في «منتدى أصيلة» بالمغرب، إلى أن تذهب القوى السياسية، خلال هذه المدة، مجتمعة إلى طاولة الحوار لتتفق فيه على عنوانين رئيسيين لم يعد من الممكن تجاوزهما؛ الأول يتعلق بوجود السلاح خارج إدارة وإرادة الدولة بما يعيد لعنوان المقاومة إجماعا لبنانيا تعبر عنه الدولة، والثاني يتعلق بقانون الانتخابات الذي يجب الاتفاق عليه بدل اعتماد قوانين انتخابات قديمة تجاوزها التاريخ.

وبخصوص سوريا، قال المشنوق: «ثبت أنه ليس لدى النظام السوري ما يقدمه للبنان إلا مزيدا من التوتر ومزيدا من المواجهة، ومزيدا من الخلافات ومزيدا من التحريض داخل لبنان على سياسات بواسطة حلفائه؛ سواء حلفاؤه الخارجيون أو حلفاؤه داخل لبنان، وأعني بحلفائه الخارجيين إيران بالذات، وعلى المزيد من المواجهة بين القوى السياسية اللبنانية، ودفع لبنان إلى المزيد من المواجهة مع المجتمع الدولي ومع محيطه العربي بما يخالف طبيعة لبنان ونظامه ورغبة الغالبية الكبرى من اللبنانيين».

وفي ما يلي نص الحوار:

*دعوت وزراء حزب الله إلى التنحي من الحكومة، وهناك محاولة من المعارضة لإسقاط حكومة نجيب ميقاتي. فما البديل لها.. هل عودة سعد الحريري وتيار المستقبل أم ماذا؟

- لا نسعى لا لعودة الرئيس الحريري ولا تيار المستقبل إلى الحكومة، فقد قلنا وكررنا مرارا أن الأزمة السياسية في المنطقة كبيرة وأكبر من رغبات أي جهة سياسية للاستفراد بالحكومة في لبنان.. هذه الأزمة كبيرة ومتطورة في محيطنا ومنطقتنا العربية، وتستوجب تشكيل حكومة إلى حد ما محايدة تتولى شؤون المواطنين وإدارة مسيرة الدولة بيومياتها وأساسياتها إلى حين إجراء انتخابات نيابية في عام 2013، وخلال هذه المدة تذهب القوى السياسية مجتمعة إلى طاولة الحوار لتتفق فيه على عنوانين رئيسيين لم يعد من الممكن تجاوزهما؛ الأول يتعلق بوجود السلاح خارج إدارة وإرادة الدولة بما يعيد لعنوان المقاومة إجماعا لبنانيا تعبر عنه الدولة، والثاني يتعلق بقانون الانتخابات الذي يجب الاتفاق عليه بدل اعتماد قوانين انتخابات قديمة تجاوزها التاريخ كما فعلنا في الدورة السابقة. ولا بد هنا من التنويه بالدور الوطني المسؤول الذي مارسه رئيس مجلس النواب نبيه بري في إدارة جلسات الثقة.

*في تدخلكم الأخير في البرلمان لمناقشة البيان الحكومي، أثرتم ثلاث نقاط؛ هي الوضع في سوريا، وجمود الدور العربي، ومسألة السلاح.. ماذا كنتم ترومون من ذلك؟

- أولا حديثي عن الوضع في سوريا وتطوراته ليس تدخلا في الوضع السوري.. نحن في لبنان لنا مصلحة مباشرة وشخصية وضرورية في السلم الأهلي، وبأن يكون هناك نظام حر ديمقراطي في سوريا. نحن لا نقترح على الشعب السوري ماذا يريد. هو يعرف أكثر منا ويملك من الشجاعة وحسن التقدير ما يجعله هو الذي يبادر، فهو لم يبادر بسبب نصيحة لبنانية أو اقتراح لبناني، لأنه هو الذي يشعر بالوجع، ويريد الحرية ويناضل كل يوم من أجل أن يسترد حريته وكرامته وعدالته، ولكن تغيير السياسات في سوريا نحو الحرية والكرامة والعدالة يخدم لبنان والعلاقات اللبنانية–السورية.

لم يعد هناك من مجال بسبب التجربة السابقة التي عشناها منذ عام 2000 حتى اليوم؛ إذ ثبت، كما يقال، «بالوجه الشرعي» أن هناك استحالة لقيام علاقات سوية بين البلدين خاصة بسبب الفارق الكبير بين طبيعة النظامين؛ نظام أمني في سوريا، ونظام لا يزال يؤمن بالكثير من الحريات السياسية والاقتصادية والإعلامية مثل النظام اللبناني.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تبث أنه ليس لدى النظام السوري ما يقدمه للبنان إلا مزيدا من التوتر ومزيدا من المواجهة، ومزيدا من الخلافات ومزيدا من التحريض داخل لبنان على سياسات بواسطة حلفائه، سواء حلفاؤه الخارجيون أو حلفاؤه داخل لبنان، وأعني بحلفائه الخارجيين إيران بالذات، وعلى المزيد من المواجهة بين القوى السياسية اللبنانية، ودفع لبنان إلى المزيد من المواجهة مع المجتمع الدولي ومع محيطه العربي بما يخالف طبيعة لبنان ونظامه ورغبة الغالبية الكبرى من اللبنانيين.

لقد كان واضحا منذ إصدار مذكرات التوقيف السورية بحق عدد كبير من المنتمين سياسيا إلى جمهور رفيق الحريري وبعد زيارة الرئيس سعد الحريري إلى دمشق، أن هذه المذكرات هي بحق كل عربي وليس بحق من صدرت بأسمائهم. وقد ذهبت إلى القاهرة وعمان والرياض في حينه، وكذلك إلى دمشق محذرا من عودة سوريا إلى سياسة التطابق مع السياسة الإيرانية ومواجهة العرب والمجتمع الدولي. أبلغت ذلك إلى مسؤولين كبيرين في مصر، وآخر في السعودية، وكذلك بصفتي القومية العربية من قابلته من المسؤولين السوريين، بأن الظروف الدولية والعربية تغيرت عن عام 2004، لكن أحدا لم يتحرك من العواصم العربية لاستيعاب هذا التغيير قبل حدوثه ولا وافق معي من سمعني في دمشق.

أعود وأقول للعرب مرة أخرى، إن الدفاع عن النظام العام في لبنان هو دفاع عن كل عاصمة عربية من الهجمة الإقليمية الإيرانية التي لا تحقق إلا مزيدا من الانقسامات المذهبية في المجتمعات العربية. والتعامل العربي مع الحكومة اللبنانية الجديدة يجب أن يعتمد هذه القاعدة.

*قلتم في وقت سابق إنه لو لم تكن هناك إرادة مقررة من المرشد الأعلى للسلاح لما كانت حكومة ميقاتي قائمة، في إشارة ضمنية للسيد حسن نصر الله. الآن يقول المراقبون إن تغيير الوضع في لبنان وبداية صفحة سياسية جديدة رهن بسقوط النظام السوري، لكن هناك دائما النظام الإيراني؟

- نحن لا ندعو كلبنانيين ولا كقوة سياسية إلى سقوط النظام السوري، هذه مسائل يقررها الشعب السوري؛ فهو الذي يقرر في ظل أي نظام يريد أن يعيش، نحن نتحدث عن العلاقات اللبنانية–السورية، وكيفية الذهاب بها إلى شاطئ الأمان الذي لم تعرفه هذه العلاقات منذ عشرات السنين. أما المراهنة على سقوط هذا النظام أو ذاك، فهي مراهنة غير موضوعية، ولا أحد من اللبنانيين مكلف بها أو يتحدث عنها وكأنها رغبة شخصية. ما يحدث في المنطقة العربية يشجع هذا الحديث، وما يحدث في سوريا يشجع أكثر وأكثر ذلك، ولكن ليس من اللبنانيين.. لندع السوريين يقررون ماذا يريدون والطريقة التي يرونها مناسبة لطبيعة النظام السياسي للعيش ضمنه.

*بالنسبة لكتلة المستقبل، ما خارطة الطريق الأساسية في هذه المرحلة الراهنة التي تشهد توترات متعددة في المنطقة العربية؟

- نحن سنخوض مقاومة سياسية مستمرة وبأشكال متعددة، ولكنها كلها ستكون سلمية، لمنع أخد لبنان في اتجاه سياسي لا توافق عليه الغالبية العظمى من الشعب، ولمنع أن يكون غرفة عمليات أمنية سياسية لإيران تجاه المجتمع الدولي والعالم العربي. هذا الأمر يجعلنا بطبيعة الحال نناصر كل دعوات الحرية في العالم العربي، لأن اللبنانيين على صغر بلدهم وتعدادهم السكاني القليل، استطاعوا عام 2005 تحت عناوين الحرية والكرامة والعدالة أن يستردوا استقلالهم وسيادتهم وحريتهم بعد وصاية سورية دامت سنوات طويلة.

*ما توقعاتكم بشأن القرار التهامي بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإلى أين ستمضي الأمور في رأيكم؟

- مسار المحكمة الدولية ساري المفعول ولن يوقفه شيء ولن يستطيع أحد لا في لبنان ولا في غير لبنان تعطيله أو حتى تأخيره. هذه مسألة تتعلق بضرورات حياة اللبنانيين؛ بمعنى أن هذه المحكمة وهذا المسار للعدالة الدولية لا يراد منه ثأر لمن اغتيل، فقد اغتيل كثيرون في لبنان، فمنذ عام 1943 حتى اليوم تم اغتيال 220 شخصية عامة، في اغتيال سياسي، ولم يحاسب أحد بشكل جدي طوال هذه المدة. وجاءت الاغتيالات الأخيرة لتؤكد حاجة لبنان إلى سد قضائي وقانوني دولي لوقف الاغتيالات ولمنع استمرار هذه الاستباحة للحياة السياسية العامة في لبنان. هذه المحكمة ستستمر وستأخد المسار القضائي والقانوني، وما تبقى مجرد كلام ليس أكثر، ولن يغير شيئا ولن يبدل شيئا، وهي ليست قضاء فقط بل قدرا أيضا. وإذا كانت قيادة حزب الله تعترف بوجود عملاء لجهات أجنبية في صفوفها، فما الذي يمنع وجود متهمين فعليين بالاغتيال السياسي أيضا.

*متى سيعود الرئيس الحريري إلى بيروت؟

- سيعود قريبا. ولكن هو موجود في كل واحد منا، والمتابعة السياسية لا تتوقف، وقدرتنا على دعم العدالة الدولية والدفاع عن حرية اللبنانيين ومنع تحويل لبنان إلى ساحة وإلى غرفة عمليات لمواجهة العالم، لن تتوقف، وسيتبين مع الوقت أكثر فأكثر أن مزيدا من اللبنانيين سيدافعون عن هذه العناوين وسيجدون أن فيها سلاما لبلدهم واطمئنانا لأهلهم وضمانا لحرية التعبير.