صراع وثائق في مصر.. والأحزاب الدينية ترفض إصدار «المبادئ الحاكمة للدستور»

وسط جدل بين القوى السياسية بشأن قانون مجلسي الشعب والشورى

TT

صراع وثائق تشهده الساحة السياسية في مصر، فبينما كثفت القوى السياسية الإسلامية في مصر من حملاتها المناهضة لإصدار وثيقة مبادئ حاكمة للدستور الجديد، تدعو لها القوى السياسية الليبرالية، بتشجيع من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تشهد البلاد جدلا جديدا حول قانون مجلسي الشعب والشورى الذي أصدره المجلس العسكري قبل يومين، فبينما اعتبره الكثير من الأحزاب والقوى السياسية، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، لا يعبر عن التوافق الوطني وأنه يتيح لـ «فلول» الحزب الوطني العودة مرة أخرى للحياة السياسية، قالت قوى ليبرالية إن القانون جاء في صالح التيارات الدينية على حساب القوى المدنية الأخرى.

وأعلن المجلس العسكري تأجيل الاقتراع على الانتخابات البرلمانية لما بعد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وأوضح أن انتخابات مجلسي الشعب والشورى سيتم إجراؤها في وقت واحد على ثلاث مراحل، مع الإبقاء على نسبة الـ50 في المائة عمال وفلاحين وتخفيض سن الترشح للانتخابات إلى 25 عاما. كما قرر أن تكون الانتخابات مناصفة بين نظامي القائمة النسبية والفردي.

وقال حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمون)، إن بعض بنود القانون، خاصة آلية الانتخاب لا تتفق مع رأي التحالف الديمقراطي من أجل مصر، ولا تحقق السبيل الأمثل لتحقيق الديمقراطية. لكن الحزب أكد في بيان له، وجود العديد من الجوانب الإيجابية في القانون مثل تخفيض سن الترشح.

وأكد عماد عبد الغفار، القيادي بحزب النور (السلفي)، أن القانون صدر بالمخالفة لما أجمعت عليه القوى السياسية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلس العسكري تجاهل آراء الأحزاب وأصدر القانون دون مناقشة أحد، لكننا سنتعامل مع الأمر الواقع». وقال طلعت مرزوق العضو بالحزب، إن نسبة 50 في المائة من نظام الانتخابات بالنظام الفردي سيسمح بنجاح العديد من رموز النظام السابق بسبب سطوة المال أو العصبيات.

وكان التحالف الديمقراطي، الذي يضم 28 حزبا بقيادة حزبي الإخوان والوفد، قدم مشروعا للمجلس العسكري يقضي بأن تكون الانتخابات بالقائمة النسبية المغلقة غير المشروطة فقط، لمنع عناصر النظام السابق وأصحاب رؤوس الأموال من التأثير على إرادة الناخبين والتسرب للبرلمان الجديد. وقال د.السيد البدوي رئيس حزب الوفد، إن القانون يعد مخيبا للآمال، وأنه سيفتح بابا واسعا لـ«فلول الوطني» للترشح مرة أخرى.

كما رفض اتحاد شباب الثورة القانون، وقال عمرو حامد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، إن القانون يعد مخالفا لأهداف الثورة ومطالبها، وأن نسبة الـ 50 في المائة في القوائم المغلقة ستعطي الفرصة لجماعة الإخوان المسلمين الأكثر جاهزية لخوض الانتخابات للاستحواذ عليها. وقال حمادة الكاشف، عضو الاتحاد، إنه كان مهما أن ينص القانون على بند يحظر استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات، ووجود حد أقصى للإنفاق على الحملات الانتخابية.

وأكد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن جماعة الإخوان هم المستفيدون الوحيدون من القانون الجديد، مضيفا في حوار تلفزيوني أول من أمس، «القانون لم يحدد شرطا جزائيا للإنفاق وكذلك استخدام الدعاية الدينية».

فيما أبدى عمرو موسى المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية، تحفظه لاستمرار نسبة 50 في المائة عمالا وفلاحين، وقال «الممارسة أثبتت أنها لم تكن مطبقة بطريقة سليمة».

من جهة أخرى، كثفت القوى السياسية الإسلامية من حملاتها ضد دعوات البعض لإصدار وثيقة تتعلق بمبادئ حاكمة للدستور، ودعا «ائتلاف القوى الإسلامية»، إلى الخروج الجمعة المقبلة في مظاهرة مليونية، وذلك بعد إعلان للمجلس العسكري، قال فيه إنه «بصدد الإعلان عن وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد، وإصدارها في إعلان دستوري بعد اتفاق القوى والأحزاب السياسية عليها».

واختار المجلس د. أسامة الغزالي حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطي، لجمع الوثائق المعلنة من القوى السياسية، بمشاركة اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس. إلا أنه تراجع عن تكليف حرب بسبب الخلافات بين القوى السياسية وقرر الاقتصار على جمع الوثائق لإعادة النظر فيها.

وأعلنت جماعة الإخوان أنها تدرس القيام بمظاهرات مليونية الجمعة المقبلة، لما سمته «العدوان على سيادة الشعب، ومحاولة اغتصاب حقوقه من قبل عدد قليل ممن لا يحترمون إرادته».

وقال الأمين العام للجماعة الدكتور محمود حسين، إن سبب الدعوة للمظاهرات يرجع إلى محاولات عدد من المجموعات للالتفاف على إرادة الشعب، وشدد على تمسك الجماعة بالاستفتاء الشعبي الذي تم في شهر مارس (آذار) الماضي، وأسفر عن خارطة طريق وجدول زمني لإجراءات نقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة من الشعب.

من جهته، أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أن أولوية الانتخابات في مصر أم صياغة الدستور أولا أمر يقرره المصريون، وأضاف فيلتمان لـ«قناة الحرة» أمس، «لا يمكننا تحديد الترتيب الزمني للانتخابات في العملية السياسية المصرية، الشعب يريد حكومة متجاوبة تخضع للمحاسبة وتحاول خلق فرص عمل، والطريق المؤدي إلى ذلك هو الانتخابات الديمقراطية، ومصر تسير في هذا الاتجاه، لكن كيفية الوصول إلى هذا الهدف أمر يعود للمصريين».