فشل الجولة الثامنة من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو

طرفا النزاع قررا العمل على قضايا الموارد الطبيعية والألغام والزيارات العائلية

TT

فشلت جولة أخرى من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو، برعاية الأمم المتحدة، جرت في ضاحية مانهاست بنيويورك، في تحقيق أي تقدم يذكر لإيجاد تسوية لهذا النزاع المستمر منذ عام 1975. وقال كريستوفر روس، المبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء، بعد انتهاء مفاوضات دامت يومين: «إن كل طرف استمر في رفض اقتراحات الطرف الآخر»، مشيرا إلى أن جولة جديدة من المفاوضات، ستكون هي الجولة التاسعة، ستجري بعد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخريف(سبتمبر «أيلول» المقبل). وأشار إلى أن الطرفين سيحضران كذلك مؤتمرا يعقد في البرتغال في سبتمبر المقبل، تحت إشراف المفوضية العليا للاجئين، دون أن يحدد روس طبيعة الأمور التي سيبحثها هذا المؤتمر.

وقال روس إن الطرفين تطرقا «إلى سبل إشراك أعضاء يحظون بالاحترام من مجموعة واسعة تمثل سكان الصحراء في مواكبة المفاوضات الجارية بينهما»، مضيفا أن مفاوضات أولية قد بدأت بين الجانبين حول مواضيع، مثل التربية والبيئة والصحة. وأضاف أن الجانبين شرعا بالخصوص في مناقشة أولية حول موضوع الموارد الطبيعية، في إطار الأفكار التي طرحتها الأمم المتحدة، وأنه سيتم لاحقا الدخول في تفاصيل هذه المسائل.

وأعلن روس أن الطرفين قررا العمل مع الأمم المتحدة خلال الأشهر المقبلة حول القضايا المتعلقة بالموارد الطبيعية وإزالة الألغام، واستمرار الزيارات العائلية، على أن تتم عن طريق البر أيضا. بيد أن المبعوث الأممي لم يعط تفاصيل وافية حول هذا الجانب، خاصة ما جرى بحثه تحديدا حول «التربية والبيئة والصحة والموارد الطبيعية».

ودأبت البوليساريو على انتقاد ما تسميه «استغلال المغرب لموارد المنطقة»، بيد أن إشارته إلى «إزالة الألغام» تشير إلى رغبة الأمم المتحدة في الرفع من عدد الزيارات العائلية التي تتم حاليا عبر رحلات جوية، بين مخيمات اللاجئين في تندوف في الجزائر، وباقي المدن الصحراوية، وهي زيارات تتم في الاتجاهين.

وتباينت مواقف المغرب والبوليساريو مما حققته جولات المفاوضات بينهما. ونسب إلى الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، قوله إن عملية التطبيع الجارية بين المغرب والجزائر من شأنها أن تسهم في حل قضية الصحراء. وقال الفاسي، عقب الجولة الثامنة من المفاوضات، إن عملية التطبيع الحالية بين البلدين في ميادين مختلفة، وتبادل الزيارات على المستوى الوزاري، من شأنها مواجهة التحديات التي تواجهها منطقة المغرب العربي على المستويات الاقتصادية والأمنية، وتسهم بالتالي في إيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي.

بيد أن الفاسي أرسل إشارتين متناقضتين في الوقت نفسه، إذ قال إن من الضروري إعطاء الفرصة للمقاربة المبتكرة للأمم المتحدة من أجل تسوية النزاع، كما هو الشأن في عدد من النزاعات من هذا النوع التي عرفت مبادرات مماثلة.

وأضاف أن المغرب «يعمل وفق هذه الجهود الموازية، لأنها قد تحمل إضاءة جديدة، وتدفع بالملف قدما، خصوصا مسألة مساهمة ممثلين يحظون بالاحترام والشرعية من قبل سكان المنطقة». لكنه بالمقابل قال إن بلاده «تحتفظ بحقها في التقييم الضروري عقب اللقاءات المقبلة، سواء بحثت مواضيع محددة أو تعلقت بموضوع ممثلي السكان». وزاد: «عند ذلك سنرى متى يمكن عقد الجولة المقبلة من المفاوضات غير الرسمية، وسنصدر حكما نهائيا حول حصيلة هذا المسلسل برمته، بما في ذلك المسلسل الذي جرى تحت إشراف المبعوث الشخصي السابق للأمين للأمم المتحدة، بيتر فان فالسوم».

وقال الفاسي إن المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، كان قد خلص في أعقاب أربع جولات من المفاوضات الرسمية، إلى أن «الاستقلال غير قابل للتطبيق وغير واقعي، مما اضطره إلى التخلي عن مهامه». ومضى يقول: «المغرب لا يسعه إلا أن يدين بقوة حالة الجمود غير المقبولة التي تضعنا فيها الأطراف الأخرى». وعبر الفاسي عن أسفه لأن «الجزائر والبوليساريو لا يقدمان الانطباع بأن لهما رغبة حقيقية في إيجاد حل سريع يتماشى مع الشرعية الدولية لهذا النزاع الذي كانوا هم السبب في خلقه».

وفي جانب البوليساريو، نسب إلى أحمد بوخاري، عضو الوفد الذي شارك في المفاوضات قوله: «ما زلنا نأمل من المغرب العودة إلى جادة الصواب والالتزامات التي اتخذناها معا أمام المجتمع الدولي عام 1991 وعام 1997، قبل أن يعتمدها مجلس الأمن الدولي».

وقال إن الهدف من تلك الالتزامات تمكين الصحراويين من ممارسة حقه الثابت في تقرير المصير، عبر استفتاء تنظمه الأمم المتحدة بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي.

وكان محمد عبد العزيز، الأمين العام للبوليساريو، قال قبل بدء مفاوضات نيويورك إن جدول الأعمال الذي قدمه الأمين العام الأممي والخاص للجولة الثامنة كان «مهما»، وعبر وقتها عن «تفاؤله» بما ستسفر عنه الجولة الجديدة من المفاوضات، بيد أن عبد العزيز قال كذلك في تصريحاته إن الجولة ستبحث مسألة «الناخبين في منظور تنظيم الاستفتاء»، وهي مسألة لم يتطرق إليها كريستوفر روس.

يشار إلى أن مفاوضات مانهاست جرت في جلسات مغلقة بحضور ممثلي الجزائر وموريتانيا. وكان الوفد المغربي يتكون من الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام لجهاز المخابرات الخارجية، وماء العينين خليهنا ماء العينين، الأمين العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (هيئة حكومية)، في حين ترأس وفد البوليساريو خطري أدوه، رئيس المجلس الوطني (برلمان)، ومحمد خداد، المنسق مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء (مينورسو)، وممثل البوليساريو بالأمم المتحدة، أحمد بوخاري.