مصر تدرس محاكمة رموز النظام السابق سياسيا بموجب «قانون الغدر»

«ائتلاف الثورة» يؤيد إجراءات شرف.. وطنطاوي يحث على سرعة الاستجابة للمطالب

المشير طنطاوي لدى اجتماعه مع الحكومة الجديدة بكامل تشكيلتها البالغة 27 وزيرا (إ.ب.أ)
TT

في تطور لافت، قال رئيس الوزراء المصري، الدكتور عصام شرف، في كلمة للمصريين، عقب أداء الوزراء الجدد في حكومته اليمين الدستورية، أمس، إنه طلب من وزير العدل تفعيل «قانون الغدر»، وهو قانون صدر عام 1952، وتمت بموجبه محاكمة رموز نظام الملك فاروق سياسيا.

وكانت قوى سياسية وشباب الثورة قد طالبوا بضرورة محاكمة رموز نظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، سياسيا، لكن قانونيين قالوا إنه لا يوجد في القانون المصري نصوص يمكن بموجبها إحالة سياسيين للقضاء بتهم الفساد السياسي.

وبتفعيل قانون الغدر، الذي أُهمل منذ صدوره إبان ثورة 23 يوليو (تموز)، يفتح الباب أمام محاكمة رموز نظام مبارك سياسيا، من دون اللجوء لقوانين استثنائية، أو محاكمات عسكرية، بحسب خبراء.

وطبقا لقانون الغدر، يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما أو عضوا في البرلمان أو المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات، وكل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية، وارتكب فعلا من الأفعال الآتية: التعاون على إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصالح البلاد العليا أو التهاون فيها، أو بمخالفة القوانين للحصول على مزايا سياسية، وكل من استغل النفوذ، ولو بطريق الإيهام، للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره، وكذلك استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لأحد ممن ينتمون إليه بصلة قرابة على وظيفة في الدولة.

وأدى الوزراء الجدد في حكومة شرف اليمين الدستورية، أمس (الخميس)، أمام المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر. وفي الوقت الذي أعلن فيه ائتلاف شباب ثورة «25 يناير» تأييده الكامل للحكومة الجديدة، مبديا استعداده لفض الاعتصام خلال 48 ساعة، رفضت حركة شباب 6 أبريل وبعض القوى السياسية فض الاعتصام، مهددين بمزيد من التصعيد لحين تحقيق جميع مطالب الثورة.

وعقد المشير طنطاوي اجتماعا مع الحكومة الجديدة بكامل تشكيلتها البالغة 27 وزيرا، بعد تعديلات شملت 13 وزيرا، وطالبهم بسرعة استعادة الأمن والهدوء ومواجهة أي محاولة للعبث بمصالح البلاد العليا أو الإضرار باقتصادها، وتهيئة البلاد لإجراء انتخابات ديمقراطية وإعداد دستور جديد للبلاد، وانتخاب رئيس الجمهورية والتخطيط لتحقيق مطالب الثورة وأهدافها.

كما طالب المشير طنطاوي بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من اشترك في إفساد الحياة السياسية خلال الفترة السابقة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتصدي بكل حزم لكل صور وأشكال الفساد والمفسدين، مع دعم كل الأجهزة الرقابية المختصة لتنفيذ ذلك، ومساندة الأجهزة القضائية المختصة لتمكينها من أداء مهامها بشأن محاكمة رموز النظام السابق.

وأكد المشير استمرار سياسة الحوار مع كل أطياف الشعب والقوى السياسية للوصول إلى الصيغ التي تخدم المصلحة العليا للبلاد، وتفعيل دور صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لضحايا ثورة «25 يناير»، التي أسقطت النظام المصري، وأسرهم، مع سرعة صرف التعويضات لأسر الشهداء خلال مدة أقصاها شهر.

وتشكلت الحكومة الجديدة من عدد من الوزراء أبرزهم: الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء وزير قطاع الأعمال، والدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء وزير المالية، والسفير محمد كامل عمرو وزير الخارجية. ولم تشمل التعديلات المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل، واللواء منصور العيسوي وزير الداخلية، وحسن يونس وزير الكهرباء، وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي، وماجد جورج وزير البيئة، وهم كانوا محل خلاف بين الميدان والحكومة.

وكان الدكتور شرف قد واجه أول من أمس صعوبات لاختيار وزيري الصناعة والاتصالات خلفا للدكتور حازم عبد اللطيف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور أحمد فكري وزير التجارة والصناعة، بعد تحفظ الثوار عليهما، لكنه استقر على تعيين محمود عيسى وزيرا للصناعة، ومحمد سالم للاتصالات.

وخلا التشكيل الوزاري الجديد من حقيبة الآثار، عقب التراجع عن تعيين الدكتور عبد الفتاح البنا وزيرا للآثار، وذكرت مصادر داخل مجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها لإلغاء وزارة الآثار، والاكتفاء بالمجلس الأعلى للآثار كجهة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء، وليس لوزارة الثقافة كما كان سابقا.

وتفاوتت ردود الأفعال ومواقف المعتصمين في ميدان التحرير حول التشكيلة الوزارية الجديدة. ودعت حركة شباب 6 أبريل وبعض القوى والحركات السياسية للاستمرار في الاعتصام في ميادين مصر، والدعوة لمظاهرة حاشدة اليوم (الجمعة) باسم «جمعة الإصرار» للمطالبة باستبعاد عدد من الوزراء التابعين للحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا).

وجدد تحالف ثوار مصر دعوته إلى استمرار الاعتصام، محددا 7 مطالب عاجلة، في مقدمتها تنقية حكومة مصر الثورة من كل رموز النظام السابق، ووضع الرئيس السابق حسني مبارك في مستشفى سجن طرة، والتطهير الفعلي لوزارة الداخلية مما وصفوه بـ«رموزها الفاسدين».

ومن جانبه، أكد محمد عادل، المتحدث باسم حركة شباب 6 أبريل على الاستمرار في الاعتصام بميدان التحرير لحين استبعاد وزراء الحزب الوطني المنحل، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة مع باقي القوى تدرس إجراءات تصعيدية خلال الفترة المقبلة»، لافتا إلى أن التشكيل الوزاري الجديد «كذبة»، وليس له علاقة بمطالب المعتصمين في الميدان.

إلا أن أحمد عبد الجواد، عضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، أكد أن الائتلاف يؤيد الدكتور عصام شرف وحكومته الجديدة، وقال عبد الجواد لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف لديه الاستعداد الكامل لتعليق الاعتصام في ميدان التحرير إذا تم التراجع عن تقديم المدنيين للمحاكمات العسكرية.

ولم يستبعد عبد الجواد أن تستجيب الحكومة الجديدة لهذه المطالب، لافتا إلى أن الاعتصام الحالي يمثل التزاما أدبيا تجاه أسر الشهداء، متوقعا أن تتم الاستجابة لمطالب أسر الشهداء، وهو ما يدفع الأمور باتجاه فض الاعتصام سريعا، ومنح الحكومة الجديدة فرصة للعمل.

وأكد محمد ماهر، المتحدث الإعلامي لمجلس أمناء الثورة، على أن «تنسيقية الثورة» قررت تنظيم مظاهرة حاشدة، اليوم (الجمعة)، لتأييد حكومة شرف الجديدة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «رفضنا الاعتراض على الحكومة الجديدة حتى تسير الحياة في مصر».

وفي سياق متصل، أدانت «لجنة القوات المسلحة» في مؤتمر «الوفاق القومي»، الذي تم تشكيله بتكليف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء، الاعتصام في ميدان التحرير، وطالبت بفضه فورا، وحذرت من خطر تفاقم ظاهرة البلطجة في الميدان.