جيران الصين المتنازعون معها على الجزر.. يستقوون بأميركا

واشنطن تدعو لحلول دبلوماسية.. وبكين ترفض رفع الخلاف إلى المحكمة الدولية

كلينتون تصافح وزيرة خارجية باكستان الجديدة حنا رباني خار على هامش أعمال منتدى آسيان في بالي أمس (أ.ف.ب)
TT

دعت الولايات المتحدة أمس البلدان «المشاطئة» لبحر جنوب الصين إلى حل دبلوماسي للخلافات حول المياه الإقليمية التي «تهدد السلام» في منطقة أدى احتمال وجود ثروات نفطية فيها إلى زيادة حدة التوتر بين بكين وجيرانها.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في جزيرة بالي الإندونيسية خلال اجتماع حول الأمن في آسيا، إن «الولايات المتحدة قلقة من أن تهدد الحوادث الأخيرة في جنوب بحر الصين السلام والاستقرار». وأضافت كلينتون أن «هذه الحوادث تهدد الحياة في البحر وتفاقم التوترات وتضعف حرية الملاحة وتشكل خطرا على حرية التجارة الشرعية والتنمية الاقتصادية». ورد وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي، بأن «حرية الملاحة في المنطقة مضمونة»، وأن هذه الخلافات «لا تؤثر عليها»، مؤكدا أن الدليل على ذلك هو التطور الاقتصادي في المنطقة.

وتتنازع الصين التي تعتبر بحر جنوب الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها، مع فيتنام السيطرة على إرخبيلي باراسيلز وسبراتليز حيث يعتقد أنهما تحويان ثروات نفطية وتعتبرهم طرقا بحرية دولية. وتطالب بسبراتليز أيضا، سواء جزئيا أو كليا، الفلبين وبروناي وماليزيا وتايوان. ودائما ما تتسبب مشاكل السيادة في وقوع حوادث. وتفاقم التوتر في الأشهر الأخيرة، بعدما اتهمت مانيلا وهانوي الصين بالقيام بتصرفات عدوانية. وقال مسؤول أميركي كبير: «في السابق، كانت مشاكل الصيد تحفز تلك النزاعات، وكان الوصول إلى المحيط يفجر نزاعات أخرى. والسبب الأساسي للتوترات الأخيرة مشاكل متصلة بالموارد».

وفي الشهرين الماضيين، اتهمت هانوي سفنا صينية بإلحاق أضرار مرتين بسفن تنقيب لمجموعة «بتروفيتنام» الرسمية. ومن بين اتهاماتها الكثيرة، انتقدت مانيلا أيضا «التحرش» بسفينة تنقيب. وقال وزير الخارجية الفلبيني ألبرت ديل روزاريو «أعتقد أن ثراء المنطقة على صعيد المحروقات قد يحفز الاهتمام بالمنطقة».

واستغلت الفلبين أكبر منتدى أمني لدول آسيا والمحيط الهادئ أمس لتنتقد الصين بسبب نزاع حدودي، واصفة مطالبة بكين بكامل السيادة على بحر الصين الجنوبي بأنها «لا أساس لها». وقال الوزير الفلبيني ألبرت ديل روزاريو إن الصين ارتكبت 7 «تعديات خطيرة» على الأقل في أراضي بلاده منذ فبراير (شباط) الماضي. وأضاف ديل روزاريو أنه «عندما احتجت الفلبين على التعديات، كان الرد هو عدم حدوث مثل هذه التعديات بسبب مطالبة الصين بالسيادة الكاملة على بحر الصين الجنوبي». وتابع أنه «إذا كانت حقوق السيادة الفلبينية يمكن التقليل منها من خلال هذه الادعاءات التي لا أساس لها، فإنه يتعين على العديد من الدول بدء التفكير في تهديد محتمل لحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي». وفي رد على تصريحات ديل روزاريو، نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن المتحدث باسم الخارجية الصينية، ليو وي مين، قوله إن تصريحات وزير خارجية الفلبين «لا أساس لها بشكل كلي ولا تعمل إلا على تعقيد المسألة».

واقترحت الفلبين في الفترة الأخيرة رفع خلافها مع الصين إلى محكمة الأمم المتحدة الدولية لقانون البحار، التي أنشئت في إطار اتفاقية الأمم المتحدة حول الحقوق البحرية. وتعهدت الولايات المتحدة بالدفاع عن الفلبين بموجب اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين البلدين. وتمثل هذا في دعوة واشنطن إلى ضرورة حل هذه الخلافات عبر اتفاقية الأمم المتحدة التي تفيد بأن الحدود البحرية تتحدد ابتداء من الأراضي ولا «ترسم فقط وسط المحيط»، كما قال مسؤول أميركي كبير. إلا أن الصين التي تدعم مطالبها بالمياه الإقليمية بـ«حقوق تاريخية»، رفضت رفع المسألة إلى المحكمة الدولية، وكررت أمس رغبتها في التفاوض بطريقة ثنائية مع البلدان المعنية. وتوصلت بكين وبلدان رابطة دول جنوب شرقي آسيا، على رغم كل شيء، إلى اتفاق هذا الأسبوع على الخطوط العريضة للتعاون في جنوب بحر الصين. لكن مانيلا أعربت عن الأسف لعدم تطبيق خريطة الطريق هذه التي لم تصبح بعد مدونة سلوك ملزمة قانونا. ووصفت كلينتون التي تؤكد أن واشنطن لا تنحاز في هذه النزاعات، هذا الاتفاق المتواضع بأنه «خطوة أولى مهمة» و«مشجعة». وطلبت أمس من الأطراف «تسريع الجهود للاتفاق على مدونة سلوك حقيقية في جنوب بحر الصين».

وفي تصريح من شأنه إغضاب بكين، أكدت كلينتون أيضا مرة أخرى أن حرية الملاحة «وحرية الوصول إلى المجال البحري الآسيوي وحفظ السلام والاستقرار» تشكل «المصلحة الوطنية» للولايات المتحدة، واصفة بلادها بأنها «بلد في المحيط الهادئ وقوة عظمى إقليمية». وقال وزير الخارجية الإندونيسي مارتي ناتاليغاوا، إن الصين تقدمت بعدة اقتراحات تعاون في بحر الصين الجنوبي في مجال الأبحاث وحماية البيئة وسلامة الملاحة البحرية وعمليات الإنقاذ ومكافحة الجرائم العابرة للحدود. وأضاف أنه على عكس السابق، فإن الصين أصبحت الآن تفاوض بصورة مريحة في أكثر النزاعات في اجتماع متعدد الأطراف. وقال: «لدي شعور بأن آليات اليومين الماضيين كانت أقل تعقيدا من عام مضى». وأضاف: «أعتقد أن المارد خرج من القمقم. إنه الآن في الخارج، لكننا نتعامل معه بأسلوب طيب».