رفض مردوخ تحمل مسؤولية فضيحة التنصت على الهواتف قد يفقده مصداقيته

خبراء: إذا لم يكن يعلم بها فعلى مجلس الإدارة أن يسأله أين كان؟

TT

قد يؤدي رفض روبرت مردوخ لتحمل المسؤولية عن فضيحة التنصت على الهواتف، التي بسببها انخفضت القيمة السوقية لمؤسسة «نيوز كورب» بمقدار 5.89 مليار دولار، إلى تقويض مصداقيته كمسؤول تنفيذي.

وتعليقا على أداء مردوخ أمام البرلمان البريطاني يوم الثلاثاء الماضي، قال الخبراء إنه لم يقم بما يكفي كمسؤول تنفيذي للاعتراف بمسؤوليته عن الفضيحة، حيث قام بإلقاء اللوم على مرؤوسيه، وقال إنه لم يكن مسؤولا عن ذلك.

وقال جاي لورستش، وهو أستاذ بكلية هارفارد للأعمال: «إذا لم يكن يعلم بما كان يحدث فإنه رئيس تنفيذي سيئ ويجب على مجلس الإدارة تعيين شخص آخر مكانه وأن يسأله أين كنت؟ في الواقع، إنه هو المسؤول عن هذه الفضيحة».

وقال سيدني فنكلستين، وهو أستاذ الإدارة في كلية دارتموث لإدارة الأعمال «غالبا ما يتم الإطاحة بكبار المسؤولين التنفيذيين الذين لا يحملون أنفسهم مسؤولية الأزمات التي تحدث في شركاتهم. وعلى الرغم من أن الإطاحة بمردوخ تبدو غير واردة لأن عائلة مردوخ تتمتع بأكبر كتلة منفردة من الأصوات تبلغ 40 في المائة، فإن وطأة الأزمة قد تدفعه في نهاية المطاف إلى التخلي عن منصبه».

وأضاف فنكلستين، وهو مؤلف كتاب «لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون الأذكياء»: «بناء على ما رأيناه في الفضائح الكبرى الأخرى، من المرجح أن يستقيل مردوخ فدائما ما تكون الاستقالة هي نهايتهم».

وقد صمد مردوخ (80 عاما) لمدة ثلاث ساعات من الاستجوابات يوم الثلاثاء الماضي هو ونجله جيمس، ونفى معرفته بفضيحة التنصت على الهواتف ودفع مبالغ مالية للشرطة للحصول على معلومات لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» المغلقة الآن. وقال كل من روبرت مردوخ ونجله إنهما لا يعرفان شيئا عن قيام موظفي الجريدة باعتراض البريد الصوتي أو دفع مبالغ مالية مقابل الحصول على معلومات.

وفي حديثه للجنة الثقافة والإعلام والرياضة التابعة للبرلمان البريطاني، قال مردوخ: «تمثل (نيوز أوف ذي وورلد) أقل من واحد في المائة من شركتنا». وأضاف أنه قد يكون قد «فقد الرؤية» فيما يتعلق بالجريدة لأنها كانت «جزءا صغيرا جدا في الإطار العام للشركة».

وقال فنكلستين إن مردوخ قد أصبح في موقف مشابه لهانك غرينبرغ، الرئيس السابق لشركة «أميركان إنترناشيونال غروب»، عندما قال إنه هو «الشخص الأفضل لعلاج» هذه الفضيحة. وأضاف: «وهذا هو نفس الشيء الذي قاله غرينبرغ عندما كانت شركة (أميركان إنترناشيونال غروب) تواجه المشاكل».

ومن بين الرؤساء التنفيذيين الذين أرغموا على تقديم استقالتهم كان توني هيوارد الذي كان يدير شركة «بريتيش بتروليوم» التي تتخذ من لندن مقرا لها، والتي كانت تواجه أزمة بسبب حدوث تسرب نفطي هائل في ساحل خليج المكسيك العام الماضي. في بداية الأمر قلل هيوارد من شأن الكارثة وشارك في سباق لليخوت في شهر يونيو (حزيران) عام 2010 بينما كانت تفاصيل الأزمة ما زالت تتكشف. وفي الشهر التالي، قام مجلس إدارة الشركة بتعيين رئيس تنفيذي جديد مكانه.

ولا يزال غرينبرغ يعاني من القضية التي كان متهما فيها بارتكاب عمليات تزوير في إنشاء شركة لإعادة التأمين في عام 2005. ولم يتم اتهام أي من هيوارد أو مردوخ بارتكاب مخالفات. ومن جهته، رفضت جولي هندرسون، المتحدثة باسم مؤسسة «نيوز كورب»، التعليق على ذلك.

ومن الجدير بالذكر أن إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي تعمل منذ 168 عاما، في العاشر من يوليو (تموز) قد أطاح بنحو 200 موظف من وظائفهم، كما قامت مؤسسة «نيوز كورب» بسحب عرضها بقيمة 12.5 مليار دولار للاستحواذ على شبكة «بي سكاي بي» بسبب الغضب الشعبي العارم وردود الفعل السياسية على الفضيحة. وتم القبض على ما لا يقل عن 10 أشخاص من بينهم ريبيكا بروكس، المديرة السابقة لشركة «نيوز إنترناشيونال» وأندي كولسون، رئيس التحرير السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد».

وقد انخفضت أسهم شركة «نيوز كورب» بمقدار 13 في المائة منذ الرابع من يوليو عندما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الصحيفة قد اخترقت البريد الصوتي للطفلة التي تم اختطافها وقتلها. وقد انخفضت القيمة السوقية للشركة إلى 41.8 مليار دولار، بما في ذلك خسارة لأفراد عائلة مردوخ تقدر بنحو 700 مليون دولار، وفقا لوكالة «بلومبيرغ» الإخبارية. وفيما وصفه بأنه «اليوم الأكثر خزيا في حياته»، أصر مردوخ على أن المخالفات التي ارتكبتها الصحيفة كانت بعيدة كل البعد عنه.

وخلال حديثه للنواب البريطانيين ألقى مردوخ اللوم على عاتق الموظفين في فضيحة التنصت على الهواتف. وتساءل النائب جيم شيريدان: «هل تقبل أن تكون في النهاية أنت المسؤول عن هذا الفشل الذريع برمته؟»، وكان رد مردوخ هو «لا»، وعندئذ قال شيريدان: «إذا لم تكن أنت المسؤول فمن المسؤول؟»، ورد مردوخ: «الناس الذين وثقت فيهم لإدارة الجريدة ومن ثم الناس الذين وثقوا هم بهم».

وعندما سئل عما إذا كان متهما بـ«التعامي» عن أو تجاهل «الأمور التي كان يمكن معرفتها والتي كان ينبغي معرفتها»، قال مردوخ: «لم نكن مذنبين في أي وقت من الأوقات».

وفي حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية، قال وزير الثقافة جيرمي هانت: «الشيء الذي لفت نظري بالأمس هو أنه قد حدث الكثير من المخالفات من دون معرفة المسؤولين البارزين، وهو ما سيقلق الكثير من الناس».

ومن جانبه، قال فنكلستين إن الشهادة التي أدلى بها مردوخ تثير الشكوك حول قدراته القيادية وحكمه. وأضاف: «لا يمكن أن تقول فقط إنك تشعر بالخزي، حيث لا توجد شركة عالمية لا تريد أن تسمع الرئيس التنفيذي لها وهو يعلق على هذه الأشياء في وقت حدوثها. ولا يبدو أن روبرت يشعر بالقلق حيال ذلك».

وبعد الشهادة التي أدلى بها مردوخ، أصدر مدير مؤسسة «نيوز كورب» بيانا بالنيابة عن أعضاء مجلس الإدارة في الخارج قال فيه إنه يؤيد مردوخ وفريق الإدارة.

* كتب التقرير فيكسمير من لوس أنجليس وشارك في كتابته جون هيليار من أتلانتا وأنغوس وايتلي من سيدني وغونزالو فينا من لندن

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»