مهلة تقرير بقاء أو جلاء القوات الأميركية تنتهي اليوم في غياب اتفاق عراقي

نواب يضغطون على المالكي لتجاوز البرلمان إذا كان التمديد لمهام تدريبية

عراقية تحمل لافتة ضد الوجود الأميركي خلال مظاهرة في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

بدو أن الزعماء السياسيين في العراق لن يلتزموا بالمهلة التي حددت لتقرير ما إذا كانوا سيطلبون من القوات الأميركية البقاء في العراق بعد شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفقا لمسؤولين عراقيين وأميركيين على دراية بالمفاوضات.

وقد أعطى الرئيس العراقي جلال طالباني مهلة لرئيس الوزراء نوري المالكي وغيره من الزعماء، تنتهي اليوم، للتوصل إلى اتفاق بشأن استمرار وجود القوات الأميركية في العراق، ولكن لا يزال المالكي ومنافسوه الذين يعانون من نزاعات سياسية داخلية أخرى منقسمين حول هذه المسألة، بما في ذلك كيفية تقديم طلب رسمي إلى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتمديد بقاء القوات الأميركية.

ولا يزال الزعماء العراقيون في مأزق، ورغم تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الأسبوع الماضي بأنه ينبغي على القادة العراقيين «اتخاذ قرار»، يقول معظم المسؤولين الأميركيين إنهم لا يتوقعون تلقي طلب رسمي من العراقيين حتى شهر سبتمبر (أيلول)، مما يعني أن ما يقرب من 46000 جندي أميركي سوف ينسحبون من العراق بحلول الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر المقبل. بل إن مسؤولا عسكريا كبيرا استبعد أخيرا أن يأتي الطلب العراقي قبل مارس (آذار).

وفي مقابلة معه الأسبوع الماضي، قال الجنرال جيفري بوكانان، المتحدث الرسمي باسم القوات الأميركية في العراق «كلما تأخر تلقي الطلب، كان من الصعب الاستجابة له»، وأضاف أنه إذا تم تقديم طلب في شهر مارس فإن الولايات المتحدة «ملتزمة بشراكة دائمة مع العراق»، ولكنه أضاف أن طلب المساعدة الآن سيكون أكثر جدوى بالنسبة للعراقيين «لأننا لدينا قوات وبنية تحتية هنا».

ومنذ إعلان الرئيس باراك أوباما الرسمي عن بدء عملية «الفجر الجديد» في سبتمبر الماضي، تحول الجيش الأميركي من المهام القتالية إلى تدريب القوات العراقية وإجراء عمليات مشتركة لمكافحة الإرهاب وتوفير الأمن للدبلوماسيين الأميركيين. وسوف تكون مسؤولية أمن المدنيين الأميركيين من اختصاص شركات الأمن الخاصة ابتداء من العام المقبل، ولكن المالكي وغيره من المسؤولين قد أشاروا إلى أن التدريب والدفاع الجوي وعمليات الدوريات الحدودية يمكن أن تكون جزءا من اتفاق أمني جديد.

وقال بانيتا وغيره من المسؤولين البارزين إن الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة مثل هذه العمليات، ولكن في حالة واحدة فقط وهي قيام العراق بتقديم طلب رسمي في هذا الشأن. وتشير التقديرات، التي نشرتها تقارير إخبارية في الآونة الأخيرة، إلى أن ما يتراوح بين 3000 و15000 جندي سوف يبقون في العراق في عام 2012. ويقول مسؤولون أميركيون إن أي اتفاق جديد يجب أن يشمل ضمانات توفر الحصانة القانونية للقوات الأميركية. ولكن مثل هذه الحماية القانونية غير ممكنة بالنسبة للكثير من الساسة العراقيين الذين يشعرون بالقلق من مد فترة وجود القوات الأميركية، كما أن المقاومة التي يبديها هؤلاء الساسة تؤدي إلى تعقيد محاولات المالكي لتأمين التصويت على هذه المسألة في البرلمان. ويبدو أن رئيس الوزراء - الذي يدير التحالف السياسي الهش الذي يعتمد على تأييد رجل الدين المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر - يأمل في أن يجبر التوصل إلى أي تصويت بنعم أو لا منافسيه على المشاركة في أي تداعيات سياسية محتملة.

وبدلا من ذلك، يضغط بعض نواب البرلمان العراقي الآن على المالكي لكي يتجاوز البرلمان عن طريق الحصول على توقيع وزارتي الدفاع والداخلية على اتفاقات جديدة مع الجيش الأميركي تسمح بمواصلة عمليات التدريب ومكافحة الإرهاب. وقال خالد الأسدي، وهو مشرع من ائتلاف المالكي «لسنا في حاجة إلى الذهاب إلى البرلمان لأنه يمكن القيام بذلك في إطار السلطات الحكومية». وأضاف أنه إذا كان الجيش العراقي يحتاج إلى ما هو أكثر من التدريب والمساعدة على حماية الحدود «فسنحتاج إلى الحصول على موافقة البرلمان وهو ما سيكون صعبا من وجهة نظري».

وقال مسؤولون أميركيون مطلعون إن هذا الاقتراح يعد أحد الخيارات التي يناقشها العراقيون، ولكنهم شددوا على أن أي اتفاق يجب أن ينص على توفير الحصانة القانونية للقوات الأميركية.

وهناك نواب عراقيون آخرون لن يناقشوا حتى مسألة تقديم طلب لمد فترة بقاء القوات الأميركية، لأنهم لا يريدون سوى أن يرحلوا. وقال رافع عبد الجبار نوشي، وهو مشرع صدري «نريد منهم أن يرحلوا عن البلاد في نهاية العام الحالي. تحاول الحكومة أن تجد ذرائع للسماح لهم بالبقاء تحت غطاء حماية السفارات أو كمدربين لقوات الأمن، ولكننا نرفض كل هذه الحجج».

ومن جانبه، قال خلف عبد الصمد، محافظ مدينة البصرة الجنوبية، إن أي وجود للقوات الأميركية في المستقبل يجب أن يركز فقط على حماية المجال الجوي للعراق والحدود العراقية. وقال عبد الصمد «إنني أريد الأميركيين في زي مدني وليس عسكريا»، وأضاف أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تركز جهودها على الاستثمار الاقتصادي وإعادة بناء المدارس. بعد مرور ثماني سنوات من الحرب «نود أن يفكر الأطفال في التعليم وليس العنف، ونريد مساعدة الأميركيين في ذلك».

*خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»