واشنطن تخشى هروب قيادي في حزب الله اللبناني معتقل في العراق

دقدوق المعتقل لدى القوات الأميركية على وشك أن يسلم للسلطات العراقية

علي موسى دقدوق
TT

أعرب مسؤولون أمنيون أميركيون عن خشيتهم من احتمال هرب أو إطلاق سراح القيادي في حزب الله علي موسى دقدوق الذي تعتقله القوات الأميركية في بغداد، حال تسليمه للسلطات العراقية خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويتهم المسؤولون الأميركيون دقدوق، الذي اعتقل في عام 2007، بالتعاون مع عملاء إيرانيين في تدريب الميليشيات الشيعية التي تستهدف الجنود الأميركيين في العراق. كما يحمله الأميركيون مسؤولية الهجوم الذي أسفر عن اختطاف وأسر أربعة جنود أميركيين وقتلهم في مدينة كربلاء عام 2007. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، كانت الولايات المتحدة قد عبرت عن نيتها على مدار السنوات محاكمة دقدوق أمام محكمة أميركية، لكن الخطة توقفت في أعقاب الصدام بين البيت الأبيض والكونغرس حول طريقة محاكمة الإرهابيين المشتبه بهم.

ودقدوق من بين عشرة سجناء لا يزالون محتجزين لدى القوات الأميركية، الذين ينبغي نقلهم إلى السجون العراقية بنهاية 2011 بحسب الاتفاقية الأمنية بين البلدين والموقعة عام 2008. وصرح حيدر السعدي، المتحدث باسم وزارة العدل العراقية أن عملية نقل السجناء ستجري نهاية الأسبوع الحالي، بيد أن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أن ذلك قد لا يجري بهذه السرعة.

ولعل ملف العراق السيئ الخاص بأمن المعتقلين وجهوده الأخيرة لتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع إيران جعلت السلطات الأميركية تبدي قلقا واضحا إزاء تسليم دقدوق. ويقول بوب باير، ضابط الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، الذي قضى سنوات في تعقب خلية حزب الله، التي شنت العديد من الهجمات الإرهابية: «إنه أكثر المعتقلين خطورة. فقد سالت دماء أميركية على يديه. وإذا ما أفرج عنه فسيعود إلى إراقة المزيد من الدماء».

وفي يوليو (تموز) من عام 2010، وبعد أسبوع واحد من تسليم القوات الأميركية 1.000 سجين للسلطات العراقية من سجن معسكر كروبر، فر أربعة سجناء منتمين لتنظيم «القاعدة»، وقد أظهرت التحقيقات أن أفراد «القاعدة» تلقوا مساعدات من الداخل. وقد تكررت الحادثة نفسها مرة أخرى في مايو (أيار) في محاولة فاشلة للهرب من سجن بغداد شديد الحراسة التي خلفت 17 قتيلا ما بين سجين ورجل أمن كان من بينهم لواء في شرطة مكافحة الإرهاب. من جانبه، رفض السعدي الاعتقادات الأميركية بإمكانية هروب دقدوق، قائلا: «السلطات العراقية مستعدة بشكل كامل لمنع أي محاولة هرب، والقوات الأمنية العراقية قادرة على السيطرة على كل المعتقلين».

بيد أن دقدوق قد يفرج عنه كحال عشرات الآلاف المشتبه في صلاتهم بالإرهاب الذين اعتقلتهم القوات الأميركية والذين أطلق سراحهم في نهاية الأمر نظرا لنقص الأدلة التي تربطهم بهذه الجرائم، ويرى عبد الرحمن نجم المشهداني، مدير «مركز حمورابي لمراقبة الحقوق القانونية»، إن دقدوق لن يدان على الإطلاق أمام محكمة عراقية؛ إذ «سيكون من الصعب تقديم الأدلة التي تجرمه بقتل عراقيين لأنه اعتقل من قبل القوات الأميركية بتهمة قتل أميركيين فقط». وكان المسؤولون الأميركيون قد توقعوا إمكانية إطلاق سراح دقدوق إذا ما سلم للحكومة العراقية ومن ثم أعدوا خطة لاستجواب دقدوق من قبل مسؤولين في الاستخبارات والجيش، ثم أخلوا السبيل أمام محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق معه من الصفر. وبهذه الطريقة يمكن محاكمته أمام المحاكم الأميركية وقد تستخدم إفاداته هذه ضده. لكن هذه الخطة توقفت بسبب حلفاء الرئيس بوش الجمهوريين في الكونغرس، الذين اعترضوا على محاكمة الإرهابيين من أمثال دقدوق في الولايات المتحدة.

ويبدي الجمهوريون رغبتهم في أن يحاكم دقدوق والمتهمون الآخرون بالإرهاب في معتقل غوانتانامو، الذي تحاول إدارة الرئيس باراك أوباما إغلاقه. وقال الأعضاء الجمهوريون في لجنة الشؤون القضائية بمجلس الشيوخ في رسالتهم إلى إريك هولدر وزير العدل إنهم «قلقون للغاية بشأن إمكانية محاكمة دقدوق في الولايات المتحدة». وقد خضعت القضية لمراجعة من قبل محامين خلصوا إلى أنه على الرغم من إمكانية محاكمته في غوانتانامو، فإن سجنه غير ممكن، لأن الكونغرس أعطى تفويضا بالعمل العسكري ضد «القاعدة» ومن نفذوا العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول)، وأن المحكمة العليا اعتمدت على هذا التصريح للسماح للجيش باحتجاز المشتبه فيهم من أفراد «القاعدة» في سجن غوانتانامو.

وتضع الولايات المتحدة حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية، وتعتقد أن الحزب تربطه علاقة تقارب مع تنظيم «القاعدة» لكن لجنة 11 سبتمبر (أيلول) لم تجد دليلا على تورط حزب الله في الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون. إلى ذلك، أكد المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق الكولونيل باري جونسون: «الولايات المتحدة لم تتعرض لضغوط لتنفيذ عملية نقل المعتقلين هذا الأسبوع»، وأحال التساؤلات إلى وزارة العدل التي رفض المتحدث باسمها دين بويد الرد عليها، وهو الموقف نفسه الذي اتخذه البيت الأبيض.