نجاتي طيارة.. ناشط نقل للعالم أخبار الاحتجاجات في حمص ويقبع الآن في السجن

تصدر شاشات التلفزة ووكالات الأنباء العالمية حتى اعتقاله قبل أكثر من شهر

TT

ليست هذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات الأمن السورية، الباحث والناشط الحقوقي السوري نجاتي طيارة على خلفية مواقفه السياسية ونشاطه الحقوقي. فقبل توقيفه في 12 من شهر مايو (أيار) الماضي، تم اعتقاله في عام 2001، بعد أن لعب دورا بارزا في الحركة المطالبة بإطلاق الحريات السياسية المعروفة باسم «ربيع دمشق» والتي تم القضاء عليها بعد عام من وصول الرئيس السوري بشار الأسد إلى السلطة.

ومع بداية الاحتجاجات الشعبية في سوريا منتصف مارس (آذار) الماضي، برز اسم نجاتي طيارة كواحد من أبرز مصادر المعلومات حول أخبار التحركات وتحديدا في مدينة حمص. وتمكن بسرعة قياسية من تصدر الشاشات العربية ووكالات الأنباء العالمية التي واكبت ما يحصل في الشارع السوري. واعتمد في جمع معلوماته على حركته المكوكية في الشارع وعلاقاته الطيبة مع أهالي المدينة الذين يعرفونه جيدا من خلال مقالاته الصحافية ونشاطاته على أكثر من مستوى.

وعلى الرغم من صدور مراسيم العفو الرئاسية بحق عدد من المعتقلين، فإنها لم تشمل طيارة، البالغ من العمر 57 عاما. وكان طيارة، وهو موظف متقاعد من السلك التربوي، قد وجه له القضاء السوري تهمة «إذاعة أنباء كاذبة على المحطات الفضائية التلفزيونية وإضعاف الشعور القومي». وفي محضر التحقيق الأولي معه والذي تم نشر نسخة عنه على صفحة أنشئت خصيصا له على شبكة «فيس بوك» بعنوان: «نطالب بالإفراج عن نجاتي طيارة، الناشط بمجال حقوق الإنسان»، يعرف طيارة عن نفسه ويشرح نشاطه مع بدء التظاهرات بالقول: «أنا موظف متقاعد، مواليد 1954، ومقيم في حمص، ناشط في مجال حقوق الإنسان في سوريا، ومنذ بعض الأشهر بدأت بعض المحطات الفضائية العربية والأجنبية بالاتصال هاتفيا بي للاستفسار عن المظاهرات وما يحدث في سوريا». ويضيف «كنت أتحدث معهم بصفة باحث وأدليت بمعلومات عن الأوضاع في سوريا والمظاهرات التي حصلت وآفاق حل الأزمة في سوريا». وتابع يقول «مصادر معلوماتي التي أدليت بها للمحطات الفضائية كانت من صدى الشارع السوري والمتظاهرين والجنازات وبيانات العزاء (أوراق النعوة)...».

ويكشف المحققون أنه تم إحضار طيارة إليهم مع «جهازي هاتف خلوي بضمنهما أرقام ورسائل مرسلة إلى القنوات الفضائية التي تقوم بالتحريض وإثارة الفتنة في القطر وثلاث فلاشات لإذاعته أنباء كاذبة على المحطات الفضائية التلفزيونية العربية والأجنبية وإضعافه الشعور القومي»، لافتين إلى أنه «تم إفراغ الفلاشات التي بحوزته وتبين لنا بأنها تحتوي على الوثائق التالية: مقالات وبيانات سياسية تتناول الأوضاع في سوريا وآرائه الشخصية السلبية...».

وكان الناشط الحقوقي، الذي انتقد بشدة الحملة العسكرية في الأحياء السكنية لسحق المظاهرات المطالبة بالديمقراطية في مدينة حمص، قد تحدث أمام المتظاهرين في إحدى مظاهرات المدينة. وفي مقطع فيديو منشور على موقع «يوتيوب»، يخاطب طيارة المتظاهرين مطالبا إياهم بالحفاظ على قوة حركتهم. ويقول: «ها أنتم تأتون أحرارا بالروح، لدينا عمل طويل وما زلنا في أول الطريق يا شباب، نضالنا من أجل الحرية ما زال طويلا». ويتابع: «اتركوا مساحة للعقل... نحن معكم... لا تنفعلوا... كما قامت مصر وتونس أنتم تقومون، هذه قيامتكم.. اصمدوا وحققوا مطالبكم واحدة واحدة».

وأفادت مجموعة أخرى على شبكة «فيس بوك» باسم «كلنا نجاتي طيارة» أنه على الرغم من أن قاضي الإحالة بمدينة حمص قد وقع في 19 يونيو (حزيران) الماضي قرر إخلاء سبيل طيارة وأسقط عنه كل التهم المزعومة، فإن قاضي التحقيق رفض منحه حريته، وطعن بقرار قاضي الإحالة «ماضيا في غيه وغي النظام السوري في احتجاز حرية الشرفاء من أبناء الشعب السوري». وكانت الصفحة أفادت لدى إحالة طيارة في 15 مايو الماضي إلى القضاء السوري بأن «الاتهامات الموجهة إليه هي في نظرهم قطعا النيل من هيبة الدولة أو نشر أنباء من شأنها أن توهن الشعور القومي كما اعتدنا، أما ذنبه في نظرنا فهو حبه لوطنه وشعبه».

وفي حين لا يزال طيارة معتقلا من دون أن ينفع إقدامه على الإضراب عن الطعام في الإفراج عنه، تنقل مجموعة «كلنا نجاتي طيارة» عنه قوله «لا يهمني إن اعتقلت، أو حتى استشهدت بعد الآن، أشكركم يا شباب لأنكم جعلتموني أتذوق طعم الحرية بعد ستين سنة من حياتي».