النظام السوري يجند «الشبيحة» من موظفي الدولة وعمال النظافة لمساعدته على قمع المتظاهرين

ناشطون حقوقيون يحذرون من تداعيات هذا النهج.. ومن التأسيس لحرب أهلية

TT

لم تعد أعداد من يسمون بـ«الشبيحة» تكفي النظام السوري لقمع المظاهرات التي تعم أرجاء سوريا منذ منتصف شهر مارس (آذار) الماضي مطالبة بإسقاط النظام وبالحرية والديمقراطية، فعمد من خلال أجهزته الأمنية إلى تجنيد موظفين وطلاب جامعات وعمال نظافة للقيام بهذه المهمة، وفق ما يؤكده شهود عيان لـ«الشرق الأوسط».

ويعرب حسام، وهو شاب يسكن في قلب العاصمة السورية، دمشق، عن دهشته لرؤية اثنين من أصدقائه يلتقي بهما في ناد للرياضة، وهما يقومان بضرب المتظاهرين بالعصي وشتمهم بأفظع الشتائم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «سألتهما لماذا تقومان بهذه الأعمال، فأجابا بأن هؤلاء المتظاهرين هم مندسون ومتآمرون، ولا بد من ضرب كل من يخون وطنه، لأكتشف في ما بعد أنهما على تواصل دائم مع أحد ضباط المخابرات».

وقد جرت العادة في سوريا في الفترة الأخيرة بأن يتم تبليغ العاملين في بعض مؤسسات الدولة بواسطة الأجهزة الأمنية بضرورة العمل في يوم الجمعة، ولكن ليس لأداء ما يقومون به في دوامهم الرسمي، بل يصار إلى جمعهم في مكان محدد وتسليحهم بالعصي الكهربائية و«الكرابيج»، ومن ثم يتم إيصالهم في شاحنات إلى أماكن الاحتجاجات والمظاهرات، حيث يقومون هناك بالتصدي للمتظاهرين وضربهم واعتقال بعضهم وتسليمهم إلى العناصر الأمنية.

ويستغرب فؤاد، وهو عامل نظافة يقطن في إحدى ضواحي العاصمة دمشق، «كمية الحقد» التي يختزنها من يتم تجنيدهم من قبل النظام ضد المتظاهرين، ويقول في هذا الإطار: «رأيتهم كيف تجمعوا فوق أحد المتظاهرين وانهالوا عليه ضربا حتى فقد الوعي، وحين جاءت سيارة الإسعاف لتنقله إلى المستشفى، رفضوا ذلك معتبرين أنه خائن ولا يستحق حتى أن تعالج جراحه»، ويضيف: «يقومون بتبليغنا كل يوم خميس بضرورة التجمع يوم الجمعة في مكان معين، ويأتي رجل لا نعرفه، على الأرجح أنه أحد عناصر الأمن، يشرح لنا أن هناك من يريد تخريب سوريا والنيل من الرئيس، ولا بد من مواجهته وقتله إذا لزم الأمر». وعلى الرغم من حضور فؤاد مرغما كل يوم جمعة إلى مكان التجمع، خوفا من الاعتقال في حال تغيبه، فإنه يحرص على عدم التدخل في ما يحصل.

وكانت الفنانة السورية مي سكاف، التي أُفرج عنها مؤخرا بعد اعتقالها مع مجموعة من الفنانين والمثقفين السوريين إثر مشاركتهم في مظاهرة معارضة في حي الميدان الدمشقي، لفتت إلى خطورة تجنيد شبان صغار وتعبئتهم بالكره ضد إخوتهم في الوطن. وحاصر مجموعة من الشبان «الشبيحة» القصر العدلي حيث كانت تحاكم سكاف وتم تهديدها بالقتل، قبل أن يتمكن بعض السكان من تهريبها إلى منزل قريب. ونتيجة ذلك، حمّلت سكاف الحكومة السورية، ووزير الداخلية تحديدا، مسؤولية الحفاظ على حياتها، وصرحت لوسائل الإعلام قائلة: «أنا مواطنة سورية والدولة السورية مسؤولة عن حمايتي».

يذكر أن «الشبيحة» يتكونون من مجموعات مسلحة ترتبط بشخصيات نافذة في النظام، كانت تحترف عمليات التهريب والسرقة وفرض «الإتاوات» على الناس قبل أن يتم استخدامها في الفترة الأخيرة من قبل النظام الحاكم في قمع المحتجين. وتختزن ذاكرة السوريين الكثير من القصص عن الممارسات غير الأخلاقية التي مارستها ولا تزال تمارسها هذه المجموعات.

ويحذر ناشطون حقوقيون من أن سياسة تجنيد الناس وتحويلهم إلى «شبيحة»، التي ينتهجها النظام، سوف تؤثر على النسيج الاجتماعي في سوريا وتسهم في التأسيس لحرب أهلية، خصوصا أن معظم الموالين للنظام ينتمون إلى طائفة واحدة.