قيادي كردي يشير إلى مطالبة الأكراد بالفيدرالية في سوريا

اتهامات كردية لرموز مؤتمر أنطاليا بالتحريض وإثارة البلبلة

TT

عبر مصدر كردي سوري عن مخاوفه من محاولات بعض الأطراف الكردية للترويج لسياسات تركيا في تعاطيها مع الشأن السوري ودعوتها لدور أكبر في رسم مستقبل البلاد، متهما أطرافا كردية بالتحريض وإثارة البلبلة في الصف الكردي، خصوصا في المظاهرة الأخيرة التي انطلقت بمدينة القامشلي يوم الجمعة الماضي، بينما أشار قيادي كردي سوري إلى أن «هناك توجها عاما لدى الشعب الكردي في سوريا للمطالبة بالفيدرالية، أو على الأقل بالحكم الذاتي للأكراد». وقال مصدر كردي، طلب عدم ذكر اسمه: «إن من حق الأكراد أن يتظاهروا ضد النظام بما يظهر هويتهم وخصوصيتهم القومية، فنحن شعب له قضية قومية عادلة، وأي تغيير ديمقراطي في سوريا ينبغي أن يعني أول ما يعني الشروع في اعتماد مقاربة سلمية وعقلانية لحقيقة وجود شعب محروم من أبسط حقوقه، ولكن للأسف هناك طروحات من أكراد مؤتمر أنطاليا وإسطنبول الداعية إلى تأجيل طرح القضية الكردية وعدم رفع الرموز والأعلام الكردية في مظاهرات المناطق الكردية، وهذه دعوة مردودة على أصحابها، ولعل ما حدث في هذه الجمعة خير دليل حيث ازدانت المدن الكردية السورية المنتفضة بالإعلام الكردية، وردد المتظاهرون النشيد القومي الكردي (أي رقيب)». وأشار المصدر إلى محاولات بعض القيادات الكردية بإثارة البلبلة، وقال: «الغريب هو محاولات مشعل التمو، أحد رموز جماعة أنطاليا الكردية، لتفريق الصف الكردي وإثارة البلبلة عبر ما فعله يوم الجمعة بالتحريض على المظاهرة الشعبية العارمة التي خرجت في القامشلي وشارك فيها الكثير من زعماء الأحزاب الكردية كالاتحاد الديمقراطي واليكيتي، بدعوى أنها تخدش حسه الوطني السوري الفائض بطابعها الكردي، حتى إنه انفصل ومجموعته الصغيرة عن المظاهرة، وعند اصطدامها مع القوى الأمنية لاذ بالفرار، مما اضطر المشاركين في المظاهرة الكبرى إلى التدخل لإنقاذ مجموعته المتظاهرة والوقوف معها ضد قمع السلطات»، وأضاف: «والأخطر في سلوك تمو هو الترويج صراحة لسياسات أنقرة في الوسط الكردي السوري، حيث يدعو إلى دور تركي في المرحلة الانتقالية في سوريا، بل وينظر إلى منطقة عازلة تركية على الحدود، مما يفسر تحريضه على الطابع الكردي للتحركات الشعبية في سوريا، ومحاولاته تمييع البعد القومي لأكراد سوريا تحت لافتات الأخوة والمواطنة وغير ذلك من شعارات كثيرا ما استخدمها البعثيون والكماليون للالتفاف على الحقيقة الكردية سواء في سوريا أو في تركيا، لذلك ننصحه بعدم الإيغال في هذا التوجه الخطير المناقض للمصلحة الكردية والسورية عامة».

وبعد تنامي الانتقادات الشعبية للأحزاب الكردية السورية جراء مواقفها المهادنة للنظام السوري، تتجه الأحزاب الكردية، حسب قيادي كردي سوري، إلى تصعيد المواجهة مع النظام، وتغيير مواقفها بشكل كامل لجهة دعم الانتفاضة الشعبية، والعمل من أجل تشكيل ممثلية كردية تأخذ على عاتقها قيادة النضال الكردي في هذه المرحلة.

ففي تصريح أدلى به القيادي في الحزب اليساري الكردي، شلال كدو، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أحزاب الحركة الكردية السورية جددت في اجتماعها الدوري الأخير وبناء على اقتراح من الحزب اليساري الكردي في سوريا، الدعوة لعقد مؤتمر وطني يحضره إلى جانب أحزاب الحركة الكردية، ممثلي مجموعات الحراك الشبابي الكردي، وكذلك الفعاليات الثقافية والاجتماعية لانتخاب هيئة تمثيلية تمثل الشعب الكردي في سوريا، وتتخذ القرارات المصيرية الهامة في هذه المرحلة التي يمر بها البلد»، مشيرا إلى أن «من شأن هذه الهيئة القيادية أن تقرر إجراء الحوار مع السلطة الحالية من عدمه، وبالتالي أن تقضي على حالة الارتباك والجمود، الذي يسيطر على الخطاب السياسي الكردي أحيانا كثيرة». وأضاف: «من غير المستبعد أن يحدد هذا المؤتمر أو الهيئة القيادية التي ستنبثق عنه، مطالب الكرد بشكل واضح بما لا لبس فيه. وفي هذا السياق هناك توجه شعبي عام، برفع سقف هذه المطالب إلى (الفيدرالية) أو الحكم الذاتي، على أقل تقدير، انسجاما مع ظروف المرحلة الحالية ومع الثقل السكاني للكرد في كردستان سوريا، وتماشيا مع ضغط الشارع الكردي السوري الذي لا يتفق مع مطالب وشعارات معظم الأحزاب الكردية العاملة على الساحة الآن، التي في معظمها ضبابية غير واضحة أو مفهومة وتتراوح بين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية، عدا حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يطالب بالإدارة الذاتية الديمقراطية للكرد في سوريا». وقال كدو: «تكاد أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا الـ11، أن تجمع على الانضمام إلى الحركة الاحتجاجية في المدن الكردية، وكذلك في سائر أماكن وجود الكرد في عموم البلاد إلى جانب الحراك الشبابي والجماهيري، وذلك في الأيام القليلة المقبلة، بهدف تفعيل دور الكرد أكثر فأكثر في الحركة الاحتجاجية المستمرة في سوريا منذ أكثر من 4 أشهر، وللمطالبة بحقوق الشعب الكردي المشروعة الذي يعيش على أرضه التاريخية، وبإجراء التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا».

وأشار القيادي الكردي إلى أن «هذا التوجه الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الإجماع الكردي يأتي بهدف تصعيد وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات، بعد أن تعرض أداء الأحزاب الكردية لمزيد من الانتقادات من بعض الأوساط الثقافية والشعبية الكردية والوطنية أيضا، بالإضافة إلى أن موقف الحراك السوري المعارض سواء كان بعض قوى المعارضة أو بعض التنسيقيات الشبابية من القضية الكردية، وكذلك من وجود الشعب الكردي وحقوقه في سوريا المستقبل، بات يستدعي مضاعفة جهود الكرد وتكثيف حراكهم وإثبات وجودهم بشكل أقوى بموازاة التطورات الدراماتيكية المتسارعة التي تشهدها مناطق البلاد الأخرى كالمحافظات الداخلية والعاصمة دمشق». وأشار إلى استمرار القمع الأمني ضد الكرد في مختلف مناطق سوريا، قائلا: «يستمر (شبيحة النظام) في تطويق حي ركن الدين الكردي في العاصمة، دمشق، منذ أيام، ويداهمون منازل الأسر الكردية الآمنة، ويدمرون محتوياتها ويضربون أصحابها من النساء والشيوخ والأطفال بشكل وحشي، ومن دون وجود أوامر قضائية تسمح لها بمداهمة البيوت وخلع الأبواب وتكسير المحتويات بحجة ملاحقة الشباب، في حين تتبجح فيه السلطات بأنها رفعت حالة الطوارئ وألغت الأحكام العرفية». وفي ظل توارد الأنباء عن عودة مرتقبة لرفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد وشقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، إلى سوريا، والإشارة إلى عقد المؤتمر القطري الحادي عشر لحزب البعث الحاكم في سوريا الشهر المقبل، واحتمال ترشيح رفعت الأسد لمنصب حزبي كبير كحل لاستقطاب الطائفة العلوية في خضم المظاهرات التي تعيشها البلاد، قال كدو: «إن الدكتور رفعت الأسد ارتبط اسمه في ذاكرة السوريين بتدمير مدينة حماه عام 1982، ولا يستطيع التأثير على الحركة الاحتجاجية بأي شكل من الأشكال، سواء تبوأ منصبا حزبيا أو حكوميا أو عاد إلى سوريا أم لم يعد»، مضيفا أن «هذه الخيارات التي يتخذها النظام، كالتسرع في انعقاد مؤتمر البعث، وكأن المؤتمر المذكور بلسم شاف لأمراض النظام وما يروج لعودة رفعت الأسد، وإبقاء أو إلغاء المادة الثامنة من الدستور، ومداهمات بيوت الكرد واعتقال شبابهم وبناتهم، وكذلك محاولات إحداث فتن طائفية وإثنية بين مكونات الشعب السوري، وقصف هذه المدينة الآمنة أو تلك، لا تؤثر على الحركة الاحتجاجية في سوريا أبدا، ولا يستطيع النظام تحجيم المظاهرات الصاخبة التي تتسع يوما بعد آخر، بقدر ما تزيد من تعقيد الوضع وتصعده أكثر فأكثر، وأن خروج الملايين من المتظاهرين يوم الجمعة في مختلف المحافظات، خير دليل على فشل كافة خيارات النظام».