خطة دولية لتشكيل سلطة مؤقتة في ليبيا من المعارضة وأنصار النظام.. دون دور للقذافي

جوبيه في لندن الاثنين لتنسيق المواقف.. وتضارب مع مقترحات الخطيب .. والثوار يخططون لمؤتمر ما بعد الزعيم

TT

في حين تنشط الاتصالات الدبلوماسية واللقاءات لإيجاد مخرج للحرب الدائرة في ليبيا منذ خمسة أشهر، تسعى باريس ولندن لتنسيق مواقفهما من الأفكار المتداولة خصوصا بعد تكاثر مبعوثي نظام العقيد القذافي إلى الخارج وآخرهم كان وزير خارجيته الذي أرسله إلى موسكو هذا الأسبوع.

وفي هذا السياق، يزور وزير الخارجية ألان جوبيه لندن الاثنين القادم للقاء نظيره وليم هيغ. وبحسب الخارجية والفرنسية، فإن الموضوع الليبي سيهمن على محادثات جوبيه في العاصمة البريطانية.

ويأخذ الموقف الفرنسي - البريطاني طابعا مهما بالنظر للدور الأساسي الذي تلعبه هاتان العاصمتان من اندلاع الأزمة الليبية. وتشكل فرنسا وبريطانيا، ميدانيا، عصب التحالف العسكري. ويقوم طيرانهما بنحو 60 في المائة من الطلعات العسكرية فوق ليبيا كما أنهما يمثلان الموقف الأكثر تشددا إزاء نظام العقيد القذافي الذي تدعوان إلى رحيله عن السلطة كشرط لوقف النار والسير بالتالي في الحل السياسي.

وكان الوزير جوبيه قد أطلق بداية هذا الأسبوع ما يمكن تسميته «خريطة طريق» للخروج من الحرب الليبية يقوم بداية على إعلان القذافي تخليه عن السلطة السياسية والعسكرية يعقبه وقف لإطلاق النار ثم الدعوة إلى مؤتمر وطني تتمثل فيه كل مكونات الشعب الليبي ومناطقه وانبثاق سلطة مؤقتة تحضر لانتخابات عامة. وجاء جوبيه بأمرين جديدين: الأول، قبول بقاء القذافي في ليبيا شرط ابتعاده عن السياسة والثاني ترك مصير مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية للمحادثات اللاحقة.

وينتظر أن يبحث جوبيه هذه المواضيع يوم الأربعاء القادم مع أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي يقوم بأول زيارة إلى باريس منذ تسلمه منصبه الجديد. ويأتي التنسيق الفرنسي - البريطاني في مرحلة بدأت تظهر فيها ملامح خطة سلام يعدها المبعوث الدولي عبد الإله الخطيب وكشفت بعض تفاصيلها أمس.

وتختلف خطة الخطيب عن الأفكار الفرنسية حول نقطة أساسية إذ إنها لا تجعل من تخلي القذافي عن السلطة شرطا مسبقا كما تريد ذلك باريس، ومعها المجلس الوطني المؤقت. وعبر جوبيه عن ذلك بصراحة متناهية حينما أكد أن المطلوب هو «إعلان واضح» من القذافي حول تخليه عن السلطة من أجل إطلاق المسار السياسي. والحال أن خطة الخطيب التي تدعو إلى إعلان وقف النار ثم تشكيل سلطة مؤقتة من المعارضين وأنصار نظام القذافي تتولى الإشراف على كافة القطاعات المسلحة وتعيين رئيس مرحلي وتحقيق المصالحة الوطنية والقيام بانتخاب جمعية تأسيسية. ولا تلحظ الخطة أي دور للقذافي لكنها لا تنص صراحة على رحيله الذي تعتبره سيكون نتيجة للخطة وليس شرطا مسبقا للسير بها.

من هذا المنطلق، ثمة تعارض رئيسي بين ما تقترحه فرنسا، مدعومة من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وبين ما يطرحه المبعوث الأممي.

وأمس، نوه الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو بالدور الذي يقوم به عبد الإله الخطيب الذي وصفه بأنه «لولب» الاتصالات مع كافة الجوانب داعيا ليكون الجهة التي يتم معها التعاطي في موضوع مقترحات الحل بعد تكاثر المرسلين والمبعوثين وادعاء هذا الطرف أو ذاك بأنه «يمثل» القذافي.

وتعتبر المصادر الفرنسية أن تغير الوضع ميدانيا يدفع أعمد نظام القذافي للبحث عن مخرج باعتبار أن تحقيق الانتصار في هذه الحرب يبدو بالغ الصعوبة بسبب اختلال ميزان القوى لصالح التحالف والثوار والخسائر الميدانية التي منيت بها كتائب القذافي. ولذا تعتبر المصادر الفرنسية أن نظام القذافي يحاول الوصول إلى «تسوية معقولة» قبل أن يزيد التدهور الميداني ومعه تتدهور شروط التفاوض.

وبالمقابل، فإن أطراف التحالف تريد الانتهاء من هذه الحرب التي تعتبر أنها طالت «أكثر مما يلزم». ورغم اعتبار وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه أن «بداية النهاية» لنظام القذافي قد اقتربت. فإن الأوساط العسكرية تعتبر أن دحر الكتائب الموالية للقذافي والدخول إلى طرابلس سيأخذ وقتا طويلا وسيوقع خسائر بشرية كبيرة فضلا عن كلفته الباهظة. ولذا، فإن للطرفين مصلحة في التوصل إلى حل اليوم شرط حل عقدة القذافي.

ورغم ذلك، لا يبدو أن الحل العتيد قريب جدا رغم تسريب معلومات عن استعداد القذافي للتخلي عن السلطة مقابل شروط وضمانات تشمل أمنه الشخصي وأمن عائلته وخصوصا مصير مذكرة التوقيف الصادرة بحقه وحق ابنه.

وحتى الآن، يدلي المبعوثون من قبل القذافي بأحاديث متناقضة بحيث ما يقال داخل الغرف المغلقة يختلف تماما عما يقال خارجها. وآخر دليل على ذلك ما أعلنه وزير خارجية ليبيا عبد العاطي العبيدي الذي أكد أن رحيل القذافي «ليس موضع مناقشة» بينما هو في الواقع الموضع الرئيسي.

وأكد مصدر دبلوماسي روسي، أمس، أن مسالة تنحي العقيد الليبي قد طرحت «بشكل عملي» خلال زيارة العبيدي هذا الأسبوع إلى موسكو. وقال المصدر لوكالة إنترفاكس إنه «جرت مناقشة موضوع تنحي القذافي عن السلطة خلال هذا اللقاء، وقد جرى بحثه بطريقة عملية جدا»، وتابع أن المسالة طرحت «بما في ذلك على ضوء الاتصالات التي سبق أن أجراها ممثلون عن طرابلس مع الأميركيين والفرنسيين».

وكان العبيدي أعلن الأربعاء الماضي على أثر محادثات أجراها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن تنحي القذافي عن السلطة «غير مطروح للنقاش».

إلى ذلك، قال الثوار الليبيون في بنغازي أمس إنهم يخططون لعقد مؤتمر «حوار وطني» لتشكيل مستقبل ليبيا ما بعد القذافي، وأضافوا أن المؤتمر الذي سيعقد في بنغازي سيحضره قرابة 350 سياسيا ومثقفا ورجل أعمال من داخل وخارج ليبيا. وأفاد بيان المنظمون بأنه تم تحديد يوم 28 يوليو (تموز) الجاري لعقد المؤتمر الذي سيناقش آفاق القيام بعملية «انتقال سلس من الثورة إلى إقامة دولة مستقلة ومستقرة» في ليبيا، حسبما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.