مصر: الكنيسة تعلق عمل «المجلس الإكليريكي» لحين التحقيق في «موقعة الكلب»

بعد تظاهر عدد من المسيحيين ضده لرفضه إعطاءهم تصاريح الطلاق

TT

قررت الكنيسة الأرثوذكسية بمصر تعليق عمل المجلس الإكليريكي العام للأحوال الشخصية لحين التحقيق في واقعة الاعتداء على مسيحيين تظاهروا أمام الكنيسة الأسبوع الماضي التي عرفت باسم «موقعة الكلب» لمطالبة المجلس بالسماح لهم بالطلاق والزواج مرة ثانية.

وقالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط» «قرار تعليق عمل المجلس أصدره الأنبا بولا رئيس المجلس بعد المظاهرات التي شهدتها الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) الأسبوع الماضي»، نافية علمها بأن يكون قرار الأنبا بولا بناء على تعليمات من البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر. وأضافت المصادر أن التحقيق سيكون سريا بواسطة عدد من الأساقفة سيحددهم البابا شنودة بنفسه، متوقعة أن يتم ذلك خلال الأسبوع المقبل.

من جانبه، اعتبر المحامي المسيحي نجيب جبرائيل، أحد المستشارين القانونيين للكنيسة، أن عمل المجلس الإكليريكي يشوبه بعض القصور، وقال لـ«الشرق الأوسط» «إن الأنبا بولا رئيس المجلس هو في الوقت نفسه أسقف طنطا وتوابعها أي إنه يباشر العملين في وقت واحد رغم كبر حجم مسؤوليات كل منصب».

وأضاف «المجلس الإكليريكي مسؤول عن إعطاء تصاريح بالزواج في كل أنحاء مصر وللمسيحيين المغتربين في العالم كله وهذا العدد نقدره بنحو 18 مليون مسيحي، فإذا كان 1 في المائة فقط من هذا العدد لديه مشاكل في الأحوال الشخصية فإن هذا المجلس سيواجه سنويا نحو 180 ألف مشكلة، والمجلس الإكليريكي ينعقد مرتين فقط في الأسبوع يحضر إحداها الأنبا بولا، بالإضافة إلى عدم عقد المجلس في أيام الأعياد المسيحية، كما يسافر الأنبا بولا في رحلات رعوية كثيرة خارج مصر، فتقريبا هو يحضر 24 اجتماعا للمجلس على مدار العام فهل تكفي لحل كل هذا العدد من المشاكل، خاصة أنه مطالب بفحص كل حالة بنفسه قبل إصدار القرار».

وطالب البابا شنودة بإصدار قرار بتعيين 4 أساقفة متفرغين لعمل المجلس الإكليريكي، والاستعانة في تشكيل المجلس بعدد من المدنيين المتخصصين في الأحوال الشخصية لمعاونة الأساقفة بالإضافة إلى أخصائيين نفسيين واجتماعيين وأطباء.

وقال «أدعو لعقد المجالس الإكليريكية ثلاث مرات أسبوعيا أسوة بقضاة المحاكم بالإضافة إلى التوافق على المبادئ العامة والإرشادية وقواعد حل مشاكل الأحوال الشخصية خاصة في حالات إعطاء تصاريح الزواج.

وكان عشرات المسيحيين قد تظاهروا الأسبوع الماضي أمام الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) بالعباسية (شرق القاهرة)، في سابقة هي الأولى من نوعها، خلال انعقاد جلسة المجلس الإكليريكي برئاسة الأنبا بولا بسبب رفض المجلس السماح لهم بالطلاق. ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين وأمن الكنيسة الذي أطلق كلاب الحراسة على المتظاهرين الذين أصيب بعضهم بإصابات بسيطة.

وطالب المتظاهرون بعزل الأنبا بولا المسؤول عن ملف الأحوال الشخصية بالمجلس ودعوا الكنيسة لإعادة العمل بلائحة الأحوال الشخصية لعام 1938 التي تسمح بالطلاق والسماح بالزواج المدني بشكل أيسر مما عليه الوضع الآن.

وردت الكنيسة على تلك المظاهرة ببيان أكدت فيه أنها لم ولن تخرج عن القواعد التشريعية والدينية تحت أي ظرف من الظروف أو ممارسة ضغوط عليها للخروج على هذه التشريعات الكنسية المستقرة منذ قرون، مؤكدة أن المجلس الإكليريكي ليس جهة تشريع ولكن جهة تنفيذ قوانين تحكمها وصايا الكتاب المقدس.

ويطالب المتظاهرون بعودة العمل بلائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين عام 1938 في عهد البابا الراحل كيرلس السادس التي تسمح بالطلاق لتسعة أسباب هي الغياب، الجنون أو المرض المعدي، الاعتداء الجسدي، إساءة السلوك والانغماس في الرذيلة، إساءة العشرة والنفور، ترهبن أحد الزوجين، الزنا، الفرقة، تغيير الدين، بينما تنص اللائحة المعمول بها حاليا والتي وضعت عام 2008 على سبب واحد للطلاق هو الزنا استنادا لآية الإنجيل التي تقول «من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني» (متى 19: 9)، ونصت اللائحة أيضا على أن كل المسيحيين الذين حصلوا على أحكام بالطلاق قبل تاريخ صدور هذه اللائحة عليهم رفع قضايا جديدة أمام القضاء وفقا لأحكام هذه اللائحة.

وتسببت مشكلة الزواج والطلاق في المسيحية في عدد من المشاكل الطائفية في الفترة الأخيرة بسبب تحول أي من الزوجين إلى الإسلام للحصول على الطلاق. وكان آخر تلك المشاكل أحداث إمبابة الطائفية التي اندلعت بسبب سيدة تدعى عبير فخري تحولت إلى الإسلام.