اليمن: جمعة لـ«رفض العقاب الجماعي» وأخرى لـ«التمسك بحبل الله»

قتلى وجرحى في أبين وتعز.. واعتراض قافلة أسلحة لـ«القاعدة» في الجنوب

TT

خرج آلاف اليمنيين أمس في شارع الستين في العاصمة صنعاء لتأدية صلاة الجمعة التي أطلقوا عليها جمعة «رفض العقاب الجماعي». وقد استنكر شباب الثورة ممارسة «وفرض العقاب الجماعي على أبناء الشعب اليمني والذي يتمثل في قطع الكهرباء والديزل والبترول والماء وانعدام الأمن وارتفاع أسعار المواد الغذائية ورفع أسعار المواصلات التي تعرقل وصول الثوار إلى الساحات».

وقد انتقد الشيخ عبد الرقيب عباد، خطيب الجمعة «من يمارس العقاب الجماعي على الشعب اليمني، والذي نتجت عنه وفاة العشرات من الناس خاصة المرضى في المستشفيات والأطفال، وأشار إلى أن النظام عجز أمام الثورة السلمية واستخدم كل وسائل الإرهاب والتخويف خلال مرحلة الثورة، ونتج عن ذلك سقوط المئات من القتلى وإحراق المعاقين في تعز واعتقال عدد من الشباب في الساحات». وأضاف أن «النظام يعاقبنا لأننا أحرار لا نريد أن نكون بهائم. النظام يعاقب الشعب من أجل أن يركع له، ونؤكد أن الشعب اليمني حر يرفض الظلم والاستبداد».

وبعد أداء صلاة الجمعة صلى الثوار صلاة الجنازة على أربعة ممن سقطوا في أرحب جراء القصف الذي تعرضوا له من قبل الحرس الجمهوري من معسكر الصمع. وفي تعز، خرج الآلاف للتنديد بـ«العقاب الجماعي ضد الشعب»، ولتأييد المجلس الانتقالي. وقارن خطيب جمعة ساحة الحرية بتعز بين ثورتي مصر وتونس من جهة والثورة اليمنية من جهة أخرى، وقال «إنه لم يمارس ضدهم (المصريين والتونسيين) عقاب جماعي كما يمارس ضد أبناء الشعب اليمني»، وأرجع السبب في ذلك إلى أنه «في مصر وتونس دولة مؤسسات وطنية تقوم بواجبها ودورها، أما اليمن فلا وجود فيه لدولة المؤسسات التي تقوم بواجبها قانونا وشرعا».

وفي المقابل، أدى آلاف من أنصار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمس صلاة «جمعة الاعتصام بحبل الله» في ميدان السبعين. وفي خطبتي صلاة الجمعة بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، حث الخطيب الشيخ كمال باهرمز كل أبناء اليمن على التقوى والاعتصام بحبل الله عملا بقوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا». وتابع خطيب جمعة الاعتصام بحبل الله حسبما أوردت صحيفة «26 سبتمبر» الرسمية «نحمد الله عز وجل على ما أصابنا من البلاء، ونحمده على ما يصيبنا من فرج بإذنه سبحانه وتعالى». وحمد الخطيب الله سبحانه وتعالى على «سلامة رئيس الجمهورية حفظه الله وسدد على طريق الخير خطاه الذي تعرض ومعه كبار رجال الدولة لمحاولة اغتيال في أول جمعة من شهر رجب الحرام في بيت من بيوت الله، حيث لم يراعوا حرمة بيت الله ولا يوم الجمعة ولا الشهر الحرام». ولفت خطيب الجمعة إلى ما تضمنته كلمة رئيس الجمهورية في السابع عشر من يوليو (تموز) الحالي بمناسبة ذكرى توليه قيادة الوطن ودعوته بعد كل ما جرى له إلى الحوار وإصراره على الحوار باعتباره المخرج الحقيقي من الأزمة. وقال الخطيب «حقيقة، إن الحوار هو الطريق الصحيح للخروج بالوطن من الأزمة التي يعاني منها». وأضاف «لو لم يكن هناك حوار فإن الدمار سيحل بدلا عنه والعياذ بالله، وقد ظهرت آثار الدمار في بعض المحافظات، وسمعتم أن محافظة أبين المنكوبة هُدم الكثير من بيوتها وبعض مساجدها، وقتل فيها الكثير من الناس بل العشرات والمئات سواء من الجيش أو من (القاعدة) أو المواطنين الذين لا ذنب لهم، لكنها الفتنة والبلاء الذي عم الجميع، وتشردت آلاف الأسر عن أوطانها التي ترعرعت فيها بسبب هذه الفتنة».

وفي موضوع التطورات الأمنية، ذكرت وكالة «رويترز» نقلا عن مصدر قبلي أن رجالا من القبائل يقاتلون إلى جانب الجيش اليمني أوقفوا الجمعة قافلة لعناصر مسلحة كانت متجهة إلى مدينة زنجبار في جنوب البلاد حيث تشتبك القوات الحكومية مع مسلحين إسلاميين بغية طردهم من هناك. وقال المصدر إن أحد المسلحين لقي مصرعه وجرى اعتقال نحو عشرة آخرين أثناء اعتراض رجال القبائل للقافلة في بلدة مودية بمحافظة أبين على الساحل الجنوبي لليمن. وقال المصدر إن رجال القبائل أمنوا الطريق الرابط بين محافظة شبوة ومنطقة شقرة في أبين والمؤدي إلى زنجبار. وذكر مسؤول محلي في زنجبار عاصمة محافظة أبين أن الاشتباكات مستمرة في المدينة بين الجيش والمسلحين، وأن الجيش استعاد السيطرة على ملعب رياضي خارج المدينة.

وكانت مصادر أمنية أفادت هذا الأسبوع بأن قوات الأمن قتلت اثنين من قادة «القاعدة» خلال هجوم في أبين أثناء محاولتها استعادة السيطرة على مناطق يسيطر عليها «إسلاميون متشددون». وشككت جماعات معارضة ومحللون أمنيون في تلك الرواية، وقالوا إن قوات الحكومة تريد أن تظهر أن لها اليد العليا في أبين. في هذه الأثناء قتل جنديان وأصيب أربعة آخرون بجروح في مواجهات مع «القاعدة» عند مدخل مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين الجنوبية، بينما قتل عنصر من التنظيم وأصيب آخر برصاص مسلحين قبليين موالين للجيش في المحافظة نفسها، حسبما أفادت مصادر طبية وعسكرية وقبلية أمس الجمعة. وأكد مصدر عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية «مقتل جنديين وإصابة أربعة في اشتباكات دارت عند مدخل زنجبار ليلة الخميس بين الجيش ومقاتلي (القاعدة)»، وأكدت مصادر طبية هذه الحصيلة. وذكرت مصادر عسكرية أن اشتباكات متقطعة تسجل منذ الخميس وحتى الجمعة، فيما يحاول الجيش الدخول إلى زنجبار التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة منذ نهاية مايو (أيار).

من جهتها، أكدت مصادر قبلية لوكالة الأنباء الفرنسية مقتل أحد عناصر «القاعدة» وإصابة آخر بجروح بالغة، وذلك بينما كان المسلحان يحاولان الدخول بالقوة إلى مدينة مودية (80 كم شرق زنجبار). وبحسب المصادر، استهدف المسلحان بالرصاص بعد أن رفضا التوقف عند مركز تفتيش للمسلحين القبليين المناهضين لـ«القاعدة» والموالين للجيش والذي ينتشرون لمنع التنظيم المتطرف من الانتشار في مناطقهم. وفي تعز إلى الجنوب من صنعاء، قتلت طفلة وأصيب اثنان بجروح أمس الجمعة في انفجار قذيفة سقطت على منزل عائلتهم، وذلك بحسب شهود عيان أشاروا أيضا إلى أن القذيفة أطلقتها قوات من الحرس الجمهوري.

وقال الشهود لوكالة الأنباء الفرنسية إن الطفلة قتلت وأصيب شقيقاها إثر سقوط قذيفة مدفعية على منزل العائلة بالقرب من الكامب الروسي في تعز خلال فترة بعد الظهر. وأكد الشهود أن القذيفة أطلقت من موقع للحرس الجمهوري فيما كانت المدينة تعيش فترة من الهدوء بعد صلاة الجمعة. وتشهد تعز منذ أسابيع مواجهات بين قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ومسلحين قبليين مناهضين للنظام. وشهدت عدة مدن أمس الجمعة مظاهرات مناهضة لصالح تحت عنوان «جمعة رفض العقاب الجماعي»، فيما تظاهر أنصار صالح في صنعاء تحت شعار «جمعة الاعتصام بحبل الله»، ولم تسجل أي حوادث. ويعاني اليمن من موجة من المظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في وقت يسيطر فيه من تصفهم الحكومة بأنهم إسلاميون متشددون على عدد من المناطق في محافظة أبين، مما أثار مخاوف في الغرب من استغلال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومقره اليمن، فراغا أمنيا تشكل خلال أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وغياب الرئيس علي عبد الله صالح عن البلاد حيث يعالج في العاصمة السعودية الرياض من إصابات تعرض لها خلال محاولة لاغتياله.