القذافي يتهم ساركوزي بشن «حرب صليبية» ويدعو المصريين إلى «جماهيرية شعبية»

قال أن مبارك «رجل فقير ومتواضع»

TT

نفى العقيد الليبي، معمر القذافي، أن تكون هناك صراعات على السلطة في ليبيا، وقال في تسجيل صوتي جديد بثه التلفزيون الليبي، أول من أمس، إن ما يجري هو «مؤامرة استعمارية لغزو ليبيا واحتلال النفط، ثم احتلال مصر، ثم احتلال تونس، ثم احتلال الجزيرة».

ووصف الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، بأنه «رجل فقير ومتواضع»، و«يحب» شعبه، و«لا يستحق هذه البهدلة». وتوجه إلى المصريين قائلا: «نتوقع عندما أسقطتم أنتم الحكام أن الشعب يحل محله بنظام شعبي»، ودعاهم إلى إقامة «النظام الجماهيري».

أطلق القذافي تصريحاته المثيرة هذه، في وقت هزت فيه انفجارات جديدة، وسط العاصمة طرابلس وضواحيها الشرقية، غداة غارات لحلف شمال الأطلسي استهدفت مقر إقامة القذافي نفسه، الذي رأى فيها «حربا صليبية».

من جهته، ذكر التلفزيون الليبي أن «منطقة عين زارة (الضاحية الشرقية للعاصمة) تتعرض الآن - ظهر أمس - لقصف استعماري صليبي»، وهي العبارة التي يستخدمها النظام لوصف الحلف الأطلسي.

وتحدث مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، عن سبعة انفجارات عنيفة على الأقل، هزت وسط العاصمة الليبية، خصوصا منطقة باب العزيزية، التي تعرضت لعشرات الغارات من حلف الأطلسي، منذ انطلاق العملية العسكرية الدولية في ليبيا، في مارس (آذار) الماضي.

وكان التلفزيون الليبي بث، أول من أمس، تسجيلا صوتيا جديدا للقذافي، قال فيه إن «الشعب الليبي (...) ليس عنده صراع على السلطة ليس عنده مشكلة أبدا»، و«الذي تسمعونه هذا، عدوان خارجي ومرتزقة عاملتهم فرنسا وتنظيم القاعدة في المغرب العربي (...) والخارجون من السجن والمطرودون من الجيش».

واتهم القذافي الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بشن «حرب صليبية جديدة» في أفريقيا. وقال: «نحن بوابة أفريقيا ترس أفريقيا درع أفريقيا. أفريقيا كلها وراءنا ومعنا وتدافع عن الأمة الإسلامية وتدافع عن الإسلام أمام حملة صليبية أعلنها رئيس فرنسا بنفسه».

وخاطب العقيد الليبي المصريين قائلا إن الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، «رجل فقير ومتواضع» و«يحب» شعبه و«لا يستحق هذه البهدلة»، وأضاف: «أعرف حسنى مبارك.. رجل فقير ومتواضع ويحبكم. أنا أعرفه. لو كان ما يحبكم أو غير نظيف أنا أول من يهاجمه ويكشفه مثلما نكشف في الحكام الآخرين». وادعى القذافي أن مبارك كان «يشحت من أجلكم. يأتي إليّ يشحت مني عبارات من أجلكم (...) ويذهب للسعودية يشحت منها العبارات ويأتي يشحت مني في قاطرات القطار (...) ويشحتها من أي أحد آخر.. كله من أجلكم»، متسائلا «هل سيركب هو في القاطرات؟ هل سيركب هو في العبارات؟ بل لتركبوا فيها أنتم، هي لكم أنتم من أجلكم أنتم».

وأضاف أن مبارك، الذي اضطر للتنحي تحت ضغط مظاهرات شعبية كبيرة «بدل ما يكرم يهان»، لكنه «لا يستحق هذه البهدلة»، مذكرا بأن الرئيس المصري السابق «كان معرضا نفسه للخطر ليدافع عنكم ويموت من أجلكم، طيار يقاتل في القوات الإسرائيلية وهي تهاجم مصر».

وتساءل القذافي: «من ما زال سيخلص لمصر عندما يرى نهاية حسني مبارك (...)؟ من ما زال سيضحي أكثر من تضحية حسني مبارك؟».

وأضاف: «عاوزين رئيسا ثانيا وأن يكون هذا الرئيس سوبرمان يجيبوه من السماء هل سيكون أحسن من حسني مبارك؟».

من جهة أخرى، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن خبراء تقديراتهم بأن الهجوم الذي شنه الثوار الليبيون في الأيام الأخيرة التي تسبق حلول رمضان، لا يهدف إلى التقدم ميدانيا باستخدام القوة العسكرية، بل إقناع الموالين للعقيد معمر القذافي بأن قضيتهم خاسرة.

ويتحرك مقاتلو المعارضة، على الجبهات كافة في معارك متزامنة في مدينة البريقة النفطية (شرق)، وواحة القطرون الصحراوية التي تبعد أكثر من ألف كلم جنوب طرابلس، وفي مصراتة الساحلية، وجبال نفوسة جنوب غربي العاصمة.

واللافت للنظر في التطورات الأخيرة، ظهور دلائل على وجود موالين للمعارضة داخل العاصمة طرابلس. وهذا ما أشار إليه الهجوم الذي نفذ يوم الخميس الماضي، واستخدمت خلاله قذائف، وأسفر عن إصابة عدد من أعيان النظام الليبي.

إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن قوات النظام الليبي، شنت بعد ظهر أمس، هجوما بهدف استعادة السيطرة على بلدة غواليش على بعد نحو مائة كلم جنوب طرابلس، من أيدي الثوار الذين تمكنوا من صد الهجوم.

وقال مراسل الوكالة الفرنسية، إن الثوار نجحوا في صد القوات الموالية إلى بعد كيلومتر أو كيلومترين من غواليش، ووصل عشرات الثوار على متن آليات من مدينة الزنتان، أكبر قاعدة للثوار في الغرب الليبي، لمساعدتهم.

واعتبرت لينات نوشباشر، الأستاذة في أكاديمية ساندهارست العسكرية الملكية (بريطانيا)، أن «أفضل ما قد يحصل للمتمردين، هو أن يقع تمرد في القصر». لذلك أفضل ما يجب القيام به هو «إقناع الجيش الليبي بأنه لا يستطيع الانتصار»، كما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.

وتتأكد هذه النظرية في موقف المتمردين أنفسهم على الأرض. ففي البريقة مثلا، لا يبدو قادة الثوار مندفعين للزحف، ويقول القائد فوزي بوكتاف: «نقترب رويدا رويدا»، مؤكدا أنه يفضل أن يفر جنود القذافي أو يستسلموا بدلا من مواجهتهم مباشرة. وأكد بوكتاف، أن «الوقت لصالحنا، وليس لصالحهم».

وتنبع هذه الاستراتيجية جزئيا، من كون قوات الثورة ما زالت غير منضبطة، وتفتقر إلى التدريب والتجهيزات.

وقال تيريل: «نرى جيدا أنهم لا يخوضون سوى عمليات متواضعة لأنه إذا سقط لهم يوميا ما بين 10 إلى 12 أو حتى 18 قتيلا وجريحا، فمن البديهي أنها ليست معركة كبيرة وتقليدية».

وتشاطره نوشباشر الرأي بالقول، إن «تقدم الجبهة نحو الغرب في البريقة ممكن، شرط أن يتوفر مخزون من الوقود ومراقبة المجال الجوي، لكن لا أظن أن المتمردين يتحكمون في ذلك». كما أشارت إلى أن السير 8000 كيلومترا التي تفصل البريقة عن طرابلس يحتاج أيضا إلى مئات الآليات المدرعة التي لا يملكونها.

ويبدو أن المتمردين يركزون آمالهم على هجوم من مدينة مصراتة (215 كلم غرب طرابلس) حيث لديهم قوات أكثر خبرة واستعدادا.