المستثمرون في تجارة الأنفاق يأملون استعادة أموالهم

بعد أن تبين أن بعض الشركات التي كانت تديرها وهمية

TT

ما زالت غزة تعيش حالة من القلق والترقب في أعقاب التطورات التي حدثت على صعيد مصير الأموال التي خسرها المئات من المستثمرين، فيما بات يعرف بـ«تجارة الأنفاق». واتخذت التحقيقات في هذا الملف منحى مغايرا، عندما تبين للأجهزة الأمنية في القطاع أن بعض القائمين على تجارة الأنفاق تحايلوا على زبائنهم عبر الزعم بأنهم يستثمرون الأموال في شركات تقوم بالاتجار في المواد المهربة، وتبين للمحققين أن بعض هذه الشركات كانت وهمية، وأن هناك شكوكا لديهم بأن بعض أصحاب هذه الشركات، قام بتهريب أموال المستثمرين للخارج.

وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيقات المكثفة التي أجرتها الأجهزة الأمنية مع هؤلاء، نجحت في إجبارهم على تسليم جزء من الأموال؛ سواء على شكل نقدي أو على شكل عقارات. وحسب هذه المصادر، فقد تبين أن الشركات الوهمية على علاقة وثيقة مع بعضها بعضا، كما تبين أن أصحاب بعض الشركات كانوا يقومون بجمع الأموال لصالح شخص يدير شركة وهمية. وأوضحت المصادر أن التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية تهدف بشكل أساسي إلى معرفة وجهة كل الأموال التي استثمرت في تجارة الأنفاق، لا سيما في الفترة التي سبقت حرب غزة أواخر ديسمبر (كانون الأول) عام 2008. وأشارت المصادر إلى أن اندلاع الحرب دفع المستثمرين لمطالبة القائمين على هذه الشركات باسترداد أموالهم، وبدأ هؤلاء بالتملص بزعم أن هذه الشركات خسرت بفعل الحرب، مستغلين بذلك الانطباع الذي ساد في البداية عن خسارة ناجمة عن الأضرار التي لحقت بالأنفاق.

ولكن تبين فيما بعد أن عددا من الشركات التي كان يفترض أن تكون قائمة على الاتجار بالمواد المهربة عبر الأنفاق، كانت مجرد شركات وهمية. وأوضحت المصادر أن التحقيقات دللت على أن حجم الأموال المستثمرة في تجارة الأنفاق أقل بكثير من التقديرات الأولية، إذ إن حجمها لا يتجاوز الستين مليون دولار، في حين كانت التقديرات تتحدث عن أكثر من 200 مليون دولار.

وقالت المصادر إن التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية قادت إلى اعتقال المزيد من شركاء ومتعاونين مع أصحاب الشركات الوهمية، الذين لم يكونوا معروفين من قبل، وذلك في جهد يهدف إلى استرداد أكبر قدر من الأموال المستثمرة. وقد شكلت الحكومة المقالة في غزة لجنة حكومية تختص بتوزيع الأموال التي نجحت الأجهزة الأمنية في استردادها حتى الآن. وقامت اللجنة الأسبوع الماضي بتوزيع 30 في المائة من هذه الأموال على المستثمرين، في حين يتطلع المستثمرون إلى أن يستعيدوا كل ما استثمروه في هذه الشركات الوهمية. وتؤكد المصادر أن الإحساس العام لدى المحققين الذين يتولون معالجة هذا الملف أن هناك أساسا للتفاؤل بإمكانية استرداد المزيد من الأموال وتوزيعها على المستثمرين.

ويرى الكثير من المستثمرين أنهم كان يتوجب عليهم أن يستفسروا بشكل أعمق عن حقيقة هذه الشركات، لكنهم في نفس الوقت يعتبرون أن الحكومة المقالة تتحمل جزءا من المسؤولية، لأنها لم تفرض رقابة كافية على تجارة الأنفاق. وتؤكد المصادر أن هذه القضية لا تعني بحال من الأحوال أن كل الأموال التي استثمرت في تجارة الأنفاق كانت تدار من قبل شركات وهمية، فحقيقة أن الأنفاق شكلت بديلا عن المعابر التجارية الإسرائيلية في أوج الحصار الإسرائيلي، يدلل على أن الكثير من نشاط هذه التجارة كان حقيقيا.