الشركات الخاصة تدخل سباق سياحة الفضاء

29 فريقا تتنافس على جائزة رصدتها «غوغل».. والتحدي الالتزام بموعد 2015

مهندسون يعملون على مشروع في جامعة كارنيغي مليون بولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ب)
TT

مع هبوط آخر مركبة فضاء قادمة من القمر على سطح الأرض، يبدي جيل جديد من أصحاب الأعمال الخاصة بمجال رحلات الفضاء، حماسا لإمكانية العودة إلى القمر مجددا.

مدفوعين بجائزة مالية قيمتها 30 مليون دولار مقدمة من «غوغل»، وقع 29 فريقا على دخول منافسة ليفوز أحدها بجائزة أول فريق تموله جهة خاصة يهبط على سطح القمر. وليس من المتوقع أن تتمكن غالبية هذه الفرق من التغلب على التحديات المالية والفنية للالتزام بالموعد النهائي المقرر أن يكون في ديسمبر (كانون الأول) 2015، غير أن الكثير من الفرق يرى أن أمامه فرصة جيدة لتحقيق الفوز، واحتلال موقع الصدارة في السباق المحموم من أجل تحقيق فائدة تجارية من رحلات الفضاء.

وعلى أقل تقدير، ربما تتجه مركبة فضاء غير مأهولة، إلى القمر خلال الأشهر القليلة المقبلة، انطلاقا من أهداف تتنوع ما بين أهداف عظيمة وأخرى بسيطة. قامت إحدى شركات منطقة سيليكون فالي، وتحمل اسم «مون إكسبريس»، بالإعلان عن نفسها كشركة شحن مستقبلية لتوصيل الطلبات إلى القمر: «فإذا كان لديك شيء ترغب في إرساله إلى هناك، سيسر الشركة أن تقوم بهذا العمل من أجلك».

وقد أقامت شركة «مون إكسبريس» حفلا مساء أول من أمس لعرض إمكانات الطيران التي تتمتع بها مركبتها الفضائية، المعتمدة على تكنولوجيا مرخصة من وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، ومن أجل «بدء الحقبة المقبلة من السباق التجاري من قبل الفرق الممولة من شركات خاصة للسفر إلى القمر»، بحسب ما جاء في نص دعوة الحفل.

وجاء في نص دعوة الحفل أنه «في المستقبل القريب، ستقوم مركبة الفضاء الخاصة بشركة (مون إكسبريس) بالتنقيب على سطح القمر بحثا عن موارد قيمة نحتاجها هنا على سطح الكرة الأرضية. وبعد مضي سنوات من الآن، سنتذكر جميعا أننا كنا هنا».

ويقول نافين جاين، أحد مليارديرات الإنترنت ومؤسس شركة «مون إكسبريس»، إن الشركة ستنفق مبلغا يتراوح ما بين 70 و100 مليون دولار سعيا إلى الفوز بجائزة «غوغل لونار إكس»، غير أنه يمكنها أن تعوض نفقات استثمارها في رحلتها الأولى. وهو يتخيل إمكانية بيع حقوق بث حصرية للقطات فيديو تم التقاطها من القمر، إلى جانب حقوق رعاية، للشركات من أجل وضع شعاراتها على مركبة الفضاء.

أو ربما يمكننا إنتاج أحد برامج «تلفزيون الواقع» عن المركبة الفضائية. «أليس من الممتع أن يكون لدينا (مون أيدول)، مثلما لدينا (أميركان أيدول)؟»، هذا ما اقترحه جاين، الذي أسس من قبل «إنفو سبيس» و«إنتيليوس». وأضاف: «أنت تأخذ أعلى 10 منافسين وتشغل أصواتهم على سطح القمر وتقوم بتسجيلها، ثم ترى من يبدو الأفضل».

لا يوجد هواء على القمر لنقل الموجات الصوتية، لكن «يمكنك أن تشغل الصوت من خلال الغبار وأن ترى ما يبدو عليه الصوت عند تشغيله». هكذا قال جاين. كان ما يريد قوله هو أنه من خلال السفر إلى القمر بتكلفة زهيدة، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن ينال إعجاب الناس.

وتعتزم شركة منافسة أخرى، هي «أستروبوتيك للتكنولوجيا»، بيع أماكن على متن مركبتها الفضائية لوكالات الفضاء والمؤسسات العلمية، التي ستدفع 820.000 دولار لكل رطل حمولة لإرسال تجاربها. وتعكف الشركة، التابعة لجامعة كارنيغي ميلون، على تصنيع مركبة فضاء ضخمة - أكبر بكثير من مركبة «مون إكسبريس» - التي من المنتظر أن تكون لديها القدرة على حمل 240 طنا حمولة (بعبارة أخرى، حمولة يدفع عليها 200 مليون دولار)، وتأمل أن تكون جاهزة للإطلاق في ديسمبر (كانون الأول) 2013.

«يمكننا تحقيق أرباح طائلة حتى لو لم نفز بالجائزة»، هذا ما قاله ديفيد غامب، رئيس شركة «أستروبوتيك»، التي تتخذ من بيتسبرغ مقرا لها. وأضاف: «سنحقق أرباحا ضخمة من الرحلة الأولى. بالأساس، سنحقق ربحا من بيع ثلث صافي الحمولة المدفوع عليها أجر».

وربما تلحق الهزيمة بالمتنافسين على جائزة «إكس» بسبب المركبات الفضائية وسفن القرصنة التي تخطط الصين وروسيا والهند لإرسالها خلال العامين المقبلين. غير أنها تميل بدرجة أكبر إلى شكل المجسات العلمية التقليدية التي تصنعها الحكومة.

وبينما كانت وكالة الفضاء «ناسا» ترغب في إرسال رواد فضاء إلى القمر مجددا، تم إلغاء برنامجها في العام الماضي، نتيجة تخفيضات الميزانية وتغيير الأولويات. لكنها قد منحت مبلغا قيمته 500.000 دولار لكل من «مون إكسبريس» و«أستروبوتيك»، وشركة منافسة ثالثة وهي «روكيت سيتي سبيس بيونيرز»، وستسهم هذه الدفعات الأولى من مبلغ تصل قيمته إلى 30 مليون دولار في الجهود المبذولة للفوز بجائزة «غوغل لونار إكس».

وقال جورج إكسينوفوس، مدير برنامج بيانات عروض المركبات الفضائية المبتكرة، إنه توقع أن يتمكن فريق واحد أو أكثر من الانطلاق إلى القمر. وقال: «ليست المشكلات الفنية بالطبع هي التي تمنعهم من تحقيق هذا الحلم».

بيد أن أهداف المتنافسين لا تواجه عقبات قانونية. فاتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967، التي صدقت عليها 100 دولة، تمنع الدول من فرض سيادتها على أي جزء من القمر، لكنها لا تمنع الشركات الخاصة من إنشاء مختبرات خاصة بها. أما عن التنقيب على سطح القمر، فهو نشاط يمكن أن تنطبق عليه القواعد القانونية نفسها التي تنطبق على الصيد في المياه الدولية.

وعلى الرغم من أن بعض سفن الفضاء المدارية قد هبط على سطح القمر خلال السنوات الأخيرة، فإنه قد مر 35 عاما قبل أن تتمكن أي مركبة من الهبوط بأمان على سطح القمر. وبالنسبة للبعض، ربما تبدو هذه دعوة متأخرة.

«ربما تكون هذه أكبر فرصة لتكوين ثروة طائلة في التاريخ الحديث»، هكذا تحدث بارني بيل، عالم كومبيوتر سابق بوكالة الفضاء «ناسا» الذي تحول إلى رجل أعمال وشريك مؤسس الآن في شركة «مون إكسبريس». وفي الوقت الذي ربما تتمكن فيه شركة «مون إكسبريس» من البدء في جمع أموال من إرسال حمولات صغيرة، فبوسعها تحقيق ثروات طائلة بجلب البلاتين وغيره من المعادن الأخرى النادرة، هذا ما قاله بيل.

وقال بيل: «على المدى الطويل، تبدو السوق ضخمة دون أدنى شك. ليس هناك أي خلاف حول فكرة إطلاق سفن الفضاء، إنما الأمر متعلق بمن سيقوم بهذا العمل ومتى. ونأمل أن نكون نحن من يقوم به في القريب العاجل».

وعلى غرار جوائز الطيران التي ظهرت مع بداية ظهور تكنولوجيا الطيران منذ قرن مضى، تهدف جائزة «غوغل لونار إكس» لحشد خبراء التكنولوجيا وأصحاب الأعمال. وتدير هذه الجائزة مؤسسة «إكس برايز»، التي منحت 10 ملايين دولار في عام 2004 لأول فريق خاص ينشئ مركبة فضاء يمكنها أن تحمل أفرادا لمسافة 60 ميلا أعلى سطح الأرض. (يذكر أن المركبة الفائزة «سبيس شيب وان» قد أنشأها المصمم بيرت روتان بدعم من بول ألين، خبير البرمجيات).